أثار البرنامج الذي بثته قناة الجزيرة القطرية تحت عنوان "البيان رقم واحد" والذي تناول تاريخ الانقلابات العسكرية في موريتانيا موجة استياء عارمة،داخل الشارع الموريتاني الذي كان ينتظر بتلهف بالغ موعد البرنامج ،عله يجد فيه إجابة شافية على بعض التساؤلات التي لازالت مثارة حول حقيقة أسباب ودوافع تلك الانقلابات،
ويسمع لأول مرة عبر منبر حر وجهات نظر المشاركين في محاولات انقلابية لم يكتب لها النجاح ،ولم يطلع الرأي العام الوطني بالشكل الكافي على حقيقتها ،حيث عتمت عليها الأنظمة الحاكمة التي استهدفتها ،بل وروجت لدعايات مضادة لها ، وكان أمل الشارع الموريتاني كبيرا في أن يساعد "البيان رقم 1 "على سبر أغوار هذا الجانب المهم من تاريخه المعاصر نظرا لثقته في مهنية وحياد قناة الجزيرة ،وتميز الصحفي الذي أعد وقدم البرنامج .
غير أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن حيث ابتعد البرنامج بشكل واضح عن المهنية ،محرفا الأحداث والوقائع لصالح جهات معينة وأشخاص معينين. وهكذا أظهر "فرسان التغيير" بوصفهم من أحدث ثورة حقيقية في تاريخ الحكم في موريتانيا ،ورغم أننا لا ننكر دور"الفرسان"في تسريع وتيرة الإطاحة بنظام ولد الطايع ،إلا أن البرنامج أطنب في وصف وتفاصيل تلك المحاولة على حساب كل المحاولات الأخرى، وحتى على حساب الانقلابات التي كتب لها النجاح. وإن كان "فرسان التغيير" هم من حظي بنصيب الأسد في البرنامج ألا أنهم لم يسلموا من تدخل مقدمه الذي حاول إظهار محمد ولد شيخنه كمنظر وقائد للعملية الانقلابية في الوقت الذي يجمع فيه المراقبون ومحاضر التحقيق مع الانقلابيين ،وحتى الفرسان أنفسهم على أن القائد هو "صالح ولد حننا"، أما "محمد ولد شخنه"فكان الشخص الثاني فيها،وذالك يؤكده الخطاب الذي سجله الانقلابيون ليتم بثه إلي الشعب الموريتاني بعد نجاح محاولتهم،والذي ألقاه صالح ولد حننه.،ويرى المراقبون أن مقدم البرنامج أقحم القناة المحترمة في الصراع الداخلي للفرسان.
ومن المغالطات التي تمت في هذه الفقرة كذالك استضافة " محمد لمين ولد الواعر" والحديث معه حول تفاصيل العملية ومجريات الأمور وقتها حول القصر الرئاسي ، وإصابة ولد شيخنه، في الوقت الذي تؤكد فيه جميع المصادر أن المعني لم يشارك في العملية إطلاقا.
ويعتبر قادة محاولة16 مارس الانقلابية اكبر ضحايا البرنامج الذي عمل على إعادة نشر دعاية نظام ولد هيدالة ضد هم بكل تفاصيلها و حتي أنه نشر نفس الصور المهينة التي رافقت تلك الحملة الدعائية ،دون أن يكلف نفسه عناء الاتصال ببعض المشاركين في العملية والموجودين في العاصمة نواكشوط ،و على أتم الاستعداد للحديث عن أهداف ودوافع ،وأسباب محاولتهم ،أو الاتصال بأسر القادة الذين أعدموا لإطلاع المشاهد على وجهة نظرهم، أو نشر الرسائل التي وجهها هؤلاء القادة لأسرهم لحظات قبل إعدامهم ،تلك الرسائل التي يستطيع الشخص من خلال قراءتها اكتشاف شخصيات هؤلاء القادة ومدى صدقهم ووطنيتهم ولاشك أن ذالك سيكون أكثر جدوائية من التطبيل لوجهة نظر كانت تجند وسائل الإعلام والمخابرات،وحتى هياكل تهذيب الجماهير لنشرها. وهكذا جاء البرنامج مخيبا الآمال بشكل كبير وأثار ضجة في الأوساط الموريتانية.
الأمر الذي يتطلب من إدارة قناة الجزيرة المحترمة الاعتذار للمتضررين وإعداد برنامج ،متوازن تتاح فيه الفرصة لكل الأطراف،والجهات للتعبير عن وجهات نظرها بعيد اعن التحيز ،حتى تبقى كما كانت دوما منبرا لمن لا منبر له.