قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق... صرخة صرْوايُة الخبز/ عمارو ولد ذو النورين

من الحِكم القديمة قولهم "الذي تكون الدنيا هواه وهمه يستعبده الطمع"! 
الطمعُ هو السمة العامة لرجال أعمال هذا البلد، وهو القاسم المشترك بينهم كباراً وصغارا. 
كنتُ قد أدمنت منذ فترة ليست بالقصيرة الكتابة عن أوجاع الناس، الذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فسادا، كتبتُ عن باعة الخضار والفواكه وعن عمال تفريغ حمولة الحاويات المعروفين شعبيا ب"اتشنكالَ". 
واليوم أحاولُ الكتابة - بمداد من القلب- عن وجع موزعي الخبز، عن آلاف العائلات التي قطعَ طمع رجال الأعمال رزقها. 
قبل يومين سألتُ صاحب محل التجزئة المجاور، عن شيخ وقور اسمه عبد الله دأب على تزويده بالخبز مرتين يوميا، فقال لي بنبرة حزينة " عبد الله مسكين الا اقعد في الدار"! 
سبب جلوس عبد الله وغيره من ممتهني  تزويع الخبز على محلات التجزئة أو فئة "الصرواية" كما تسمى شعبياً، هو قرار اتحادية المخابز الأخير القاضي بزيادة سعر الخبز وحصر بيعه على المخابز. 
حزنت كثيرا عندما علمت بجلوس عبد الله في المنزل فقد كان مجدا في عمله، وقد استدان قبل فترة قصيرة سيارة من النوع الذي يسير بالأسباب الروحية لا المادية، من أجل أن تعينه في مهمته ومشاويره الكثيرة فهو يجوب منطقة تفرغ زينة كاملة في اليوم أكثر من مرة، ليرى نفسه بين عشية وضحاها حبيس منزله، يحدق في أعين صغار لا معيل لهم ..  والسبب في ذلك طمع رجال الأعمال في زيادة ربحهم على حسابه وزملاء مهنته. 
لمثل  هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ== إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ. 
طبعاً ستكون ردة فعل هؤلاء الضعفاء بسيطة جدا، ربما لن تكون لهم أية ردة فعل سوى تنهيدة قبل النوم وحزن تحكم قلوب آباء ضعاف لا حول لهم في سبيل وردية حياة يحلم بها أطفال لمّا يبلغوا الحلم، ويتفهموا أن الأب قد يعجز، بل غالبا ما يعجز في الدول السائرة في طريق النمو.

سؤال يلح علي هنا وإن كان يحيلني إلى خلفية قانونية بحتة وهو هل يدخل ما قام به رجال الأعمال في حق "الصرواية" تحت يافطة الفعل السلبي وهو أن تستطيع فعلا لكنك تمتنع؟!
 
يوما ما سيعلم رجال أعمال هذه الرقعة من الأرض، أن الخير يجلب الخير، وأن منافسة الضعفاء في رزقهم نذير شؤمٍ وينزع البركة من المال، وأن الطمع مذمة حاله حال البخل.

15. نوفمبر 2021 - 13:04

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا