عيد بأي وجه عدت ياعيد؟ / عبدالله محمد الفلالي

 ألغيت مراسم الاحتفال الكبيرة بعيد الاستقلال الوطني في ذكرىه الحادية والستين، واختصرت باحتفالات رمزية تبقي جذوة الاستقلال متقدة في النفوس، خوفا من المتحور الجديد لفيروس كورونا "أوميكرون" الذي اتخذ من القارة الإفريقية قاعدة لانطلاقه، إلا أن تطلع الشعب لسماع خطاب رئيس الجمهورية زاد ولا سيما بعد تسرب أنباء عن زيادة محتملة في رواتب وعلاوات الموظفين في كل القطاعات الحكومية، تعاملت مع تلك الأنباء بحذر إلا أني ملت لتصديقها فالواقع المزري للموظف والزيادة المستمرة للأسعار جعلت تلك الأنباء أكثر واقعية في نظري، وإن كننا ندرك أن هناك انفصالا بين من يحكم والواقع المعيشي للمواطن، فالنخب يعيشون في أبراجهم العاجية وصراعاتهم البينية على النفوذ والمال بعيدا عن هموم المواطن، لكن ما كان يخطر ببالنا أن يبلغ التجاهل حدا تنسى فيه هموم المواطنين وصراعهم مع زيادة الأسعار وغلاء المعيشة، فالأمر بات خطير جدا وينذر بكارثة، وما زيادة نسبة الجريمة والسطو المستمر على الجوانيت والصرافات العابرة للشرائح والفئات إلا ترجمة لتلك المعاناة، فإذا لم يجد المرء قوت يومه إما أن يتصرف تصرف الفقير المحصر من لديه كرامة وعزة نفس قال تعالى:(لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)

أو يتحول النص وقاطع طريق ولا ملامة عليه في ذلك، يقول أبو ذر رضي الله عنه:(عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج شاهرا سيفه على الناس).

إن دولتنا دخلت مرحلة الشيخوخة ولابد من ضخ دماء شابة فيها لتزدهر وتعود فتية من جديد، فالدول لها اعمار كاعمار البشر كما ذكر المؤرخ الكبير ابن خلدون في مقدمته، فلنا ان نعمل على تلافي الفناء وان نحمي دولتنا من صراعات قد تنشا بسبب الفقر وغلاء المعيشة، فليس الكل قادرا على ضبط انفعالاته والضمان لاستمرار وبقاء الجمهورية مدة اخرى إقامة العدل بين الناس وتوفير اسباب العيش الكريم، ولا ضمانة اخرى فالله سبحانه وتعالى يقول: ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25).

فالبديل لإقامة العدل والمساواة ودولة المواطنة هو الاحتراب والفتنة أجارنا الله وإياكم، وحينها تنقسم الخلية الواحدة عدة انقسامات ميوزية وميتوزية ولا شيء يبقى على حاله، ونرجو أن تصل الرسالة وان يعمل الجميع كتلة واحدة ليعم العدل والسلم.

 

28. نوفمبر 2021 - 13:54

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا