المجتمع الموريتاني كغيره من المجتمعات بني على ما هو صحيح سليم ومستقيم من الأسس والدعائم التي لازالت لله الحمد والمنة قوية وصامدة وهي قوام تماسك هذا الشعب والضامن الرئيسي لديمومة وصيرورة وحدته ومصدر قوته كذلك يعاني كبقية المجتمعات من رواسب العقليات البائدة المتخلفة التي وجدت لها مع كل حقبة تاريخية بيئة غير سليمة ترعرعت فيها في حضن قلة من الأنفس الأمارة بالسوء رغم أن كل أمة ممن سبقنا من شعب هذه الأرض العظيم حاربتها على قدر مستطاعها وإدراكها لخطورتها فهناك علماء أجلاء شهد لهم التاريخ أنهم نبذوا تلك العقليات وبينوا حكم وشرع الله فيها بل ونبذوا من يمارسها حتى وصل بهم الأمر إلى هجر ديار لا ينهي فيها عن منكرها من القول والفعل كذلك هناك أمراء سادة أصحاب شهامة ونخوة وقفوا بالمرصاد ضد كل أنواع احتقار الإنسان وامتهان كرامته وضربوا على يد من ينتهك حرمة المسلمين المسالمين في ربوع إماراتهم.
مع قدوم المستعمر إلى هذه الأرض الطيبة الحبيبة توحدت فسيفساء المجتمع وشتى أطيافه للوقوف ضده بالمرصاد فليس صدفة أن يعجز المستعمر عن استمالة فئة من هذا المجتمع لتجندها ضد بقية مكوناته فالمستعمر هو واضع نظرية فرق تسد لكنه وجد أمامه هنا أمة أعزها الله بالإسلام وحصن وحدتها به .
وقبل قيام الدولة ومع بروز الممارسة السياسية للوجود من خلال أحزاب وتحالفات ترسخ مفهوم الوحدة الوطنية ونضج الفكر السياسي الوطني ممهدا لتبلور وحدة كيان هذا الوطن ولاحقا استقلاله وسيادته في إطار هوية موريتانية جامعة فريدة في تنوعها.
كان جيل التأسيس أو جيل الاستقلال الذي وقع على عاتقه بناء دولة وطنية وطينا مخلصا حيث دشن مسارا لإنصاف المكونات الوطنية من خلال وضع أسس المدرسة جمهورية التي يلجها جميع أبناء الشعب دون تمييز وأصبحت الدولة منذ قيامها هي حامية وراعية الجميع والقانون هو الفيصل بين كل المواطنين فليس من الإنصاف أن نغمط الرئيس المؤسس وجيل التأسيس حقهم في الثناء على ما تحقق من ردم الهوة بين فئات المجتمع الموريتاني ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا ومساواة في المواطنة فما نعيشه اليوم في كنف الدولة الموريتانية هو ثمرة البذرة التي زرعها أولئك في هذه الأرض المباركة وعلى منوالهم سارت بقية الأنظمة المتعاقبة كل حسب الممكن والمتاح وعلى مقدار الإرادة السياسية لكن التعليم وحده حافظ على شيء من دوره الريادي في تثقيف وتكوين أبناء الوطن ليطلع كل واحد منهم بدور محدد حسب مؤهلاته أو طموحه وليس هذا القول نفيا أن معوقات وتحديات جمة أكبرها ضررا النظرة النمطية والتمييز والفقر كانت وما تزال عقبات كأداء على طريق إرساء دولة القانون والمساواة التي نصبوا إليها.
إن إنصاف الطبقات والفئات المهمشة والمغبونة يبدأ بالتعليم وهو ما كرسه رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في برنامجه الانتخابي تعهداتي حيث عمل منذ الوهلة الأولى على إرساء قواعد سليمة لمدرسة جمهورية توفر التعليم النموذجي لجميع أبناء الشعب الموريتاني على حد سواء وتم قطع خطوات مهمة في هذا المجال كانت بمثابة حجر الأساس لذلك المشروع الوطني الطموح منها مراجعة وتنقيح البرامج واكتتاب آلاف المدرسين وبناء مئات الحجرات الدراسية وزيادة العلاوات التحفيزية للمدرسين وتحديد حاجيات المدرسين للتكوين وسيشكل القانون التوجيهي لمخرجات الأيام التشاورية تدشينها الفعلي.
إن توفير فرص العمل للشباب ودعم المقاولات الصغيرة وشفافية مسابقات الولوج لجميع أسلاك الدولة المدنية والعسكرية واعتماد الكفاءة والتمييز الإيجابي في الترقيات والتعيينات والحصول على مناقصات المقاولة والتوريد لصالح المنحدرين من الطبقات الهشة هي مسارات تحقيق القليل في البعض منها ولم يتحقق شيء يستحق الذكر في بعضها الأخر وهو ما يشكل مبعث عدم رضا هذه الطبقات والفئات وعوائق محبطة يتطلع وينتظر كل الموريتانيين من رئيس الجمهورية إزاحتها لتعبيد الطريق نحو تكريس الإنصاف.