ذكرنا في المقال السابق استحالة تأخر بدئ العلاج لثلاث مشكلات وطنية تتقدم في الاهمية وشدة الإلحاح على كل ما سواها وحاولنا بما استطعنا التعبير عنه ، إيضاح حجم المخاطر المترتبة على أي تهاون أو تأخير في مباشرة التعامل مع المشكلات الثلاثة:
أولا: مشكلة الوحدة المتمثلة في عدم المساواة بسبب ماضي الرق ومخلفاته وبسبب عقلية متخلفة تضع حواجز وتمايز بين الفئات مما أثر أشد التأثير على الانسجام والتلاحم داخل النسيج الاجتماعي..
ثانيا : مشكلة سوء الحكامة وتفشي الفساد وسوء تسيير الأمور التي جعلت التطور والتقدم شبه مستحيل مالم يتغير الواقع وتتأسس حكامة تتسم بالحكمة والرشاد..
ثالثا: مشكلة البيئة وتدهورها الذي كاد ينهي صلاحية جميع المساحة الوطنية لحياة طبيعية عندما أصبح التصحر يهدد آخر مناطق قليلة مازالت تحافظ على القليل من الغطاء النباتي وبقايا من مخلوقات تخلفت بعد إبادة اخواتها من الحيوانات والطيور التي كانت تملؤ هذه الأراضي!!
لقد أوضحنا خطورة وأهمية المشكلات الثلاثة بما ستطعنا وبما فيه الكفاية، لكننا لم نوضح كيف تكون المعالجة ولم نتوسع في تفاصيل توضح جوانب المشكلات المذكورة ؛ ولم نقدم مقترحات تشكل مشاركة في البحث عن أساليب المعالجة وطرق التفكير في الحلول وهو ما سنحاول : إذا تجاوزنا التوصيف إلى العلاج فإننا نرى بادئ ذي بدأ أن المسألة الأكثر أهمية هي وعي الموضوع ووضعه في دائرة الاهتمام عندها ستجري دراسته والبحث له عن حلول ولن يكون بعد ذلك - كما يقال إلا خيرا- ولايهم بعد التوجه للموضوعات هل يتم النجاح بسرعة أو لم يتم إن المهم أن يبدأ العلاج بشيء من العزم والتصميم !
إن الذي يبدو لي أن المشكلات الثلاثة لها من الاهمية مايجعل علاجها يتطلب إنشاء هيآت متخصصة ( لجان مثلا ) لكل واحدة من المشكلات:
أولا: تنشؤ لجنة عليا لعلاج مشكلة الوحدة و مخلفات الرق و التشنجات بين المكونات نتيجة الإرث الإنساني وغيره هذه اللجنة عليها وضع خطط وبرامج تستطيع الدولة بتبنيها وقيادة المجتمع لتطبيقها بدؤ خفض الاحتقان والتنفيس عن بعض التوترات في انتظار إزالتها وستكون جوانب من العلاجات عميقة بعيدة المدى وأخرى وقتية وآنية ومباشرة ؛ إن علاج المشاكل الاجتماعية البنيوية كعدم المساواة وسيادة التراتبية لايمكن دون تدخل وجهد تشترك فيه فعاليات المجتمع كلها مسنودة بتشريعات وفتاوي وتوعية وتوجيه يصحح الرؤية ويسهل حلولا تحمي المجتمع من اللجوء للعنف لحل مشاكل التفاضل وعدم المساواة فلابد من قرارات صعبة وجهد مضن لفرض المساواة والتكافئ ويتحتم إشراك المجتمع في عملية واسعة لتسوية العلاقات بين المجتمع و سيتطلب الأمر إشراك علماء الدين وخطباء المساجد والزعماء الجهويون منتخبون وإداريون وقادة الجيش وقادة الامن والقضاة وكل الفاعلين والإعلام الرسمي والخاص في عملية منسقة شاملة لتنهي انفصال المجتمع بعضه عن بعض وتشرعن وتفرض التزاوج المشترك ، وتنهي عدم ممارسة البعض لبعض الاعمال - تكبرا - لأن ذلك التكبر من بقايا عقلية العبودية وتوسيع تصحيح العلاقات في الريف وداخل القبائل ووجود حل لمشكلة عدم المساواة في التعليم ونظام التمدرس ..
