لماذا لا نرى ما يجري حوارا ؟! / التراد ولد سيدي 

طالبت المعارضة بالحوار والحث في الطلب وأكثرت التلميحات والإشارات قبل أن تتحول إلى تصريحات حول الحاجة للحوار وقبلت السلطة الحوار بعد فترة من الصمت الذي يشبه الرفض ومن التساؤل عن جدوى الحوار وهل هو حوار أو تشاور فبعد فترة من التردد أوالتريث قبلت وبذلك اجتمع القوم معارضة ونظاما على التوجه لهذا الحوار إنهم يريدونه وينخرطون فيه وبعضهم متحمسون وهكذا بدى أن الطيف السياسي ومن مختلف الاتجاهات والمشارب يلتقون و يتحدثون وكأن الجميع مشتركين بشكل أو آخر !!
كل ذلك ونحن لانزال نفتقر إلى معطيات وعناصر ملموسة نستدل منها على جدوى الذي يجري، ونتأكد حقيقة مما يستهدف المتحاورون فعلا من حواراتهم ؟ وأية موضوعات تحظى بالأولوية في الدراسة أو البحث؟ وكيف يجري هذا الحوار ؟ أية مبادئ اعتمدت في البحث والنقاش إذا كان هناك بحث أو نقاش ؟
إننا بمستوى الاطلاع الذي عندنا لم نتوصل برأس خيط يوصلنا لفهم المغزى من التقاء الآراء والأتفاق بين أطراف لايمكن تصور التقائها على هذه المسألة التي سموها حوارا فكيف يلتقي جديون يتمتعون بمصداقية ولهم مبادئ ورؤى وإدراك لمشكلات الواقع وغوغائيين سطحيين لايرون أبعد من أنوفهم ولايهمهم سوى المشاركة في أي شيء إن لم يكن للاستفادة المباشرة فللظهور لعل وعسى يفضى أو يكون سببا للأستفادة.؟!
فليس هناك من لا يعلم أن لدينا مشاكل يستحيل حلها ما لم نتعاون جميعا ويعلم أننا نحتاج في ظروفنا الحالية لتكوين جبهة عريضة لنتمكن من التغلب على مآزق أوقعتنا فيها مرحلة طويلة من الاستمرار على سياسات خاطئة حتى أوصلتنا إلى واقعنا الحالي الذي نحتاج فيه إلى إيقاف التدهور أولا ثم استأناف الإصلاح بعد ذلك، وهذا يتطلب تعبئة شاملة وتعاونا واسعا، ونعتقد أن ما يجري الآن لايسير في نفس المنحى وليس لديه الطموح لتعميق التعاون بحيث يتم بحث أسس جبهة وطنية لمواجهة المشكلات التي تتطلب ذلك، لم نسمع رأيا ولا إشارة من السلطة أو من المعارضة يطرح الحاجة إلى هذا المستوى من التعاون وإذن نحن أمام مشكلة غموض المقصود بهذا الحوار!!
إذا كان المطلوب التحدث عن قضايا تحتاج العناية وتتطلب مزيدا من الاهتمام فهذا لانحتاج له جلسات حوار إن قضايانا التي تحتاج العناية ومزيد الاهتمام بالمئات إنها كثيرة جدا تبدؤ من حالة الوحدة الوطنية شديدة الهشاشة وحالة البيئة شديدة التدهور وسوء الحكامة والفساد الذي أهلك الحرث والنسل والفقر المدقع الذي يندر مثاله والجهل وسوء حالة التعليم وتهميش اللغة الرسمية واللغات الوطنية وحالة الصحة وفوضى التطبيب واعتمادنا على الخارج ورسوخ تزوير الأدوية عندنا وعجزنا عن استغلال نهرنا ومصادرنا المائية للأكتفاء بالزراعة وشمول العطش ونقص المياه لجميع مناطق الوطن وسوء وضع الثروة الحيوانية والثروة السمكية التي تكاد تنتهي بسبب سوء الاستغلال وعيوب ونواقص سياساتنا التعدينية وضعف بنانا التحتية لا طرق لاصرف صحي لاجسور لا سكة حديديه للنقل العام وإن لكل حزب أو جهة وجهة نظرها ومسطرة أولوياتها لأهمية المشكلات حسب رؤيتها أو رأييها ولا تستطيع أية جهة تحقيق رؤيتها إلا إذا أتيحت لها فرصة الحكم والسلطة التي لديها الحكم الآن لديها تصوراتها وبرامجها ولاتحتاج لتعاطي أو نقاش حول نوع الحلول لأنها تمارس تسيير الأمور طبقا لما ترى وتستطيع إن من السذاجة المفرطة أن تجتمع وفود في جلسات حوار موضوعها الحديث عن مئات المشكلات والقضايا دون وضع خطط للعلاج وأدوات متابعة وهذا يستحيل وضعه بين من لا تربطهم علاقات فالأجتماع للحديث عن قضايا ثم الافتراق دون إنجاز شيء أو تقرير شيء أو تقدم شيء يختلف عما كان عليه الحال ليس أقل من مضيعة للوقت فيما لاطائل من ورائه.
