إلى أين تقودنا منظمة إيرا / سيد محمد ولد احمد

بادئ ذي بدء، أنا ضد العبودية ولا أرى إمكانية تواجد إنسان كعبد لإنسان آخر في ظل انعدام الأسباب الشرعية لذلك (كالحروب مثلا). وإذا أردت أن تعرف أن العبودية لم تعد موجودة تأمل في البلدان الإسلامية (مصر) مثلا التي يزيد عدد سكانها على 90 مليون نسمة، لا يوجد فيها عبد بالمفهوم الذي قد يوجد عندنا – ظلما وعدوانا، وإن كانت العدد قليل، لا يمكن التعميم به.

لكني في نفس الوقت ضد النهج التخريبي الذي تنتهجه منظمة إيرا، وأعذر بعض أفرادها نظرا لإكتوائهم بجمرة العبودية الخبيثة لكني أذكرهم بأن الإصلاح ضرورة يجب أن تراعى، وأن من يزعم أنه مصلح يجب أن يكون صالحا أولا، وإلا كان الحل حمل الدبابيس والهجوم على البيظان ظلما وعدوانا -أيضا، وتلك هي البربرية الحقيقة. ولا ينبغي الإغترار بالغرب الملحد الذي يشجع على الكفر وتحقير الثوابت والسفور، ويبث أفكاره الدخيلة التي لا أدل على غرابتها من مساسها بقيمنا وتتعارض معها. فذلك الغرب المنافق لا يشجعكم بقدر ما يشجع استعبادكم الحقيقي، وأن تظلوا –ومعكم عملاء البيظان الذي يسبحون باسمه في مراكز هذا الوطن المنكوب الحساسة- دائرين في فلكه مثل المغيبين حتى يسهل عليه نهب خيراتكم وهتك أعراضكم باسم العلاقات الديمقراطية وبغض الدين والسياحة الجنسية المخمورة. إن من المآخذ على طريقة تعاملكم مع قضية العبودية التي تزعمون أنكم تدافعون عنها –وهذا حقكم-، ذلك النهج المتشدد الذي يبدو من خلاله بحثكم المضني عن إثارة النعرات، والتطفل على موائد الفوضى، والإلتذاذ بسادية الإنتقام. وما تلك بطريق المصلحين الذين يقدمون المصلحة العامة للبلد على مصالح الأفراد المعدودين، ويجنحون للسلم أكثر.  أنتم أول من يعلم حقيقة هذا البلد القبلي البائس المبتلى بشرائحه الإجتماعية التي يربط بينها الإسلام ممثلا في المذهب المالكي، ذلك المذهب الذي أردتم الطعن في رموزه فرد الله كيدكم في نحوركم، وواعجبا من جاهل يسفه عالما!! وإذا كان اعتراضكم على أولئك العلماء هو على إقرارهم للعبودية وجودا أو أحكاما، فلماذا لم تعترضوا على الله سبحانه وتعالى الذي ترك العبودية في بداية الإسلام حتى ملك الرسول صلى الله عليه وسلم العبيد والإماء؟ نحن جميعا نعلم أن الإسلام ضد عبودية الإنسان لأخيه ظلما وعدوانا، لكننا جميعا نعلم أن للحرب بين افسلام والكفر أحكاما من ضمنها استعباد الناس. وهذا الإستعباد كان موجودا قبل حتى أن يظهر الإسلام. ولم تسلم منه امة من الأمم. والإسلام بريء من العبودية الموجودة الآن في موريتانيا لإنعدام مبرراتها. لكن هل فكرتم في أنكم تعيشون في مجتمع ناقص الوعي وقبلي؟ هل طرحتم احتمال أن يؤدي تشددكم وتعنتكم وكيلكم الصاع صاعين، ليس فقط لمن استعبدكم بل لكل من يشبه لونه لونه، هل طرحتم احتمال أن يتعصب هو الآخر وتنتصر له قبيلته المتجبرة؟ ما نتيجة ذلك على موريتانيا إن كنتم مثقفين؟ أليست التناحر والدمار، وضعف البيظان ولحراطين معا؟ للأسف إن طريقة تعاملكم مع ملف العبودية تسير بهذا البلد المسكين نحو ذلك النفق المظلم، ويبدو أن الدولة اعقل منكم إذ تتعامل مع الملف بنوع من الحساب. إخوتي الكرام، ليكن هدف الجميع في هذه الفترة الحساسة من تاريخ هذا البلد المنهوب هي أن يتحرر من بقي من بعيد، لكن بالتي هي أحسن، وبدون إثارة النعرات. ولا أظن مسلما واحدا يرضى باستعباد أخيه، إن أُفهم لا إن ضُرب أو عُذب أو بُصق على وجهه. وإذا كنتم انتم وراء العبيد فإن وراء غيرهم آلاف المتعصبين، فهل تسعون إلى إشعال الفتنة بين الناس؟ لقد أصبح الواحد منا يلاحظ الشراسة في نظرات توأمه الأسود أو الأبيض دون حتى أن تجمع بينهما معرفة سابقة، فهل هذا هو ما تريدون؟ أيها الإخوة الأعداء أنصحكم بترك هذه العصبية الحمقاء التي لا ينتهجها إلا المخربون. واجنحوا للسلم مثل كل المسلمين، واعلموا، وليعلم غيركم ممن أصبح يحقق وجوده بالهذيان في المظاهرات والتجمعات، أن أبواب الرزق أوسع وأكثر من باب النباح. ولي مأخذ على رئيسكم في تسميته لغيره بالبرابرة، أقول له من أي شيء إذا كان غيرك برابرة؟ وقوله: "لن نعطي أصواتنا لبربري بعد اليوم"!! بالله على المنصفين منكم هل هذا منطق أو أسلوب رجل يبحث عن الإصلاح؟ هل سيحل هذا مشكلة الحراطين؟ أيظن ذلك المسكين أنه بمثل هذه الشعارات الماسونية الجوفاء سوف يجمعهم حوله؟ هو واهم إن ظن أن التفرقة ممكنة بين عرقين متعايشين منذ القدم ويتكلمان نفس اللغة ويدينان بنفس الدين ويلبسان نفس اللباس ويأكلان نفس الطعام. ووالله إني لأتمنى للحرطاني من الخير مثل ما أتمنى لنفسي أو أكثر –لم لا- لسبب بسيط (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). وإني لا أميز بينه وبين العربي إلا بحسن الخلق، وقد ترعرعت معه، وأكلت وشربت وصليت. فهل يريد ذلك التائه المسكين أن يفرق بيننا بجريرة أفراد منا معدودين، يتفق جميع عقلائنا على ضرورة الخلص من جريرتهم، لكن بالتي هي أحسن، وهذا رأيي إن كنتم للرأي الآخر عندكم حرمة. يا أخي المسكين فكر في نفسك، أمامك جنة عرضها السماوات والأرض فيها النعيم كله، لا موت فيها ولا أحزان، ولا غل ولا حسد، ولا ضعف، ولا نقص في شيء حتى الزمن باق إلى الأبد. فو الله ما أتعبنا في هذه الدنيا إلا هذا الغل الذي سينزع من صدورنا جميعا يوم ندخل الجنة إن شاء الله. واعذروني على هذا الخطاب فإن قلمي يقطر غيظا من تصرفات بعض أبناء هذا الوطن الذين يسعون إلى نهشه بأنيابهم. وهم يحسبون أنهم متنورون.

سيد محمد ولد احمد [email protected]

14. فبراير 2013 - 3:30

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا