استمروا / سيد محمد الامام

عندما يكون الهواء الذي تتنفسه ملوثا والارض التي تعيش عليها موبوءة والرجال من حولك فاسدون فان تعاملك مع فكرة التغيير بتردد وحذر سيكون مبررا لاشك ، لأنك لا تدري عدد الصراصير التي ستنتشر في الأرجاء اذا ابعدت هذا الغطاء ولا كمية البراغيث التي ستنبثق من الستائر ان ازحتها ، انك ايضا لا تعرف ما يوجد خلف الأبواب الصدئة التي لم تفتح لنصف قرن ولا ما في الصناديق البكماء ، اهي صناديق تين مجفف ام من ضمنها صندوق بندورا .
ان الفرق بين الحقيقة والخيال ان الخيال اكثر منطقية ، فهل نحن امة اسسها خيال ، لا منطق ولا قواعد ولا انساق تحكم اي شئ يحدث ضمن حركية كينونتها ؟
نعم ان الامور تسير الي الامام بشكل حتمي ، ان السير الي الامام ليس انجازا مطلقا ، علينا فقط ان نتكيف ونساير ونعمل على زيادة الحجم والوزن والصلادة والا سنصبح حصى ثم مع الوقت طحينا ومن ثم غبارا .
نحتاج في هذا البلد الي منح المسميات دلالاتها الحقيقية كاملة عندما نشرع في تأسيسها كمشاريع ، ليصبح المستشفى فعلا مستشفى شكلا ومضمونا والشارع كذلك والحي والبقالة ، ليس من المنطقي ان نطلق اسم (مول السعادة ) على ثلاثة اكواخ في ناصية شارع رملي ، في الولايات المتحدة مع بدايات النشأة كانو يبلطون الأرصفة والساحات العامة قبل الشوارع ، كانوا يحشون ادمغة الناس بالجمال عبر اتقان كل المنشآت العامة ، فعرف الناس الجمال ، وعندما تعرف الجمال فلن يستطيع القبح ان يأخذك الي القاعة مرة اخري .
و لأنهم بنو مدنهم علي اسس وافكار ، كانت صغيرة ولكنهم خططوا لها علي اعتبار انها مدن كبيرة مستقبلا ، مثلما تبنى العمارة لبنة لبنة كانوا يبنون مدنهم حيا حيا وشارعا شارعا ، كانت كل خطوة يقومون بها وليدة حلم بأمة لا تقهر.

الرجال من حولنا يجب ان يكون من طينة الرجال من حول بناة الامم الناجحة ، اهم رافعة لصناعة امة ، لا يقبل ولا ينبغي ابدا ان يكونوا فاسدين ولا انانيين ولا متهاونين او خونة ، ليست تلك الصفات المناسبة لتكون سائدة عنهم وعندما يحدث مرة ويضعف احدهم او يسقط اثناء تبادل لاطلاق النار بينه من جهة وبين رجال القانون من جهة اخري فانهم يضعون على تابوته ميدالية ويسوقونه للناس كشهيد لانهم يدركون اهمية الشهداء لإستمرار الأمم ، وعندما لا يجدون رجالا او قادة عظماء يصنعونهم لأنهم يعرفون ان الأمم لا تبقى اذا لم يكن لديها عظماء .
ان الفساد يفصح عن نفسه عبر نشر الفوضي في كل شئ في التعليم والاسعار والتوظيف علي السطح وفي الفضاء والأفق ، ان الوطن اما ان يكون بلدا سعيدا بفضل الرجال المنتشرين في مناكب الإدارات مثل قطع غيار الصغيرة التي لا يراها احد ولا تنفع الآلة دونها ، واما ان يكون مكبا بسببهم ، لكن اخفاء خيانتهم مستحيل ، فالقضية هي هل نسمح لهم بالإستمرار ام لا نسمح؟
ان المشاهد التي تراها وانت تتجول في مدن بلد ما ، هي تجسيد لحقيقة من يمتلكون زمام الأمور فيها ، يمكن للمدينة ان تكون فقيرة لكن عندما تكون قبيحة ووسخة فهذا يعني ان من يديرون الأمر خونة او بشكل اقل حدة انانيون للغاية .
عندما تدخل مبنى ادارة ما ، فان كل ما سيصادفك يعبر عن شخصية وحقيقة من يسيرها ، انها طريقة بسيطة لكشف جزء من حقيقة ما يدور من حولك بسيطة بساطة اقلاع أمة ، يقول تشرشل ان النجاح ليس نهائياً والفشل ليس مصيرياً المهم الشجاعة لمواصلة الكفاح.

13. سبتمبر 2021 - 19:13

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا