قبل إجازة القانون وبعده / محمد يحيى محمد الأمين الشرقي

ما كنا نقر البذاءات ولا الإساءات-خاصة،عندما تنصب على الصفات الخلقية-ولكننا نتفهم دواعيها،ونكيف ظروفها ظروفا مخففة. 

فمن يتابع،ويشاهد،ويدرك ترتيب وطنه المتدني بين الأوطان،بعد ستين عاما من الاستقلال،ويعاني من ارتفاع نسبة البطالة،ومن الفقر،ومن غلاء المعيشة،ويتجرع مرارة الغبن والتهميش،فهو إما واحد من ثلاثة:

1- صابر حتى لا أقول خانعا،صامتا،حتى لا أقول أخرس،يرى النقد فرض كفاية،ينتظر أن يقوم به غيره،فهومكبل باعتبارات،لاتكبل من هم سببا فيما هو فيه.

2- ثائر في داخله خانع في ظاهره، يتحين الفرص،حتى يعبر عن مكبوتاته،ويدفع ويدعم في الخفاء غيره للحديث عما يدور في خلده، وما يخفف من حنقه.

3- ثائر نفد صبره،ولم يعد متحكما في غيظه،خاصة وهو يدرك مدى عجزه عن تغيير الأوضاع،فيلجأ إلى أسلوب النقد المباشر والصريح وبنفس تصاعدي وأسلوب متشنج.

والحقيقة أن وصف الشخص بصفات متوفرة فيه،ينبغي أن لاتكون نقطة ضعف لديه،وأن لا تشكل حرجا له،فما دام يعلم في قرارة نفسه أنها واقعة،وأن الٱخرين يعلقون عليها،ويتحثون بها في مجالسهم في غيابه،فما الفائدة في تهربه منها وإخفاء رأسه في الرمال على طريق النعامة،وقديما قيل في المثل الحساني:(الل شينته افوجه ما صاب إدرگه)،ولأن الكمال لله وحده، فليس منا إلا من فيه معايب،وعليه ملاحظات،والتعامل الأفضل مع ذلك كله هو ارتداء قناع من الفولاذ أو:(دگ أوجه من تنگرده،كما يقال شعبيا).لاسيما إذا كان يتولى شأنا عاما،ويسير ميزانية عمومية،ويتحكم في أرزاق ومصائر شعب.

وأكاد أجزم أن رأس النظام لايولي أهمية،ولم يوجه لوضع هذا القانون،ولم يكن هدفا لديه،وإنما لأنه أعطى الصلاحيات الكاملة للمسؤولين،فإنه لايتدخل لهم في قطاعاتهم،ولكنه سيحاسبهم على تسييرها.

كما أننا عند مراجعة لائحة المندفعين والداعمين لإقرار القانون والمصادقة عليه،يتضح لنا أن من بينهم من تحوم حوله شبهات،وله مواقف وتصرفات توضع أمامها أكثر من علامة استفهام.

وفي الأخير لاتوجد في نظري حاجة إلى قواعد من هذا القبيل،ففي ترسانتنا القانونية ما يكفي،ولنا من الملفات التي لا تقبل الانتظار،ولا تتحمل التأجيل ما يشغلنا،فلنتوجه إلى ما يخدم المجتمع،ويقوي ثقة الشعب بحاكميه.

 

12. نوفمبر 2021 - 22:16

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا