لا نملك الخيار بين التغيير وعدمه فالتغيير حتمي / التراد بن سيدي

لقد أكثرت من الحديث عن ضرورات معالجة مانحن عليه من عقليات وسلوكيات شديدة الأضرار بنا وشديدة التهديد الواضح والأكيد لوجودنا وسلامتنا لكنني لم أرى ما يطمئنني إلى تغيير أو تطوير قبل اليوم بل أنني أرى في كل وقت وكل يوم ما يدفعني للمزيد من الحديث وربما بصوت مرتفع حد الصراخ لأن الأمور لاتزداد إلا تدهورا وجمودا ولامبالاة عند السلطة والمجتمع ولا يزدادان إلا ثباتا وترسخا كأنني حالم أو واهم باعتباري مايجري في المجتمع من نظام حياة فاسد غير ممكن استمراره أو اعتباري السلطة والمجتمع لايهتمان بالمخاطر ولا بما سيجري للمجتمع إذا استمرت الأمور تتطور في نفس الاتجاه مما لا يمكن تصوره وما لا تحمد عواقبه إذا استمر التدهور والتخلخل والتناقض داخل فئات وطبقات ومكونات هذا الشعب، لقد طال إهمال عوامل التفرقة وعدم الانسجام في نسيج المجتمع بفعل العقلية المتخلفة والذهنية السخيفة لجزء من مجتمعنا الذي برغم هدي ديننا الإسلامي وتاريخنا الطويل و تجارب الحياة والتفاعل الذي صنع وحدة الثقافة والمشاعر والآمال والآلام وكل مقومات تقوية اللحمة برغم كل ذلك ظل هذا المجتمع مصرا على التمسك بأحكام قيمية سخيفة تنافي المنطق والواقع وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف فحكم على الصناع التقليديين وإيغاون رغم دورهم البارز والمتميز في صيرورة المجتمع وبنائه وتماسكه عبر التاريخ بالدونية وحكم على من عاش آباؤهم أو أمهاتهم رقا أن لايحظوا بالمستوى الذي يستحقون من المساواة الطبيعية والندية العادلة لغيرهم من فئات المجتمع تأسيسا على ما يجري في الإسلام وما جرت به الأمور في كل الشعوب التي عرفت نهاية للرق والذين أصبح من كانوا أرقاء يتمتعون بكل الحقوق والمكانة الطبيعية في مجتمعاتهم بعد زوال الرق عنهم !!
هذا ماكان عليه الحال إلا أننا اليوم ولأول مرة نستمع لحديث واضح حول ضرورة تغيير هذا الوقع السائد يصدر من السلطة الوطنية ذاك الحديث الذي أدلى به الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني في خطابه اليوم الجمعة ١٠ دجمبر في افتتاحه مهرجان المدن التاريخية في ودان لقد تفاجأت بما أدلى به وأنا انشؤ هذا المقال حول موضوع كلفني الكثير من الأشتغال والأهتمام خوفا على وطني ومستقبله دون أن أرى من مجتمعي أو سلطة بلدي اهتماما يؤشر إلى بداية وعي الظروف وإيلاء الأمور المقلقة ما تستحق من عناية تفضي للعلاج إنني غير قادر عن التعبير بمقدار فرحتي بهذه اللفتة من رأس سلطة وطنية كنا والكثيرين ننتظر منها شيئا ما، فكان منها هذا الموقف الذي قد يكون بمثابة خطوة أولى في مسيرة الألف ميل..بخ بخ !!!
إن استمرار العقليات دون تغيير سببه الانسجام بين غالبية مجتمع البيظان وسلطته في التمسك بما كان سائدا وتسيير الأمور على أساس التسليم بالأمر الواقع، سادة لهم كل شيء وتابعين يكفيهم ماحصلوا عليه !! سادة يتمسكون بمكانتهم كنبلاء لهم السلطة ولهم العقارات وملكية الأراضي وشؤون العشيرة، ويمتلكون أكثرية الوسائل ويكيفون الشرائع وتعاليم الدين دون وجه حق لما يناسب استمرار المجتمع على نهج غير قويم في كثير من أساليب رافقته في بداوته ويأبى التغير حتى في خطوات التمدن البطيئةالتي يلج إليها.
