تلك هي مقومات المثقف. فمتي سيقتنع حكامنا ومسوولوا تعليمنا ان التعليم المتميز هو الحل الوحيد. هو الحل لاقتصادنا الكاسد، واخلاقنا المتدنية ، وهو الاصلاح لشوارعنا المليية بالحفر وبيوتنا الهشة، وفقرنا المدقع، وبالطبع هو الحل لمشكلة ثقافتنا المتقهقرة.
ان أية أوقية تنفق اليوم علي الجيل ليتعلم ستُكسبنا اواقٍ بل ملايين اكثر في المستقل. فبناء أجيال من المتعلمين المتخصصين والماهرين، هو الحل الأكمل والاهم والافضل إنتاجيةً للمجتمع وللدولة. ان سيادة الجريمة في المجتمع الموريتاني، وعدم الإلتزام وأكل المال العام والخوف من قول الحق والنزاهة في الأمور، ما هي الا نتائج لعدم تعلم ووعي جل الشعب بالحقوق والواجبات التي عليه، وان ذلك الوعي له مردود مهمٌٌّ جدا علي جميع المجالات.. فبالتعليم الجيد نخلق جيلا واعيا فاهما يعمل من اجل المصلحة العامة ومن اجل الأجيال القادمة. فالجيل المتعلم هو حفظٌ للموارد وتأكيد للاستمرارية الناجحة والمردودية الرابحة، فهو جيل يدرك اهمية القوة العاملة و العمل بدقة حرفية، وانّ فائدته لتعود حقاً علي الشعب والوطن. فبالتعليم الجيد ينال كل ذي حق حقه دون منٍّ ولا شكر علي واجب. فيقوم كل فرد بواجبه حيال بلده وشعبه لا يقوده الي ذلك الا إيمانه بالمصلحة العامة.. ووعيه بضرورة العمل بجد وإخلاص حتي لا تـتوقف عجلة الحركة من اجل الوطن والأمة في البلاد.. فمتي يا تري سننفق علي التعليم الذي بدونه لن نبرح مواطئ أقدامنا ان لم نرجع القهقرى..؟؟ هل من الممكن ان تُنهب كل مواردنا من بين أيدينا وأمام أعيننا ولا ننبس ببنت شفة . شواطئ موريتانيا تزيد علي ست مائة كيلومتر علي المحيط، غنية كلها بالأسماك الجيدة يُرشي ثلة من جماركنا بدُريْهمات بخسة علي ظهر البحر من طرف اليابانيين والأوروبيين وغيرهم حتي لا يحال بينهم والعبث بتلك الموارد، فيصيدون بدون قيود او ضوابط، وحكومتنا ومعارضتنا مشغولون بسِّب بعضهم البعض في العلن، وتقاسم أموال الشعب في السر... بلغنا من خلال بعض المصادر- والأمر لم يعد سرًّا- ان 4% فقط من دخل الذهب الموريتاني هي نسبة مردود الخزانة العامة، والله اعلم كم يدخل جيوب الحكام و معاونوهم من ذوي القلوب المريضة والضماير الميتة من تلك النسبة او من بعد ادخالها للخزانة. بلد يسكنه ثلاثة ملايين من البشر فقط، وله من الموارد ما ان مفاتحه لتنوء بالجبال، وشعبه يعاني الفقر والعجز والجهل.. وما زلنا نكابر ولا نقارن انفسنا الا بالدول العظمي المتقدمة ، ولكننا لا نكلف انفسنا الاطلاع علي مسيرات تلك الدول والخطوات التي اتخذت حتي صارت الي ما صارت اليه. لا سبيل لنا الي أي تغير اوتقدم الا بالتمرد والثورة علي كل شيئ جامد او متحرك في البلاد. كفانا من لوم الآخر، فكلما ضاع لنا عقال او عثر بعير في اقصي احدي بوادينا نلوم المستعمر. والحقيقة انه لو كان المستعمر مازال موجودا لكنا افضل حالا ولكانت شوارعنا أسهل دربا واقل مطبات وحفرا، ولكانت مساكننا مخططة بانتظام، ولكان لنا مطار كامل الإنارة مكيف الغرف منظم الممرات، وله باصات تحمل الركاب من الطائرة واليها.. وستكون لنا ضمانات صحية واجتماعية، ولجاءتنا حقوقنا ونِلْناها قبل ان نعلم انها لنا..ولن يكون دافع المستعمر الي فعل ذلك الا لكونه ساكن وباق في البلاد.. فهو لن يرضي بأقل من ذلك.. من المؤسف حقاً ان نعيش في بلدنا بلا كرامة ولا سلامة، ولا حقوق ، وبمستقبل مظلم لا ينبئ ببشري. اما تكفيناخمسين سنة من "الاستقلال " ان ندرك حاجتنا او ان نكتشف حلولا لمشاكلنا؟ اما يكفي نصف قرن من حمل اثقالنا علي عواتقنا، اما آن لنا ان نضع الحمل وننعم بمواردنا، الا يستحق فارسنا ان يترجل ؟ اعلموا يا حكامنا الاعزاء أنكم أسيادنا وابطال نهضتنا إذا انتم خدمتم بلدكم، واديتم حقوق شعبكم، وسهرتم علي مصلحة هذا الوطن العزيز والشعب الأبي. وإلا، فإنكم حثالة من السراق المنافقين الذين لا يساوون نعلا باليا ولا هم يذكرون. وانت أيها الشعب اليتيم المُتخلّي عنه، اعلم انه لن يضرك السلخ بعد الذبح ، ولا سبيل لك الا التمردعلي واقعك، فلا تنتظر ان يحكمك من يستحق لقب الأمة فقد بدا انه لم يولد بعد، لذلك فانتفض وطالب بحقوقك كاملة، وفي مقدمة تلك الحقوق تغيير منظومة التعليم ، والإنفاق عليها، حتي نتمكن من قلب الأمور وجعل العقلية الموريتانية تستوعب ان التعليم الجيد وحده الكفيل بخلق جيل عارف، واع، وله موقف. وانه لا سبيل الي الاصلاح من غير هذه الثلاثية ولا سبيل الي الثلاثية من دون تعليم جيد، وذلك في رأيي هو الهرم الحل لمصائبنا.