تشهد بلادنا – للأسف الشديد – حاليا موجة جديدة من غلاء الأسعار هي الثانية تقريبا هذه العام بعد ان كبحت الدولة نسبيا جماح الموجه الأولي قبل أشهر. تأتي هذه الموجة بعد الارتفاع في أسعار السكر و القمح أساسا عالميا، لكن الغريب ان معدل الزيادة عالميا يقابله تضاعف غريب في موريتانيا .!!
حيث تراوحت أسعار السكر في السوق العالمي خلال شهر نوفمبر 2021 من 485 الي 523 دولار للطن وهي تقريبا نفس أسعار شهر أكتوبر من497.15 الي 517 دولار للطن أي ما بين 180 و 188 اوقية قديمة للكلغ .
لقد كان سعر هذا المنتج يتراوح في سبتمبر الماضي بين 489 و515 دولار للطن .
لكنه :
في منتصف العام (نفس الفترة التي حددت فيها الحكومة سعره) كان في حدود 460 دولار أي قيمة 160 أوقية للكلغ .
أي ان الفارق بين السعر العالمي (160 اوقية) وسعر الدولة (260 اوقية) يصل الي 100 اوقية قديمة للكلغ !!! وهو هامش لازال يعتبر كبيرا .
ان غالبية هذا الهامش (100 اوقية قديمة و هو عبارة عن زيادة بنسبة 62% ) تعتبر ربحا صافيا للتجار باستثناء تكاليف التأمين و الشحن و الجمركة .
إذا فقد كان اكبر ارتفاع للسعر عالميا منذ ذلك التاريخ هو انتقال من 160 اوقية الي 180 و 188 أوقية وهو ما يعني زيادة الكيلوغرام ب 20 الي 28 اوقية( مع العلم انه وصل 28 اوقية يوم واحد فقط هو 23 نوفمبر.)
المصدر: منظمة السكر العالمية (هيئة حكومية تضم 87 دولة مقرها لندن) :
https://www.isosugar.org/prices.php?pricerange=2021-09-01
السؤال المطروح: هل يبرر ارتفاع متذبذب يتراوح بين 20 الي 28 اوقية قديمة للكلغ عالميا رفع السعر في سوق الجملة المحلي من 260 الي 320 أي 60 أوقية (خنشة السكر 50كلغ اصبحت 16000أوقية) ؟؟؟ و رفعه في سوق التجزئة الي 400 اوقية قديمة .
من الواضح ان المستورد رفع الهامش بين السعر العالمي و المحلي (من 100 الي حدود 130 و 140 اوقية قديمة بالنسبة للجملة) و هو ما يعني محاولة استعادة 10% التي خفضتها الدولة سابقا .!!
الجدير بالذكر ان هذا الفارق يزداد بشكل كبير في سوق التجزئة حيث ان الفارق بين سعر السوق العالمي (الذي هو 180 اوقية) و سعر التجزئة (الذي اصبح 400 اوقية) هو 220 اوقية و هو ما يمثل اكثر من 100% تقريبا.
و يبقي الغريب في الأمر هو تبرير وزارة التجارة السريع لهذه الزيادة من خلال الإعلان عن ارتفاع أسعار السكر عالميا بدل مطالبة التجار بتحمل الزيادة (20 اوقية للكغ) مؤقتا و تغليب المصلحة العامة في هذا الظرف الحساس .
هذه الخطوة تؤكد ما استنتجه شركاء موريتانيا الدوليين وفي مقدمتهم البنك الدولي و منظمة التجارة العالمية بخصوص وجود مجموعات مصالح (لوبيات أو كارتيل ) تهيمن على سوق المواد الغذائية الرئيسية في موريتانيا وهو ما يفسر جزئيًا حقيقة أنه السعر المحلى يساوي اضعاف السعر العالمي لعدد من المواد (الأرز و القمح ..الخ)، و قد حذر جميع هؤلاء الشركاء من أن تؤدي ممارسات الكارتيل المحلي للمضاربة إلى تقويض الأمن الغذائي.
وقد أكد ميناء نواكشوط المستقل هذه الحقيقة في بيان أصدره قبل اقل من شهر اعترف به بوجود" بعض التجار الذين لا يتورعون عن استغلال كل الفرص لفرض ارباح خيالية على حساب المواطن، بحجج واهية " : انظر البيان :
https://www.alikhbari.net/archives/17074
خاتمة
من الواضح خطورة الازمة التي نعيشها حاليا علي غرار بقية دول العالم و هو ما يحتم علي الحكومة اتخاذ إجراءات صارمة لكبح جماح لوبيات التجار القوية و حلفائهم داخل النظام و هو ما قد يتطلب اصلاحا سياسيا موازيا أيضا.