نحن أمة حباها الله بعطاياه ومننه ونفحات فضله العظيمة فجعل أرضها مبعث الرسالات السماوية من إدريس ونوح إلى المصطفى محمد الخاتم صلى الله عليهم جميعا وسلم فعلى أرضها سلم الله نوح وأغرق امته وجعل النار على إبرهيم بردا وسلاما وأخزى نمرود ومن معه وكلم الله على هذه الأرض موسى وكتب له الألواح ونجاه وقومه وأغرق فرعون وجنده في هذه الأرض تنزل جبريل عليه السلام بالقرآن على خير البشر النبي العربي و بلسان عربي مبين وجعله للخلائق طرا ابيضهم وأحمرهم وأسودهم وأصفرهم !!
فحملت الأمة الرسالة من أرض العرب وبلسانهم إلى كل البشرية بلا تمييز فاتحة للجميع يغترفون من معين الهداية وبركة ونور الكتاب العزيز وهدي السنة المطهرة فاقبلت الأمم أفوجا تحتضن وتتسابق لحمل راية الدين الجديد المتمم لما سبقه والهادي والمرشد والموجه لما هو آت وفتحت طريق صلاح الإنسان ورشاده بالعلم والعمل بالعدل والحزم فاستوعبت وطورت ما وصل إليه الإنسان بتجاربه العملية والنظرية جامعة فلسفة اليونان وتأملات الصينيين والهنود مع تجارب الفرس والمصريين وقواعد حكم البابليين فطور علماء الأمة باالقرآن مداركهم وقوموا وأضافوا موضوعات جديدة على ما كان سائدا واخترعوا في مختلف المجالات في الجبر وأنواع الحساب وفي الكمياء والطب و الزراعة وعلوم البحار وفي الموسيقى وشتى الفنون!!!
وحمل الراية في رحلة البناء والأزدهار للأمة رجال بررة صُبُرْ ارتووا بمابدئ الإسلام السامية من هدي منقذ الإنسانية وشفيع يوم الحشر تلقوا منه: "لاَ تَظَالَمُوا لِأَن الظلم ظلمات" "ولافضل لعربي ولاعجمي إلا بالتقوى" "لاضرر ولاضرار" "إنما الأعمال بالنيات" "الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات" "الحق ماطمأن إليه القلب والإثم ماحاك في النفس وخشيت أن يطلع عليه الناس" "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" جوامع كَلِم ومَنَابِع حكم حملها صادقون في ماعاهدوا الله عليه فبلغوا بالدعوة والمُثِل السامية أقاص آسيا وأواسط أوروبا وإفريقيا ناشرين العدل والمساوات وسبل صلاح الدنيا والآخرة!!!
واستمر التقدم ماستمرت الإستقامة والنقاوة والأمانة وعند الانحراف بدأ التقهقر سقطت جزيرة "صقلية" بعد قرون من التطور والازدهار ثم حلت الكارثة بسقوط أكبر وأعظم صرح عربي إسلامي في أوروبا ازدهر فيها العلم و جميع الفنون وبلغ من التطور مايعجز عنه الوصف سقطت الجزيرة الخضراء في أكبر مظهر للتدهور الذي أصاب الحضارة العربية الإسلامية سقطت الأندلس وبسقوط الأندلس استمر الانحدار وبدأت عيون الأوروبيين الباحثين عن الثأر مما مَرَّغَ فيه المسلمون والعرب أنوفهم في نواح أوربا يتهيؤون لغزو الإسلام في مركزه في أرض العرب فقامت الحملات الصليبية التي حشد لها وعبأ البر والجزر الأوروبية وشارك فيها أكبر ملوكهم ورغم التدهور الذي تعيشه في تلك الفترات دولة الإسلام والدويلات العربية المتفرقة والمتحاربة غالبا فقد تم التصدي للحملات الصليبية وسطر المقاومون في مصر والشام ملاحم بطولية لن تنسى و قدم المغول من المشرق وحطموا وأبادوا خلقا كثيرا وأحرقوا المكتبات وقتلوا الخليفة منهين آخر حكم للعباسيين في بغداد.. !!!
وانكسرت موجة هجوم الأعداء من الشرق دخل المغوليون في الإسلام و طرد الصليبيون في النهاية شر طردة بعد سلسلة طويلة من المعارك والحروب وبعد مئات السنوات تم فيها احتلالهم للقدس ومناطق واسعة من فلسطين و الشام!!!
ولم ينسى الصليبيون هزائمهم وقتل قادة عصاباتهم التي عاثت في أرض الإسلام فسادا وقتلا ولم ينسوا إذلال وأسر ملوكهم على يد بطل الأمة صلاح الدين الأيوبي فقررت ابريطانيا ودعمتها الدول الأوروبية غزوا صليبيا جديدا لفلسطين لكنه هذه المرة بواسطة اليهود فبدأوا من وعد بلفور ١٩١٧ بتهجير يهود أوروبا والعالم وتجميعهم في فلسطين نازعين أرض الفلسطينيين بكل الوسائل إبادة السكان وطردهم خارج فلسطين وداخل فلسطين في مناطق غير مناطقهم فقامت ابريطانيا مدعومة من الغرب الصليبي بمؤازرة ودعم العصابات الإرهابية الصهيونية لإكمال الجريمة وإنبات مجتمع مجمع من كل أنحاء العالم وزرعه في فلسطين دون مراعاة لحق السكان الأصليين في أراضهم وأراض آبائهم وآباء آبائهم ودون مراعاة للأعراف والقوانين الدولية لقد كان الغرب المجرم مشتركا بانتزاع فلسطين وبطرد سكانها وزرع أشتات ممن يدعون أنهم يهود من دول أوروبا
أما الظلم و عدم جواز طرد سكان فلسطين بالملايين وتجميعهم في مخيمات البؤس في الدول المحيطة بفلسطين ونزع أراضيهم وأراض الكثير من الذين لم يغادرو أراضيهم وانتزاع مزارعهم وقطع أشجار زيتونهم المعمرة فلم يعني للأروبيين والإمركيين شيئا فقاموا بتسمية هذا التجمع المزروع بدولة إسرائيل اليهودية و وفروا لها أسباب القوة والمنعة التي يقدرون على توفيرها..
