منذ سنوات وانا اكتب عن اصلاح التعليم بعد افتتاح كل سنة دراسية ولكن لاحياة لمن تنادي!! على حد قول الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حيـًا# ولكن لاحياة لمن تنادي.
ولو نارٌ نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في الرماد.
اما الان وبعد ان ايقنت الدولة انه لا اصلاح بدون تعليم وأن مصير الأمم ومستقبلها مرهون بمستوى جودة تعليمها، فلا بأس ان اعرض لبعض الاقتراحات؛
طالعت ماكتب عن اصلاح التعليم في وَسائِل الاعلام المكتوبة والمقروءة والمرءية ونقاشها لاصلاحات 1967 ـ 1973 ـ 1979 ـ 1999م.
متناسين بقصد او غير قصد اصلاح سنة2005م المثير للجدل والذي اعتمد على حين غـُـرَّة من الدولة وقد رفضته دول الجوار ...!!
في السابق شكلت الدولة ما يعرف بمنتديات إصلاح التعليم وهو ماتسعى الى استنساخه في اصلاحها الجديد مع دعمه بالمجلس الاعلى للتعليم وكل هذا لا ارى انه سيأتي بنتيجة مالم يأخذ رئيس الجمهورية زمام المبادرة ويكون لجانا من الاسرة التعليمية تتشكل من التعليم الاساسي والثانوي والعالي قدامى ومخضرمين من المشهود لهم بالكفاءة العلمية والتربوية وكل مؤسسة تعرف فريقها ....
واليبدأ هذا الفريق اولا بمراجعة المناهج والبرامج التي تدرس وذالك بتشكيل لجنة لهذه المهمة متعددة التخصصات..فاكثرية البرامج لم تعد تواكب العصر وأصبحت من الماضي ولا تزال تدرس في مدارسنا النظامية ..!!!
لقد اصبح المعلم أو الأستاذ يحفظ البرنامج منذ سنين ..
بدون تجديد للمعلومات لان البحث والمراجعة وروح اامنافسة غائبة...
وهذا ما يؤدي إلى عدم إتقان المادة التي يدرسها المدرس
فلا يكفي في التدريس أن يكون الشخص تخرج من جامعة أو معهد..بل يجب عليه أن يواكب التطور العلميش والتربوي..الشيء الذي لم يحدث إلى يوم الناس هذا...!!
فالتدريس الجيد يلزم أن يكون الشخص يعرف المادة أو الكتاب موضوع التدريس...ثم توسيع طاقة الولوج من أجل تحقيق تعليم قاعدي للجميع بالرفع من مستوى الجودة عبر توفير تعليم جيد وأفضل..
أتذكر أنه في زمن تأليف كتاب العلوم الطبيعية للسوادس العلمية والرياضية عندما قرأت الكتاب وانا آنذاك رئيسا للجمعية الوطنية التأليف والنشر قلت للفريق الذي الف الكتاب بالمعهد التربوي الوطني بان لانطباع الذي سجلته عن الكتاب كأي مهتم بالقضايا العقدية بعد قراءة مضامينه و مقرراته : هو التشويش الذهني للمتلقي!!!
فمثلا: عندما تقرأ في الاستدلال العلمي ونظرية النشوء والارتقاء عند داروين ولامارك والصدقة والقوانين العشوائية ..وتنتقل من هذه النظريات إلى الآيات القرآنية في نهاية الكتاب بدون تمهيد للموضوع فان المتلقي سيعيش حالة من التشويش الذهني والخلط المفاهيمي ، حيث يتعذر الحصول على أي معلومة دقيقة أو إفادة في الموضوع والمنهج....
وقد كان لهذه الحادثة وقعا قويا في نفسي وكنت في كل مرة تراودني هذه الأسئلة وقد تطورت إلى اسئلة وجودية: عن الكون والإنسان.. والحياة..
وجاءت مؤلفاتي لاحقا جوابا عليها : معرفة الله دلائل الحقائق القرآنية والكونية الفائز بجائزة شنقيط للدراسات الإسلامية في نسختها الثانية سنة 2003م .
و دين الفطرة استنطاق الرياضيات والفيزياء بلغة انسانية المطبوع بالأكاديمية الاسلامية الهندية ودار المعراج بيروت لبنان2014م.
هذا مثال بسيط فما بالك بالبرامج الأخرى في الابتدائية والثانوية والجامعة فلن تستطيع استيعابها لغياب وحدة في معالجة المواضيع المختلفة والمتشعبة ...حيث نسجل الانتقالات غير السليمة من فلسفة ، ورياضيات وفيزياء وعلم أحياء واقتصاد وقانون وشريعة..الخ
وعدم تجانس تلك المواد مع المراحل العمرية
والدراسية..ومواكبة هذا كله بروح العصر وفقه الواقع فمازالت لفركفونية في مفاصل الدولة الموريتانية في الإدارة والتعليم بإنتاجها العلمي الهزيل و برامجها التعليمية المتأخرة ومناهجها واساليبها الفوضوية الارتجالية هي المرجعية كل هذا ترك الباب واسعا لإطلاق برامج ومناهج غير دقيقة ومتجاوز الى حد بعيد...
بالنظر الى رواندا التي انهكتها الحرب وكيف انها في ظرف وجيز حققت نهضة علمية غير مسبوقة حيث انها اعتمدت التدريس بالانجليزية مع انها كانت في ذيل الترتيب الاكاديمي!!
وكذالك الغابون المستعمرة الفرنسية السابقة تخلت هي الاخرى عن اللغة الفرنسية في الاسبوع الماضي واستبدلتها باللغة الانجليزية...!!
ان ضعف المستويات والتناقض في المناهج وتدني مستوى الكادر التعليمي وتدني الرواتب والعلاوات والامتيازات جعلت مستوى التعليم يتذيل نظيره في الدول العربية والدولية...
نرجوا آن تتدخل الدولة في إصلاح هذه البرامج التي هي الأساس والقاعدة التي يقف عليها التعليم.
ان عدم اعتماد اللغة العربية وإصلاح جذري للمناهج وتدني الكادر التعليمي والرواتب والعلاوات والامتيازات كل هذا يعيق اي إصلاح للتعليم.!!
لكن مادام ملف التعليم على رأس اولويات الرآسة فان الاسرة التعليمية باتت تتنفس الصعداء من اجل غد افضل.