عن الوطن ووحدته والشعب وهويته / سيدي ولد محمد فال

وحدة الوطن تُضمن أساسا بوحدة الشعب وتلاحمه، وتعزز لحمة الشعب بإحياء هويته الجامعة، والهوية هي؛ حاصل تلاحم الثقافات التي انصهرت في هوية واحدة عبر التاريخ بمعطياتها الدينية والثقافية، فتشكلت كهوية أصيلة شعب يجمعه الدين والأواصر والعادات والتقاليد، على أرض واحدة تنافس الجميع عبر قرون في الذود عنها وإحيائها وحبها والعيش عليها.. 

وضرورة حماية الوطن وحدة شعبه، وحق الوطن على كل الشعب الالتحام من أجل وحدته وأمنه واستقراره، وصد المنافذ على المتربصين به من الأجانب الأعداء وكل من يروم إفساد لحمة الشعب الموريتاني عبر شروخ الألوان آو الألسن آو المصالح الضيقة.

وموريتانيا، شنقيط التاريخية بامتداداتها في كل الاتجاهات، وطن لجميع الموريتانيين، منذ قرون ما قبل الاستعمار، وجد هذا الشعب على هذه الأرض، يجمعه دين واحد وهوية عربية واحدة، وظل التعدد اللوني والعرقي موضع إثراء وتعزيز للحمة، حيث كانت الثقافة تمتزج بين مكونات الشعب، لوحدة الدين واللغة الأم، التي تعلم بها الجميع تعاليم دينهم واعتزوا بها، وجميع المسلمين والمؤمنين بالله يعتزون باللغة العربية، لأنها لغة مقدسة بكلام الله، ولأنه منذ فجر الدعوة العربية الإسلامية، وبَعْث نبي الرحمة للعالمين محمد بن عبد الله العربي صلى الله عليه وسلم، كانت اللغة والهوية العربية بديلا للمسلمين جميعا عن غيرها، لأن الجانب الروحي للشعب المسلم يتحول تلقائيا الى العروبة كثقافة والعربية كلغة أصيلة ولسان الدين، ولأنها ثقافة الدين الجديد بخلاف الألسن الأعجمية الأخرى، والتي كان اغلبها الحادي، اذ يقول الله تعالى في محكم التنزيل : ( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي، وهذا لسان عربي مبين) ولعل الامر تعدى ذلك بالنص القراني حين وصف الله تعالى الرسالة العربية الإسلامية بأنه : (حكم عربي ) ..

ولم يوجد عبر التاريخ، نفور أو عداء للعرب واللغة العربية ، إلا من الشعوبيين (المتنطعين بالدين والمنتصرين لإمبراطوريات ما قبل الإسلام) رؤوس الفتن في أمة المسلمين، وهم معروفون، وليس تفكيكهم للشعوب المسلم بالدعايات العرقية بينها، إلا حقدا وعداء على رسالة العرب الخالدة الإسلام، تماما كعداء يهود لدين الله في الأرض، وما هم إلا أعداء كما عرفهم التاريخ للإسلام والمسلمين.

اللغة والهوية العربية لموريتانيا، هي ليست ميزة لونية آو عرقية، إنها ثقافة وأصالة ودين جامع للعرب والموريتانيين، فعلى امتداد الوطن العربي، وفي الأقطار الأخرى، توجد في كثير من الدول ألسن متعددة وأعراق متعددة، لكنها متوحدة في إطار هويتها الجامعة، وحتى في الدول المسلمة غير العربية جغرافيا ضمن الوطن العربي، هناك دول تنطق وتتعلم وتعتز باللغة العربية كلسان فصيح ولغة الدين، فليست هناك خصومة بالأحرى بين مكونات الشعب الموريتاني مع اللسان العرب أو مع الهوية العربية، كل الموريتانيون، درسوا اللغة العربية، ونطقوا بها، وتعلموا بها أصول وفروع دينهم وعباداتهم، في محاظرهم منذ قرون؛ متكاملين كشعب في صناعة حضاراتهم رغم تحديات الطبيعة

والتفاوت الطبقي الذي كان حاصلا في المجتمع الموريتاني، أو الممارسات غير العادلة، والتي عرفتها جميع المجتمعات البشرية، هي حالات مرت بها الإنسانية جمعاء، وانتفت أسبابها ومبرراتها، وجرمت بكل القوانين والتشريع والمنطق، ولم تعد مدعاة لخصومة مع الهوية واللغة، ولا مجال للتنافر بين اللغات والألسن الوطنية لمكونات الشعب

لذلك فعلى الموريتانيين، جميعا، الجلوس والتفكير في تاريخهم المجيد وأواصرهم وارتباطهم بأرضهم، ليُعيدوا للعقل الجمعي الوطني بريقه ورزانته، ووعيه بمخاطر دعاة التفرقة والعنصرية، والمتطاولين على الهوية الجامعة والدين السمح واللغة الرسمية واللغات الوطنية الأخرى، وكل ثقافات وخصوصيات الشعب الموريتاني عبر تاريخه 

أن الوحدة الوطنية ضرورة يجب أن تعزز باللحمة الاجتماعية والعودة إلى الهوية الجامعة للشعب، الممثلة لكل ثقافاته وألوانه، بلغته العربية الرسمية ولغاته الوطنية كافة، وعاداته وتقاليده وأصالته عبر التاريخ التي تميزه وينفرد بها، فهي هويته التي لا تتشابه مع هويات دول أخرى ولا شعوب أخرى

لذلك وفي خضم الحراك السياسي من أجل حوار سياسي مجتمعي، وما أثير في وجهه من زوابع الإرجاف، لزعزع قناعة الموريتانيين بهويتهم ووحدتهم، كتبنا لإحياء النقاش حول الهوية واللغة العربية واللغات الوطنية، وأواصر الثقافة والدين بين مكونات الشعب عبر التاريخ، نرجوا أن نقرأ للكتاب والمفكرين ما هو أكثر وضوحا وعمقا في هذا الموضوع..

ونرى أن الحوار الوطني، يجب الآن أن يكون مناسبة لتعزيز لحمة الشعب الموريتاني في وجه كل أعداء وحدة وهوية موريتانيا، ولن يكون ذلك إلا بفتح نقاش مجتمعي مستفيض من كل القضايا، وإنارة الظلمة التي يستغلها المرجفون ودعاة الفشل في شتى المجالات.

 

 

4. نوفمبر 2021 - 11:15

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا