صيانة الوحدة أو صيانة الرموز؟! / التراد بن سيدي

في ظروف كظروفنا حيث نواجه أعباء مشاكل تراكمت عشرات السنوات وتعقدت وتشابكت ذيولها متسببة في انسداد في الأفق لم يدع مجالا لتهاون أو لتأجيل مواجهة تلك المشكلات وبذل ما أمكن لتحقيق خطوات ولو قليلة في الأتجاه الصحيح في ظروفنا هذه يتوقف نجاحنا في جميع مهام المرحلة على تأمين أقصى درجات المتانة والمناعة للوحدة الوطنية بين كل طبقات الشعب وبين القوى السياسيةالمختلفة وبين كل القوى القادرة على التأثير، فبكل تأكيد يجب أن لا يخامر أحد شك في أن الوحدة تتطلب الجهد الجهيد والعمل الأكيد لأن مانعاني من تخلف ومن تراكم متطلبات الحياة السوية السالمة من منغصات الجهل والمرض والجوع والعطش يتطلب بالإضافة للوحدة التامة فكرا نيرا وسلوكا سليما وعملا قويما، ففي ظرف كظروفنا ومشاكل وتحديات كمشاكلنا وتحدياتنا لن نجد شيئا أكثر أهمية من الوحدة وتضافر الجهود وتعبئة كل القوى حتى نستطيع رفع التحدي، وإن "الرموز الوطنية" بكل أهميتها وقدسيتها لن تصان إلا بالوحدة ولن تسيج إلا بالتضامن وتضافر الجهود و لن تحمى أو تحفظ إلا بالقوة التي لا تتأتى إلا من رص الصفوف وتعبئة الطاقات !! 

فالوحدة التي نحتاج لنحمي بلادنا ونحل مشاكلنا ونصون منجزاتنا ورموزنا تشترط لوجودها الحرية والتفتح والتسامح والوعي والتحلي بكامل المسؤولية فوحدة فوقية محمية بالحراب ونصوص القوانين لاتمثل وحدة ولاتضمن حماية ومآلها الفشل كما رأينا عند كل الأنظمة الشمولية فمآل الحكم بالقوة والقهر والإكراه الفشل والزوال إذا كان (لاإكراه في الدين) فكيف يكون إكراها في أمر آخر؟ !! 

إن ماتحقق من منجزات في مجال الحرية أهم من أن يمكن "لحسه" بحجة حماية رموز هي محمية فعلا بالحرية وباالتفاعل بين الآراء والألوان والأتجاهات والمكونات فلن يضر الوحدة آراء شاذة معزولة إنما يضرها تكميم الأفواه ومنع التعبير عن الرأي بحرية تمكن من مواجهة الرأي بالرأي بحرية وأريحية وسلام ولن يخدم الرئيس ويحميه غير الحرية عن التعبير والتسامح وتقبل النقد مهما بلغ من الحدة فلن يكون سوى صدق يجب الاستفادة منه وأول المستفيدين منه الرئيس بوصفه ربان السفينة أو يكون كذبا فلن يضر إلا صاحبه لأن الناس ترى وتسمع ولديها القدرة على التمييز، والرئيس قبل وبعد كل شيء للجميع ويتطلع بمسؤوليات يصيب فيها ويخطؤ ولاينفعه ولايخدمه ترسانة قوانين من ماض الاستبداد تدعي حمايته في الوقت الذي لن تخدم إلا أعداءه الذين يريدونه معزولا في برجه العاحي يراقب أقوال الناس وأفعالهم يحصي أنفاسهم ويتوجس خوفا مما تضمره أفإدتهم وضمائرهم !! 

إن الذي نحتاجه للقيام بما يجب اتجاه مختلف الظروف والمشكلات هو تدعيم الوحدة الوطنية وتقوية كل الأواصر وفتح مجالات التفاعل والتعاون بين جميع القوى ومختلف التيارات وتوسيع مجال الحريات لضمان المزيد والمزيد من التفاعل والنقاش والحوار فمهما تكن حدة اللغة المستخدمة فلن تكون أسوأ من تكميم الأفواه فتكميم الأفواه يؤدي إلى احتقان يفضي للأنفجار وهذا مايجب تجنبه.

إن سلبيات حرية الرأي إلى جانب إيجابياته كنقطة سوداء في ثور أبيض وإيجبيات الحد من الحرية كنقطة بيضاء في ثور أسود فلا يمكن المقارنة بين الحالين، ولا يمكن تبرير الحد من الحريات بحجة ضبط الأمور في العالم الافتراضي ووضع قواعد السلوك لوسائل التواصل ، فمن يريد التدخل في طبائع الأشياء يوشك أن يفسدها فطبيعة وسائل التواصل تقتضي تنوعا غير قابل للتعديل أو السيطرة ويمكن الاستفادة من إمكانياته التثقيفية والتوجيهية والإعلامية والترفيهية بالتعامل معه كما هو إنه ثورة جديدة وطفرة غير مسبوقة لايمكن عزل النفس عنها أو معارضتها وليست سوى بداية لسلسلة من التطور تأتي كل يوم بجديد!!! 

فلنبحث عما يوحدنا ولايخالفنا ونحافظ على المكتسبات التي تحققت في مجال الحريات والتعبير عن الآراء ولنزيد التفاعل في كل شيء والتحاور على كل شيء ولنجعل الوحدة الهدف الأسمى الذي به نحمى الوطن ورموز الوطن وسلام وأمن الوطن ولنجعل شعارنا: ( أما الزبد فيذهب جفاء و أما ماينفع الناس فيمكث في الأرض)

 

9. نوفمبر 2021 - 8:55

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا