التظاهر والاحتجاج أساليب حضارية ومشروعة للتعبير عن المطالبة بالحقوق، وحق ثابت يكفله القانون الموريتاني، لكن بشرط ان يمارس هذا الحق وفق مقصد القانون المشرع له، وألا يترتب على ممارسته ضرر، ذلك أن المقاصد تؤخذ من الأحكام، وأن الأحكام تؤخذ من المقاصد، فالغاية الكبرى من تشريع المقاصد هي أن يتحقق التوافق بين قصد المكلف وقصد الشارع، فمن قصد نقيض ما قصده الشرع كان بذلك مخالفا لمقتضى ما يستلزمه مبدأ الاستخلاف من طاعة وحكم بالعدل.
وطبقا لما سبق من المفاهيم قوية المبنى وثابتة المعنى، فلا مبرر لما وقع يوم أمس في مدينة اركيز من الشغب والعبث بالممتلكات العامة والخاصة، خصوصا أن التغطية بالكهرباء تصل 80% والعمل جار لتغطية الباقي في آجال سريعة، حسب الناطق الرسمي باسم الحكومة، بالإضافة إلى برمجة كهربة 11 قرية تابعة لاركيز، وفق تصريح الوزير المختار ولد داهي.
وعليه فإنني أهيب بشبابنا الفاضل، وخاصة المنحدرين من مدينة اركيز العريقة مهد العلم والثقافة ألا يغرر بهم، جراء استعطافهم من باب براءتهم، فالشباب أولى بحمل مشعل الإصلاح، وقيادة مسيرة تعمير البلاد ونفع العباد، بعيدا كل البعد عن التشويش والتشويه والتخريب، فهذا لا يليق بنخبة متنورة، تؤمن بالله واليوم الآخر، وتعيش في دولة مسلمة مائة في المائة، توفر لمواطنيها حرية التعبير بشتى الوسائل السلمية.
أبواب الإدارة الموريتانية مفتوحة أمام جميع المواطنين، دون تمييز، ووسائل الإعلام ووسائل التواصل والتوصيل متوفرة وتعمل دون قيود، إلا ما قيده القانون لمصلحة أقوى نفعا للعموم من إطلاق قيد الاستغلال السلبي المؤدي إلى المفسدة والفوضى، وبالتالي فلا داعي ولا مبرر للجوء إلى التحرك خارج الفضاء الفسيح المسموح به شرعا وأخلاقا.