أطل علينا مساء يوم الاثنين 11 فبراير السياسي مسعود ولد بخير من قصر المؤتمرات في ظهور مسرحي لابساً عباءة الحكيم والملاك المخلص، فأزبد وأرغد وطالب الجميع بإنقاذ موريتانيا وهضم الذات ،وأعلن الرجل عن مبادرته وتصوره لحل الأزمة الراهنة .
فكان رد المعارضة سريعا وقاسياً بعيداً كل البعد عن روح شباط، فقد صرح بعض قادتها الذين حضروا العرض أن مبادرة مسعود تعد اعترافاً بان الحوار الذي شارك فيه وطبل لنتائجه كان مجرد خوار ولم يحل الأزمة.أما الجنرال عزيز فلم يعلق على ظهور مسعود فيبدو أن أداءه لم يعجبه وينتظر منه تطويره،وبدوره قام الشباب الموريتاني الطامح إلى الدولة المدنية وإسقاط حكم العسكر بتجاهل مبادرة مسعود والإعلان عن خروجه في الخامس والعشرين من فبراير لإحياء الذكرى الثانية لخروجه الأول، وكتابة سطور جديدة في ملحمته التي بدأ قبل عامين وفرض خياره عن طريق المقاومة المدنية السلمية.
مبادرة مسعود والمعارضة
لم تخرج مبادرة مسعود عن إطار محاولة من الرجل الى رمي طوق نجاة للجنرال محمد ولدعبد العزيز وبالتالي الحكم العسكري،فلم تضع في الحسبان أن الجنرال جزء من المشكل وليس الحل، فالمبادرة لم تتحدث عن رحيله ولا عن وضع حد للحكم العسكري في موريتانيا .لذالك فان المعارضة الموريتانية المستهدفة بهذه المبادرة والتي جربت كذب الجنرال وتنكره للمعاهدات في أكثر من مناسبة لن تستطيع الانخراط في هذه المبادرة لان ذالك يعد بمثابة الانتحار السياسي لها، فهي اليوم تدفع ثمن قبولها لاتفاق دكار وسقوطها في فخ منح الشرعية السياسية لجنرال انقلابي لا عهد له.خاصة أنها قطعت معه كل حبال الثقة ورفعت في وجهه شعار "إرحل " قبل سنة وتراجعها عن هذا الشعار يعد سقوطا أخلاقيا وعدم استفادة من دروس الماضي وسيؤدي إلى قصم ظهر تحالفها.لذالك فانه من المرجع أن لا تجد مبادرة مسعود أي تجاوب من المعارضة الأمر الذي بدأت تظهر تجلياته، فقد أعلن حزب( التكتل )أحد أهم أطيافها عن الخروج في الخامس والعشرين من فبراير ذالك التاريخ المرتبط بالربيع العربي في موريتانيا.
مبادرة مسعود وشباب التغيير
مخطئ من يروج أن موريتانيا لم تتأثر برياح الربيع العربي، فتلك الرياح المقدسة وجدت مكاناً لها في صدور وعقول الشباب الموريتاني وخرج قبل عامين بفكر وروح ذالك الربيع...
استخدم نفس أساليب ذالك الشباب وحمل نفس الروح والأهداف والشعارات والأحلام ،لذالك فهذا الشباب لا يرى أن مبادرات من قبيل مبادرة مسعود فيها شيء يثير الاهتمام ،فليس لديه وقت لمناقشة أنصاف الحلول والمهدءات، ومنح الفرص للأنظمة القمعية، بل يرى أن الدخول في أي حوار مع النظام العسكري في موريتانيا يعد خيانة لدماء العمال والمحتجين وللشعب المقهور وللوطن،ومقتنع أنه لا سبيل لتحقيق حلمه سوى الخروج إلى الشارع والمقاومة المدنية.
فطموحه ليس الوصول إلى كرسي الحكم بل هو إسقاط نظام يرى أنه خطر على بقاء الدولة.
لذالك فمبادرة مسعود لن تستطيع التأثير في المشهد الموريتاني ولا المستهدفين لأنها لم تقدم جديدً وهي مجرد نسخة مشوهة لاتفاق دكار ولا تراعي تطورات المرحلة، إذن "العيطة كبيرة والميت فأر"!!.