إننا في تفسيرنا للدوافع لطرح هذا الحوارنرى أن هناك أمورا معقدة تعترض سبيل الأحزاب التي تسعى للتأثير في الجماهير والتوصل عبر الصناديق لممارسة السلطة بالتناوب الديمقراطي الممكن نظريا في السناريو الواقعي للتناوب على المسؤوليات هذا السناريو وقفت تعترضها معوقات لاحول لأحد ولاقوة له عليها إن السلطة في بلادنا وبلدان كثيرة أخرى تعطى الحرية للأحزاب في التكون لكنها تقطع الطريق أمامهم في التأثير حيث تسخر وسائل الدولة كلها التوظيف والريع كله لخدمتها فكل الموظفين تحت رحمتها والتعيينات لها وتخص بها الموالين لها والمتعاملين مع الضرائب والجمارك من التجار وغيرهم والباحثين عن التمويل لمشارعهم الكبيرة والصغيرة كلهم تحت رحمتهاكل المصالح تسيطر عليها الدولة وتجعلها من نصيب الموالين لها حتى أصبح الشعب في شبه حظائر مسيجة يستحيل على الأحزاب الوصول لها والتأثير عليها ويصعب عليها التوسع والتقدم وأحرى الوصول للسلطة، هذا الوضع جعل في الوطن حزبا واحدا هو حزب الدولة له حجم وإمكانيات وسوى ذلك مجموعات تعيش في الجدب بالكاد تحافظ على بعض الثابتين ولا أمل لها في التقدم والتوسع !!
هذا الوضع تسبب في مشكلات لأحزاب المعارضة التي تتشظى في كل مرحلة وتنتقي السلطات ماتشاء من أفرادها الذين لايتحملون الجفاف وشظف المعاش
هذا هو السبب في التفكير في الحوار ليس لأنه حل وإنما لأنه شيء غير الواقع الذي تعيشه الأحزاب المأزومة.
إن الحوار يتطلب موضوعات حوار واضحة وأهدافا يبتغى الوصول إليها وهذا لايتوفر في حوارنا الحالي لقد كان قبول الدولة للحوار من منطلق أنه في الوقت الذي يلبي مطلب بعض أطراف المعارضة التي تطالب به فهو لن يضر السلطة ولن ينقص من قوتها إذا لم يزدها قوة لكنها لاترى فيه سوى التجاوب مع أطراف تطالب به!!
هذه دوافع الحوار كما نراها عند المعارضة وعند النظام وإذا كانت هناك أسباب أخرى أو دوافع لم نعلمها فلن يسيؤنا الاطلاع عليها ونعتقد أن هناك أمورا لو اقتصر النقاش والحوار عليها فستكون مفيدة :
١- أن تجري دراسة كيف يمكن تخفيف الحصار على المنتمين للمعارضة وجميع الأحزاب فيطالبون باالتعينات وفي المشاركة في الريع العام.من مصالح وفوائد.
٢- عدم استخدام الضرائب والجمارك ضد منتسبي المعارضة وجميع الاحزاب وتهديدهم في مصالحهم وانتزاعهم من أحزابهم بالإغراء والتهديد.
٣- زيادة الشفافية في الانتخابات بإشراك المعارضة في العملية الانتخابية و ضمان حيادية الإدارة وعدم مشاركة المسؤلين الكبار وتحييد وسائل الدولة سيارات وشركات ومؤسسات.
٤- زيادة الحرية وعدم التعرض للمتظاهرين والمدونين والصحافيين..
هذه أمور من أمور أخرى كثيرة لو عمق فيها البحث لكانت أيام الحوار الجارية أكثر جدوائية وتستحق التحدث عنها بصفتها جهدا يدخل فيما يهم الوطن والمواطن أما عموميات وكلمات متقاطعة واستعراضات خطابية في موضوعات مفتوحة بلا ضابط ولا حدود تستمر أياما وتنتهي المسألة وكأن شيئا لم يكن فهذا لا يناسب بلدا تتعدد مشاكله وتتعقد دون بصيص أمل في وعي وروح مسؤولية يناسب الظروف الحالكة التي نعيش !!!

2. نوفمبر 2021 - 10:12

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا