عمل بحثي كبير ذاك الذي أعلنت عنه جامعة شنقيط العصرية، وهو عمل طال انتظاره بالمنهجية المقترحة من طرف الجامعة، وهو عمل كان على كل مؤسسة علمية في هذا البلد أن تكون قد رسمت له برنامجا علميا ضمن أنشطتها البحثية، شأنهم في ذلك شأن المؤسسات العلمية في البلدان المتقدمة ثقافيا.
أما وقد انتبهت جامعة شنقيط العصرية لهذا العمل الكبير النافع بحول الله، فأقول إن هناك بعض الأعمال التي سارت على هذا النهج منذ فترة، وسلكت مسلكا يعتد به في هذا المضمار، نذكر من بينها موسوعة العلامة المختار بن حامدن، الموسومة "بحياة موريتانيا" فقد جمعت كما هائلا من التراجم والمعارف عن هذا البلد، وقد نشرت منها بعض الأجزاء حسب علمي.
أما العمل الثاني فهو عمل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الموسوم هو الآخر ب"موسوعة أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين" فقد ضم ما يزيد على مئتين من أعلام هذا البلد، وقد أخذت على نفسها منهجا خاصا، وطلبت من الباحثين اتباعه، وهو منهج علمي رصين، يقدم العَلَم تقديما علميا، ويشير إلى أهم أنشطته العلمية، مذيلة له بالمصادر الضرورية التي يحتاجها الباحث إن أراد مزيدا من التوسع.
وأشير هنا إلى أنني شاركت في كتابة هذه الموسوعة بترجمة أحد عشر من أعلامنا الأجلاء. وقد صدر منها حتى الآن وحسب علمي عدة مجلدات ضمت مجموعة من أعلام البلد، وأدعو المشرفين على هذه الموسوعة أن ينظروا في مضمون تلك الموسوعة ويستفيدوا من منهجها العلمي الرفيع.
أما موسوعة الفتاوى التي عملها الباحث اللبيب الدكتور يحيى بن البراء، فقد ضمت جزءا للتراجم تحسن الإستفادة منه. ينضاف إليه معجم المؤلفين في القطر الشنقيطي، لسيدي محمد بن محمد عبد الله ولد يزيد، ففيه مجموعة من التراجم تضيف جهدا إلى ما قيم به سابقا.
أما الرسائل الجامعية التي عملت على إظهار الصورة الثقافية لبلاد شنقيط، فقد ضمت هي الأخرى أعمالا نافعة إلى ما قيم به سابقا، بل كانت هي اللبنة الأولى لوضع موسوعة ثقافية لهذا البلد، وتمتاز بالحصافة في الفكر ودقة المنهج.
وقد قمت بعمل في هذا المضمون وسمته "بمعجم أسماء المخطوطات الموريتانية"، ونزعت منه معجما لأعلام البلد وقمت بالترجمة لهم، ولا يزال العمل الأخير مرقونا بعد أن طبعت معجم الأسماء على حدة.
ولا يفوتني هنا إلا أن أشير إلى الكتب القليلة التى ألفت في التراجم مثل كتاب: فتح الشكور، لأبي عبد الله الطالب محمد بن أبي بكر الصديق البرتلي الولاتي المتوفى سنة 1219ه، ومنح الرب الغفور فيما أهمله صاحب التكرور، لأبي بكر بن أحمد المصطفى المحجوبي، وفتح الرب الغفور في تواريخ الدهور، لسيدي عبد الله بن محمد بن محمد الصغير بن انبوج المتوفى سنة 1300ه، وكلها تفيد في تجلية الصورة الثقافية لبلاد شنقيط.
وقد شاركت وزارة الثقافة في إثراء المكتبة التراجمية بترجمة لما يزيد على مئتين من الأعلام وأصدرته في كتيب صغير الحجم كبير المعنى.
ومهما يكن من أمر فإن هذا العمل تأخر كثيرا، فكان لهذه الجامعة فضل السبق في رصد تلك الصورة الثقافية لهذا البلد وجمعها ضمن مؤلف متكامل نتمنى له الاكتمال قريبا بحول الله.