تزوير الشخصية، وتبني الألقاب لبناء سمعة زائفة والتخلق باخلاق الغير والتمثل والتبدل من حال الي حال ومن شخصية الي أخري.
بلادنا عجيبة غريبة، موريتانيا ارض يُفقص فيها بيض المتناقضات ، وتُـنتج فيها كل المفارقات، الفرد منا مطلع علي كل شاردة وواردة ، يتكلم في الطب في التكنولوجيا وعلم الفضاء، ويجادل اهل العلم والتخصص.. وهو الذي لم يكلف نفسه يوما ان درس او حصل علي شهادة تشفع لكلامه وتدعم نقاشه.. نحن أمة تعيب الواجب وتتبني العادة والشذوذ، نعيب علي الوالد مداعبته لاولاده ، ولا نعيب علي انفسنا اننا نكذب علي اوليك الاولاد انفسهم، ولا نَصْدق معهم ، نُعلّـق أسئلتهم البريئة ولكن العميقة ، فلا نرد عليهم بالجواب الصحيح ابدا. وهكذا يبدأ التصدع والخلل الحقيقي وهكذا يتربي الجيل علي ان لا يَصْـدُق، و ان يجحد الحقيقة، وان لا يكون صريحا مع نفسه ومع الناس وهو لا يزال في المدرسة الأولي التي يفرض ان تكون خالصة من العيوب، واضحة الدروب ، صافية نقية كصفاء ونقاء أفكار أولئك الصغار.. وهكذايكبرون علي الفكرة السيئة ، وهم يحْـلُمون بالمجد الزائف ، حتي إذا ما كبروا وعرفوا الحقيقة، مدّوا أيديهم الي مجد غيرهم ليقتلعوه اقتلاعًا ممن نالوه واكتسبوه بجدارتهم واستحقاقهم ومثابرتهم . كنا في موريتانيا نعيش كمجتمع واحد ، وأصبحنا الان نعيش كأفراد، ونمجد السراق فنسميهم الأبطال نصفق لهم ونشاركهم القصعة. أيعقل ان نعزم في بيوتنا السفلة، والمغنين والرياضيين والبهلوانيين في الوقت الذي يعيش فيه علماؤنا وراعوا نهضتنا و حضارتنا وطلابنا وباحثونا كالمتسولين ؟ يحملون أثقالهم وأثقال بلدهم، يجرون نعالهم البالية، ويأكلون طعامهم بلا ادام ..أيعقل ان تقلب الأمور والمعايير في بلدنا رأسا علي عقب، وتكون العمدة علي الجهلة والمنافقين الذين لا يبينون ولا يكادون يحسنون حديثاً. أيعقل ان نظل نصفق لأمر يستحق البكاء له او عليه، وان نركع في مقام يدعي الوقوف..لم يعد المقال عندنا يناسب المقام، ولا ردة الفعل تناسب الفعل، وهو طبعيٌ إذا ما ماتت القلوب وخربت العقول، وخلت الضمائر .. ان كل تلك الامور وشبيهاتها هي التي أثرت في كل نبض من نبضات قلب هذا الوطن، وثقّلت علي كاهله الحمل، وعقّدت وصعّبت عملية الإصلاح علي أولي الضمائر الحية، والقلوب الملآ بحب هذا الوطن. لاحظ معي انه حتي الكتابة لم تعد فنًّا يترك لأصحابه - وأي تخصص ترك لاصحابه أصلا في هذا البلد- حتي النشر في كل او جُلّ هذه المواقع المنسية والتي لا تعتمد أية معايير ، لا يكون الا بالمعرفة والجاه واحيانا برشوة تسهل نشر بعض من هذيان أنصاف الكتّاب وكاملي النفاق . وماهذا الا جزء من الفوضي العارمة، والعقول النائمة في البلد. فقد لاحظنا ان كل من ليس له شغل او تخصص او شهادة يلصق لنفسه وظيفة : صحفي..او كاتب .. فماذا عن الصحافة الحقيقيين ماذا سيكون لقبهم ووظيفتهم إذن. نحن منافقون، ونسرق أمجاد الغير لكسلنا مع تكبرنا وغرورنا بانفسنا المريضة وقلوبنا الميتة ، فمتي سنفيق يا قوم ؟ ومتي سنكون مثل متخلفي العالم الثالث علي الأقل ؟؟، فترتيبنا في اسفل السافلين لاننا تركنا ديننا..وكلنا نعلم ان "الدين المعاملة "، وقد قال ابن الخطاب " نحن امة اعزنا الله بالإسلام ان ابتغينا العزة في غيره اذلنا.." أليس من الإسلام ان لا نكذب أليس من الإسلام ان لا نسرق ولا نزور ولا ننافق ولا نرشي، ولا نأكل المال العام ، أليس من الإسلام ان لا نعبد الأصنام ، أليس منه أيضاً ان لا نجتمع كأمة علي الضلال.. أليس هذا بالحق..؟؟ أخْوف ما أخاف عليكم يا ابناء جلدتي ان يصدق فيكم قول المولي:" الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا..". مع سواد أفكارنا حول البلاد، ووصف أفراد شعبنا بما سلف من اوصاف فإننا نؤمن بالإصلاح ونؤمن أيضاً ان طريقه وعر وطويل ولكن مضمون الحصاد. ابو داوود.