تيتم الأدب الموريتاني نظريا مرتين الأولى بعد وفاة المرحوم الدكتور جمال ولد الحسن والثانية منذ وفاة المرحوم الدكتور جمال ولد الحسن الذي أسس لمنهج جديد طابعه العام جمع شتات الأدب الموريتاني وتدوينه اعتمادا علي المناهج النقدية الحديثة و تكريسا لثقافة وطنية جامعة تدفع إلي تنمية مشترك ثقافي من خلال بناء الذات الوطنية .. وماكان الدكتور جمال ليتمكن من ذلك كله في ظرف وجيز لولا السعة المعرفية المكونة لخلفيته الثقافية المتعددة المشارب ..فهو موسوعي الثقافة المحظرية حداثي الثقافة الاجنبية ذات المشارب المتعددة ...
اما اليتم الثاني فكان بوفاة الشاعر السياسي البارز كابر هاشم
لقد كان كابر هاشم مؤسسة في وعي شخص واحد تتدافع فيها المعارف الادبية والفنية والتراثية
وكان لغيره لا لنفسه مما مكنه من تكوين جيل من الشعراء ..
وبقيت عانس الأدب التعيسة تعاني ..
غاب ضياء الحداثة والبحث الدؤوب مع جمال فانهارت الحركة النقدية المواكبة للأدب وتيتم الشعر والفن والطموح بموت كابر هاشم
وإن كان اتحاد الادباء الموريتانيين بعد كابر هاشم بقي علي وتيرته تلك وقام بنشر بعض الكتب .
إلا ان مسار الأدب الموريتاني الآن يتسم بغياب العانس اليائس ! فلا نشاط يذكر لا ندوات .. لا مهرجانات أدبية ..لا صدى النوادي الأدبية
يعتقد المشتغلون بالأدب الفرنسي برئاسة الاديب محمد ولد بوعليبة أنهم قاموا بانزياح عن مستنقع العنوسة
ولم يجد المنشغلون بالأدب الشعبي بدا من محاولة الطلاق ضد من استباحوه من أدباء الثقافة العالمة فسعوا- إلي فصل الأدب الشعبي عن الادب العالم وكأنهم بذلك ينتصر ون للأدبَين ضد كابوس الضياع والاستباحة
لقد انشغل من هم خريجو جامعات وحملة دكتوراه بالكتابة عن المرويات التقليدية ..إما لكون بعضهم لايمتلك الوسيلة الكافية للتعامل مع المناهج النقدية بمهارة نظرا للضعف الحاصل في اللغات الأجنبية.. وإما لسبب آخر ..لكن المهم انهم انشغلو بماهو شعبي بدل أن يكون الأدب بمعناه العالم هو موضوعهم الاول ليبقوا في كنف المرويات وأحيانا التبراع ..
لايعني هذا ان المرويات لا تستحق الاهتمام !فقد كنت أول الداعين لجعلها في سياق التداول خاصة التبراع ..لكن عن طريق نشاطات تغري الفتيات من ذوي الفئات العمرية المعنية اصلا بالتبراع لتمكينهن من أساليب هذا النوع من الابداع..
وضع لم يجد أمامه أدباء الشعر الشعبي مفرا من أن يطالبو بالفصل بين الإثنين ، بطلاق بائن ربما خوفا من استباحة مجالهم !
هل كانت موجة الطلاق هذه كافية لتنسج حجب الظلام عن مجال الأدب العربي شعرا وقصة ومسرحا ؟
ام أن غياب تسيير شفاف للمصادر المالية -إن وجدت -كفيل بنسج تلك الحجب ؟
أم أن احتجاب الهيئات الثقافية العربية عن النشاط الأدبي في موريتانيا مثل آخر عتمة !
هل المهم ان تكون لنا هيئات ادبية ام ان الاهم ان تكون لنا انشطة أدبية
شعر ، قصة ،مسرح ،
لماذا لا نسمع عن لقاء أسبوعي للحوار حول اي اثر ادبي
لماذا لانسمع عن بعثات وأنشطة ادبية داخل البلاد من أجل زرع هواية الأدب وتعاطيه في صفوف الشباب؟
قد تكون تسوية أوضاع اتحاد الأدباء الموريتانيين دون اللجوء للقضاء بإشراف ناضجين تمثل أفضل الطرق من أجل حضور يناسب آمال وطموح بلد المليون شاعر.. والتي يجب أن تنتج مليون روائي و….حتى لا يتوقف العطاء عند الشعر وحده ..
إن الروايات التي أنتجها أدباؤنا قليلة حتى الآن إذا ما قورنت بغزارة الإنتاج الروائي عند غيرنا . لكن وضع عنوسة الأدب عندنا جعل هذه الروايات تسلك دربا قصيرا جدا من دار النشر إلى دار البيع دون أن توضع في سياق التداول
وضع غير مغر تماما إذا ما قيس باهمية الرواية في هذا العصر
من الواضح اننا مجتمع يكاد يختزل الإبداع الادبي في الشعر
لكن لم يعد ممكنا تجاهل أهمية الفن القصصي كأحد أبرز انواع الأدب وأكثرها التصاقا بهموم الناس ..
فمن المفروض أن تكون لنا نشاطات ترعى الإنتاج الروائي إبداعا ونشرا وأن تسخر وسائل الإعلام لذلك ..
من الغريب ان وسائل الاعلام الرسمية بيد أساتذة من اهل الأدب وكان الجهات الرسمية وضعت الأدب في اياد امينة ومع ذلك لا نرى النشاط الإعلامي يحاول تخفيف عنوسة الأدب !
والاغرب ان تكريم أربعة مبدعين موريتانيين جاء من خارج البلاد رغم الإمكانيات الهائلة نسبيا المتاحة لقطاع الثقافة بما فيه الأدب فهل تمنطق البعض علي هذه الإمكانات باستخدام الإيحاء اللفظي للتمنطق الذي يوحي بشد الحزام على مسألة معينة حتي تكون أثرا بعد عين كما يوحي أيضا بالعودة بالأدب إلي التقوقع المناطقي والقبلي وكلا الأمرين يخدمه هذا اللفظ ذي الإيحاءات التراكمية .. إذ يعني أيضا رباطة الجأش بمعنى ( اتفگريش ) الذي أصبح يعني في بعض دلالاته التكسب عن طريق الوظيفة ..ليس هذا فقط بل إن التمنطق تُستوحي منه بعض الفاظ الحسانية مثل "اتمطگ" اعليه اي اتي عليه كلا لا بعضا ..
فهلو تشكل لدينا أدب عن طريق توظيف النطاق من خلاله يمكن التسلي عن مختلف النشاطات الأدبية حتي نرضي من باستعادة مفهوم تم اختزاله لبعض الوقت في علم المنطق .