إن الكلمات القليلة التي تفوه بها الرئيس في افتتاح مهرجان وادان تشكل بادرة أكبر تأثيرا بما لا يقارن بتأثير عشرات المنشورات لنا ولغيرنا والتي نحاول بها إقناع الجزء القليل من الشعب...
إن الذي ينقص لتغيير العقليات هو مشاركة السلطة بدورها الفعال حيث يتبعها الكثيرون وتتبعها الإدارة وكل الموظفين ،وإذا تبنى الحزب الذي يتبع الدولة موقف التغيير بصراحة ووضوح فسيكون اتسنامي من الوعي الجديد والتطور غير المسبوق !!
وإن مشاركة العلماء الذين لهم من التأثير ماهو معلوم بسبب مكانتهم الدينية سيكون فعالا في تصحيح الأمور وتحديد السلوك القويم ، والذين سيتأثر جزء منهم بموقف السلطة مما يخلق رؤية جديدة للعشرات الذين لم يستطيعوا حتى الآن فهم الحاجة للوحدة والمساواة لقد ظل الكثير من المواطنين بما فيهم جزء من المتعلمين يعتبرون رأينا نوعا من الاعتداء على حقهم ومكانتهم ونوعا من التماهي مع بعض الدعايات الشرائحية، لأنهم يعتبرون نهاية الرق نهاية لكل المشكلة ولايولون مسألة المساواة وتأثير ذلك على الوحدة والانسجام أية أهمية، لكن عندما تتبنى السلطة خطا تغييريا واضحا فستبدؤ الأمور تدخل مرحلة جديدة وتنحو منحا مؤثرا وسيؤدي موقف السلطة إلى تشجيع جزئ من الكتاب والصحفيين الذين كنا نستغرب صمتهم إلى تناول الأمور بوضوح مما سيشارك في الوعي وتسهيل علاج العيوب التي رافقت تطور البلد وظلت تهدد بإعاقة التقلب على مشاكل التخلف الذي يسعى له المجتمع وبإعاقة توفير حياة مناسبة لشعب كريم مسلم وموحد ..
لقد كنا نتمنى أن يكون موقف أحزاب المعارضة ذات ثقل في مجهود التغيير غير أن الذي توصلنا له أن مجتمع البيظان تسود لديه نظرة خاطئة حول المجتمع وعلاقاته بحيث الفروق ضعيفة بين المتعلمين من كل الفئات ومن كل الأحزاب ولقد كنت أظن أن المسألة الرئيسية وجود قيادة للسلطة ترى الموقف على حقيقته حتى تستطيع قيادة عمل توْعَوِي داخل مجتمع أقرب إلى الجهل بما عليه الأمور وكنت أعتبر مجموعات قليلة من كل القوة الوطنية تعي مشاكلنا البنيوية ويستطيع أحد التعويل على موقفها ،وفي السنوات الأخيرة ظهر بعض الأحزاب مهتمين بفئة لحراطين وقد اعتبرت المسألة بسبب الوعي بأحقيتهم في المساواة ومكانتهم الشرعية وكنت أعول على هذه الأحزاب في معركة الوعي لكنني لم أتأكد أنهم واعون بالمشكل وأبعادها فمن خلال الأراء السائدة عند أوساطهم توصلت إلى أنهم يريدونهم للانتخاب وليس لإصلاح واقع التفاوت وعدم العدالة في المجتمع فجعلني ذلك أفقد الأمل في المجموعات السياسية التي تبدو جميعا ( إلامن رحم ربي) دون المستوى في وعي خطورة عدم المساواة وعدم القضاء على التراتبية الغبية الظالمة البائدة والمستمرة كالصنم لمكون البيظان يأبى التخلي عنها ويتمتع بفوائدها ومكاسبها الأمر الذي يجعلنا نعلق أملا كبيرا على أن يرى الرئيس غزواني حاجة الواقع لخطوات ملموسة في هذا الاتجاه وسيجد المؤازرة من الخيرين وسينقذ شعبه من الضياع وسيخلد التاريخ من يتقدم قبل الآخرين خطوات في هذه الطريق الذي هابه الجبناء وجهله الجهلاء فطوبا لمن يبدؤ الطريق لتقويم مجتمعنا المهدد بالضياع إذا لم نحميه وننقذه من الانشقاق والانفجار والضياع!!!!

 

11. ديسمبر 2021 - 11:58

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا