أين الإصلاح الذي بشر به ،، أنصار الرجل / عبدالله ولد سدينا

لم تعد الأوضاع التي نعيشها اليوم تتحمل مزيدا من الصبر من قبل أغلب الموريتانيين ولا مزيدا من التجاهل من قبل السلطة، فهذه المرحلة التي تشهدها موريتانيا اليوم في عهد الرئيس  الحالي مرحلة خطيرة بفعل غياب الإصلاح وبفعل تجاهل قادة النظام لمطالب الآلاف من المهمشين رغم أن أنصار الرئيس الحالي والمندفعين لرؤيته على رأس السلطة بغض النظر عن دوافعهم رسموا في أذهان الناس قبل أن يتسلم الرجل مقاليد الحكم  أنه مختلف وأنه جاء لإنقاذ البلد وفرض الإصلاح.

 بينما الوقع الذي نعيشه اليوم وبعد عامين من حكمه يناقض كل ماروج له هؤلاء فقد انتظر الجميع بلهفة ما سيعلن عنه من مشاريع تنموية وفرص حقيقية في سبيل الرفع من المستوى المعيش وتحسين الأوضاع الاقتصادية، لكن للأسف تلاشى الأمل، وانهارت الثقة بين أكثر المتفائلين وهذا النظام، بشكل غير مسبوق، بل إن الغالبية العظمى من الموريتانيين وصلت لمرحلة اليأس بالفعل ولم تعد تصدق ماروج له البعض  من  قدرة الرئيس الحالي على إنقاذ البلد، فالسياسات التي اعتمد منذ قدومه لم تغير من البؤس الذي يعيشه الموريتانيون، وإنما كرست الوضعية المزرية التي نعاني منها منذ زمن.

وما زال البلد  يتذيل التصنيفات في جودة التعليم والصحة ويتصدرها في انتشار الفساد والرشوة كما  يأتي على رأس قائمة البلدان الأكثر فقرا في العالم، بالرغم من ثرواته المتعددة والتي تشهد استنزافا من قبل الشركات الأجنبية وسماسرة بلا ضمائر مقربون من النظام.

صحيح لا يمكن تحميل النظام الحالي المسؤولية كاملة عن مانعيشه من فقر وانتشار للفساد وانعدام للأمن لكنه أيضا يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية كونه لم ينجح في التغيير من الوضع البائس بل تضاعف العوز بين الناس وانتشرت البطالة أكثر في عهده.

 وفوق كل ذلك لم ينجح هذا الرئيس في تجسيد ماأعلن عنه في برنامجه الانتخابي من تحقيق للعدالة ومحاربة للفساد وإنصاف المغبونين  وهذا إخفاق كبير وانتكاسة مدوية لأن الموريتانيين انتخبوه من أجل التغيير وهو يؤكد في كل خرجة إعلامية أنه لا علاقة له بهذا الشعار.

 في حديثه قبل ثلاثة أشهر لقناة فرانس24 ظهر مهزوزا ومترددا كأنه لايشعر بالمسؤولية تجاه هذا الشعب المسكين، ولم يبدي أي تفاعل مع مانقل إليه من تطلعات الناس لتحقيق  تقسيم عادل لثرواتهم بل تفاعل ببرودة وجاء رده مخيبا لآمال الآلاف حين قال لانريد منهم أن يفكروا هكذا.

إذا أين التغيير وأين وجه الاختلاف في الرجل وفي نظامه وفي حكومته ؟

مادام الوضع هو نفسه شعب يترهل في قاع الفقر، ومتهمون بالفساد يديرون كبريات المؤسسات في تحد واضح و تدوير متعمد للفاشلين في مهمات سابقة، كل مايقوم به نظام الرجل هو الإصرار على تقفي أثر الأنظمة السابقة في تبني نفس الرؤى التي تسببت في تأزيم الوضع الاقتصادي وانتشار الفساد الإداري والرشوة وغيره من مظاهر مناقضة لمفهوم الدولة.

غزواني اليوم مطالب بتدارك الأمر قبل أن يخرج عن السيطرة فكل ما يطبع الخطاب السياسي اليوم من تهدئة وما يتباشر به السياسيون من هدنة مع النظام واستفادة بعضهم من تعيينات أو صفقات لا يعني للشعب شيئا والمواطن البسيط يفهم جيدا مدى تعلق النخبة السياسية بمصالحها الضيقة.

المواطن اليوم يعيش وضعا موغلا في التردي بفعل غلاء الأسعار وعدم توفر وسائل الحياة الضرورية دون تحرك من النظام.

  إن نبرة التذمر التي تطغى على حديث أغلب البؤساء في هذه الأرض اليوم ينبئ بخطر قادم، هذه الأصوات المبحوحة التي فقدت الأمل في الإصلاح يجب أن ينظر إلى مطالبها بجدية وامتصاص غضبها قبل أن يفوت الأوان. 

يجب على الرئيس غزواني أن يتدارك الأمر قبل خروجه عن السيطرة باتخاذ قرارات صارمة بخفض الأسعار وتوفير الأمن وخلق آلاف الوظائف لاحتواء الشباب الذي يعاني أغلبه من بطالة مستفحلة تكبله عن تحقيق أبسط أحلامه  كما فرضت على الآلاف منه الهجرة بحثا عن العيش كريم.

إن التودد للسياسيين لا يخفف معاناة مرتادي المستشفيات الوطنية من المعوزين، ولا يقلل من مآسي آلاف الفقراء العاجزين عن الحصول على قوت يومهم، بفعل السياسات الفاشلة المتبعة من هذه الحكومة وسابقتها،  فالبحث عن حلول للمشاكل الكبيرة أولى من التطلع إلى إرضاء ثلة من السياسيين.

25. أكتوبر 2021 - 8:10

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا