لفت انتباهي اليومي تلك المناورات العسكرية التي تقوم بها المؤسسة العسكرية في جانبها المتعلق بالبحرية الوطنية وسلاح الطيران خدمة لمقومات الأمن والتنمية في البلد،وأول ماتبادر لذهني هو ذلك الجدل الكبيرالقديم الحديث بين فقهاء الاقتصاد وأعلام المدارس الاقتصادية، اذ ينظر البعض منهم الى المؤسسة العسكرية والأمنية على أنها مجرد قطاع عقيم ،لا يضيف اي قيمة مضافة للناتج المحلي الإجمالي، في حين يرى الكثير من آباء الفكر الاقتصادي ورموز المدارس الاقتصادية أن القطاع العسكري يمثل حجر الزاوية في العملية التنموية لأن متطلبات التنمية ترتكز أساسا على الأمن والاستقرار، اللذين تعتبر القوة والجاهزية أهم مقوماتهما ولانه لاتنمية بدون أمن.
في هذا السياق أردت أن أكتب في هذا الموضوع الذي يمثل اليوم اهتمام الكثير من الباحثين والدارسين ومراكز الدراسات والبحوث.
وأبدأ هنا برأي أبو الاقتصاد آدم اسميث - الذي أتقاطع مه في هذا الطرح - حيث يقول مامضمونه:
( إن الدفاع أهم من الرخاء والازدهار ، فالقوة على صعيد الوطن أكثر أهمية من الثروة ذلك أن نقيض القوة وهو الضعف قد يؤدي ليس فقط إلى فقدان الثروة وإنما أيضا إلى فقدان الحرية وحتى الاستقلال ).
ان دور القوات المسلحة في العملية التنموية في عالم اليوم اصبح يتساوى في ادراكه الغبي والعاقل فالقوات المسلحة لا ينبغي اعتبارها مجرد تجمعات للمقاتلين تقتصر مهمتها على الجانب التقليدي ،بل هي مؤسسة تضم الكثير من الخبرات الفنية والإدارية تقوم على أسس من أهمها التأهيل والتدريب، كما تمتاز دون غيرها من القطاعات بقدر كبير من الانضباط والالتزام والقدرة على المتابعة، وبالتالي فالقوات المسلحة بالإضافة إلى كونها صمام الأمان ورمزاللسيادة الوطنية فهي أيضا ذراع الدولة في الظروف غير العادية وجهد اقتصادي في الظروف الأخرى.
إن المكانة التي يحتلها العسكر ضمن مقومات الدولة تفرض مستوى من التسلح وتطوير القوات المسلحة والعاملين فيها، وليس بالضرورة أن يكون ذلك على حساب التنمية الشاملة لأن استغلال القوات المسلحة ـ بخبراتها وكفاءاتها وتدريبها وتنظيمها في أوقات الرخاء يمكن أن يساهم في العملية التنموية عن طريق القيام بالعديد من النشاطات مثل : البناء، وتشييد السدود، والطرق، وتوسيع دائرة الاستفادة على النحو الذي يوفر موارد مالية و يوفر فائضا في ميزانية القوات المسلحة ويساهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي ويدعم الميزانية العامة ويحسن من وضع ميزان المدفوعات ويحد من الحاجة للموارد الأجنبية.
وأعتقد جازما أن المناورات العسكرية (درع الشواطئ )التي أطلقت اليوم تأتي في إطار السعي لتوفير مناخ ملائم يؤمن مسار التنمية ويدعم مقومات الأمن والاستقرار وتأمين الموانى والواجهات البحرية في ضوء التحديات المختلفة،وفي ظل آفاق التحول المرتقب حينما يتم تصدير أول شحنة من الغاز المبارك ان شاء الله.
ان حرص السلطات العليا على بناء قدرات الجيش الوطني والقوى الأمنية والحرص على قوتهما وجاهزيتهما يشكل بالاضافة الى الدفاع عن الحوزة الترابية الضمان اللازم للتنمية المستدامة، وطمأنة المستثمرين، كما يمنح الدولة قدرة التصدي بحزم للحملات الإرهابية وإشاعة الأمن والاستقرار في البلد و المنطقة عموما(الدفاع والتنمية ).