وكان من الشروط الضرورية لأمنها فرض قبولها من الفلسطينيين الذين يمكن تدجين بعضهم بالمال وتضليل البعض بوعود زائفة وأكاذيب، ثم البحث عن توفير القبول لها من المحيط العربي ومن جماهير الأمة المشتة والموزعة في أشباه دول ومحميات وأنواع من الحكومات المسبحة بحمد إمريكا وأصاطيلها التي لم تحمل - يوما- للأمة عبر تاريخها إلا الشر !!!
لقد حركت إمريكا وإسرائيل ما أمكنهم تحريكه لحشد المطبعين المستعدين للتنازل عن حق الأمة في فلسطينها وقدس أقداسها وعن أرض الجبارين !!
أيمكن أن يبلغ الضعف والذل والعمالة بالأمة أن تعترف بالكيان الصهيوني وظلمه ومجازره؟ !! وهل يمكننا السكوت والتخلي عن فلسطين والأقصى وتلك الأراضي التي بارك الله حولها؟ ولوحدث وتخلى الفلسطينيون وتنازلوا عن حقهم في فلسطين هل نستطيع كعرب ومسلمين التنازل والتخلي عن فلسطين؟
إننا عربا ومسلمين لا نقدر على التنازل عن حق الأمة وواجب استرجاع كل شبر من فلسطين فلا يجوز ترك فلسطين لقدرها فمصيرنا جميعا مرتبط بمصير فلسطين قدمنا بحورا من الدماء عبر التاريخ حتى حررناها من الصليبيين وقدمنا بحورا من الدماء لمقاومة المؤامرة الحالية مذ بدأت مقدماتها في بداية القرن العشرين قدمت الأمة خيرة أبنائها من فلسطين ومن مختلف الأقطار لم يبقى قطر لم يدفع دماء لنصرة القضية وسمى قادة نضالنا طيلة القرن العشرين قضية فلسطين القضية المركزية إن التمسك بالحق والنضال لاسترجاعه قدرنا إنه قدرنا المحبب!! وسنستمر ندفع الأثمان التي يتطلبها تحرير فلسطين من البحر إلى النهر لن نلين لن نستكين .!!
أيمكن أن نقدم كل هذه التضحيات ونرى كل هذا الظلم الذي يعيشه إخوتنا كل يوم في فلسطين ونتحدث عن ( التطبيع) ؟ أيمكن لعاقل أن يطبع مع المحتل الذي لم يكتف بالاحتلال فقط بل اقترف من جرائم إلإبادة وسرقة الأراضي وتزوير التاريخ مايجعل مهمة التصدي له تتقدم على كل المهام..
وإذا نظرنا بتمعن سنرى أن كل عمل يضر الأمة من مشرقها إلى مغربها للعدو الإسرائيلي فيه يد في تفتيت السودان له يد وهو السبب في مشكلة سد النهضة وله أياد في تخريب علاقات المغرب العربي البينية ويحرك عناصر ضد وحدة موريتانيا لأنه يعلم أن الأمة العربية أمة واحدة وممتلئة بالحيوية ولن تنام على الضيم وستطرده عاجلا غير آجل كما طردت الصليبيين وكل الغزاة..!
أما الدعوة للتطبيع -النشطة الآن- فمحض هراء وسيعلم الذين يبررونها دينيا أنهم مخطؤون وفاشلون وأنهم أكبر إساءة للرسول من"ولد لمخيطير" لأن "ولد لمخيطير" اتهم الرسول في عدالته -عليه اللعنة- والمبررون للتطبيع يتهمون الرسول عليه الصلاة والسلام في عقله وحكمته ( نسأل الله العافية) فهم يريدون ترك المعتدي وتجاهل جرائمه، والرسول صلى الله علي وسلم رد على معركة مؤتة بغزوة تبوك في أصعب الظروف وأشد الأزمنة حرارة ورد قبل ذلك على اعتداء أهل مكة على حلفائه بغزو مكة وفتحها لو لم يكن ذلك الأفضل والأرشد والأنسب لما فعله البشير النذير!!! إن محكم الكتاب و هدي السنة واضحان في وجوب الدفاع عن الأرض والعرض وعن الدفاع عن بيضة الإسلام وغير ذلك زور وبهتان وتدليس وتلبيس!!!..
أما الذين يحاججوننا بقوة العدو وضعفنا فإنهم لا يفهمون الأمور ولا يعمقون النظر وإلا لرأوا أننا نحن الأقوى بالحق الذي معنا ونحن الأقوى بالعقيدة التي تفرض علينا الصبر وتعد شهداءنا بالجنان ونحن الأقوى بالعدد الذي سيستمر تأثيره يزداد. ونحن الأقوى بعامل الزمن وتغير الظروف فنحن اليوم نصنع أدوات قتالنا لانريدها من الغرب أو الشرق فلا منة لأحد علينا!!!. فلا نامت عيون الجبناء وعاشت فلسطين من البحر إلى النهر والخزي والعار للظالمين وعلى الباغي تدور الدوائر وسيعلم الذين ظلمو أي منقلب ينقلبون وليخسأ المطبعون المتخاذلون!!!!