ترددت كثيرا و كثرا في كتابة هذه السطور، لأني جربت الحوارات السالفة، و نقاشات المعارضة و تبنيها لمعاناتي و آهاتي، و أيقنت أنها مجرد لوحات، تُجَمًلُ بها خطاباتها، و جربت دفاع النظام و انصاره عن كل خطوة من خطواته، أنها تعبير عن العمل من أجلي، تعبت سنين و سنين، تنتقل فيها آلامي و همومي بين إدعاء كل انقلابي على منقلب قبله، و تكون دباجة بيانه رقم 1، هي الحرص على تخليصي من كل الهموم و من كل الأوجاع، و أنه ضحى بحياته وحياة رفاقه من أجلنا نحن المهمشون.
سنين عديدة، ولم يتغير الواقع إلا سوء، فلا المعاش، و لا الراتب، و لا دخل العامل في القطاع الغير مصنف، أصبح قادرا على تغطية الأعباء المرتفعة يوم بعد آخر، إنما هي فوضى عارمة، و مسرحية نهاية كل فصل من فصولها مأساوية... إلى أن حط بكم سيادة الرئيس القدر في القصر الرمادي، و قطعتم العهد على أن الخلاص من الأوجاع والفقر و الظلم قادم، و أن للعهد عندكم معنى... و لأن الْحِمْلَ ثقيل، و النفق مظلم، وكغيري من البسطاء، تعلقت بخطابكم، و أصبح لدي أمل في أن التغيير إلى الأفضل ربما يكون على أيديكم. و حديث النفس يهمس في أذني لا تكن متسرعا، فالرجل واجه الكثير من الصعاب في بداية مأموريته - إرث ثقيل، و جائحة جأت على الأخضر و اليابس و، و ،و....- لا تكن متسرعا، فمهما طال الليل فإن فلق الصبح قادم...، و في الأذن الأخرى تتعالى أصوات معاول الفساد التي تضرب بقوة في اقتصاد بلدي ، و هيمنة أباطرة الفساد، على المشهد، وكأن يدا خفية تعمل لصالح هذا اللوبي القذر.
أملي كغيري من المهمشين، بدأ يتراجع أمام قوة الفاسدين، مما دفعني إلى كتابة هذه السطور لأضع بين أيدي المتحاورين، حقيقة معاناتي، و أن زوال الظلم و الفقر و التخلف، لا يمكن أن يكون على أيدي أكلة المال العام و حثالة من المتملقين يصفقون لكل قادم، و يكيلون اللعنات لكل مغادرة؛
أما الحقيقة الثانية فهي أن جزاء لصوص المال العام، يجب أن لا يقتصر على تعليق عمل أحدهم بعض الوقت، و يتم تدويره في منصب سامي في أحد جلسات حكومتنا الموقرة؛
و الحقيقة الثالثة، أن خطابات الفيئوية، و الجهوية والقبلية، لا تبني الأمم، و إنما هي تعبير في حقبة معينة عن ضعف الدولة، و الحقيقة الرابعة، أن المهمشين و المستضعفين لا لون لهم بعينه، بل من كل أصناف و فئات و قبائل الشعب، الفساد وَحّد آلامنا و معاناتنا، ضاعف من أعددنا نحن البسطاء المحرومون من ثروات بلادنا؛
و الحقيقة الخامسة، أن طريق البناء و التنمية، لا يمكن تعبيده إلا بالتعيلم و العدالة و الحرية، و لا يمكن تحقيق كل هذه الأهداف إلا بالتوكل أولا على المولى عز و جل، و مواجهة الفساد في كل قطاع بقوة و شجاعة، و ما هي إلا أيام من العمل الجاد حتى يسطر إسمك السيد الرئيس بالذهب في صفحات تاريخ المصلحين.
أرجوا منكم السادة المتحاورون، أن تضعوا، هذه الحقائق الخمسة في المحضر النهائي للحوار القادم، و أن تكتبوا بخط عريض، أن المهمشين و البسطاء، ما زالت معاناتهم تكبر و تتعاظم مع إرتفاع تكلفة المعيشة، و مازال المفسدون ينهبون و بوتيرة أسرع، و يرددون على مسامعنا أن هذا النهب المنظم ما هو إلا من أجلنا و أن هذا النهب ما هو إلا مشاريع مآزرة الضعيف، و بناء الطرق و الجسور و المدارس لصالحنا، و مكافحة جائحة كورونا،... لا يعوزهم التبرير، رغم أن الواقع واري للعيان طوابير الضعفاء أمام حوانيت أمل لا تخطيئوها العين، و جيوش العاطلين عن العمل تتدافع أمام شبابيك قيل أنها لتمويل فرص عمل، و أرتفاعات أسعار المواد الأساسية تطحن الفقراء ...
إكتبوا في محاضركم أيه المتحاورون أننا نحن
الفقراء المهمشين نعي أنه بالأمل تتجدد الحياة و أنه، مع كل تقييم علمي يقوم به السيد الرئيس لأداء الجهاز التنفيذي، و يطلعهم على أن نسبة الأداء كانت ضعيفة، يتجدد الأمل بأن المشاريع المسطرة في الميزانية قد يصل بعضها لأب خلف وراءه ذرية ضعافا يغالب عاتيات الزمن.
إكتبوا في محاضركم أيه المتحاورون أن أمل البسطاء في شخص السيد الرئيس قائما، و أنهم ما زالوا متشبثين بالعهد الذي قطعه في سبيل تحقيق العيش الكريم للجميع.
و تبقى سنة الله في خلقه خالدة.
( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ٱلصَّٰلِحُونَ ) صدق الله العظيم.