ثانيا:ثم تنشؤ لجنة عليا للحكامة وترشيد التسيير وتضع خططها وبرامجها وتحدد النظم والقوانين الكفيلة بتصليح الفاسد ورسم أسلوب ونظام تستطيع الدولة بتبنيه علاج الخلل ووضع الأمور على الطريق الصحيح يتم اختيار الأطر المناسبين لهذه اللجنة وتكلفهم بدراسة المشكل ووضع تصور للحلول وللخطط والبرامج ومتابعتها حتى التنفيذ !!
وقد يكون من الضروري وضع تشريعات تحدد كوابح توقف ماكان سائدا من سوء التسيير مثل:
١- وقف استفادة مختلسي المال العام بما اختلسوا عن طريق مقاضاتهم واسترجاع ما اختلسو ولو تطلب الأمر قضاء أعمارهم كلها يقتطع من رواتبهم لاسترجاع ما اختلسوا
٢- تشريع قانون يحرم من تثبت عدم أمانته وأهليته من الترقية في الوظيفة أو أي تعيين جديد وحرمانه من الترشح لكل المهام العامة سياسية أو نقابية أو تشريعية أو بلدية !!
٣- اعتبار معايير للنزاهة تعتمد( من اين لك لك هذا؟) أي اعتباركل تملك يفوق راتب المسؤول وعلاواته سرقة تترتب عليها المساءلة واسترجاع ما اختلس وعدم اعتماد الأساليب السائدة الآن بدراسة الفواتير والصفقات فقط..
٤- اعتبار اي صفقة تراضي كبيرة أو صغيرة تتضمن سرقة وتحايلا تتم عليه المتابعة ..
٥- اعتبار كل توظيف للأهل والأقرباء وقرباء المسؤولين وكل توظيف بلا مسابقة واضحة ونزيهة عملا يتابع عليه المسؤول وتترتب عليه وصمه بالفساد وتخرمه من الترقي والتعيين والترشح لأية مهام سياسية أواجتماعية!!!
ثالثا: تكوين لجنة للبيئة من أكفاء ومتخصصين يضعون برنامجا قريب ومتوسط وبعيد المدى لمواجهة الحالة الكارثية للبيئة ومن الأمور التي نعتبرها مستعجلة :
١- إعلان قرار إحلال الغاز مكان الفحم في حميع الأستعمالات المنزلية على جميع التراب الوطني واتخاذ مايلزم من تنظيم واعتمادات لتنفيذ هذه السياسة!!
٢- حظر تقطيع الأشجار كلية وإحراقها لجعلها فحما وإيجاد بديل وتعويض الذين يعتمدون في معاشهم على الفحم.. ووضع روادع مناسبة ومراقبة حقيقية تمنع أي تجاوز للحظر.
٣- وضع خطة لتأسيس مناطق محمية تبلغ في مرحلتها الاولى أكثر من مئة منطقةفي كل التراب الوطني تتضمن مناطق أودية وغابات و"اغراير" يتم تسييجها بقوة ومراقبتها ومحاولة تنمية أشجارهاونباتاتها وحيواناتها
٤- وضع خطة وطنية للسدود الكبيرة على المجاري الكبيرة والصغيرة على المجاري المتوسطة والصغيرة، والصغيرة جدا لإعادة الماء للطبقات العليا من التربة ولمساعدة النبات على النمو في محيط تجميع المياه بالإضافة إلى فوائد أخرى( كعلاج مشاكل العطش المتفشية)!!! إن المسألة التي نرى ضرورتها هي جعل المسائل الثلاثة التي ذكرنا تصحيح العلاقة الداخلية وتقوية الوحدة.. وانهاء الفساد وتصليح الحكامة.. وعلاج البيئة ومشاكلها فجعل هذه المشكلات ذات أولوية هو الذي يوجب تكوين هيآت تشرف على وضع سياسات ومتابعة إجراءات تمكن من مواجهة المشكلات وحلها ان ماقدمنا من اقتراحات قد يرى الخبراء أمورا وحلولا وأساليب أفضل وأكثر فعالية منه المهم أن توجه البلد لحماية نفسه تتضمن -لاشك في ذلك - تصحيح السياسات وتحديد المسارات لاستعادة الأمل بوطن جدير بساكنيه وساكنين جديرون بوطنهم الذي يستحق الأمن والاستقرار والعدل والمساواة والنمو والتقدم والازدهار!!!!