آراء متضاربة وأخبار متشعبة وهرج ومرج يجتاح الساحة الوطنية و مواقع التواصل الاجتماعي هذه الايام نتيجة للتطورات الصحية والقانونية التي شهدتها قضية الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز،
وبعيدًا عن المبالغات والمغالطات يجب ان نرجع بالذاكرة قليلا الي الوراء لكي نفهم المشهد بحذافيره وتتضح لنا الصورة ناصعة وكاملة
-يعلم الجميع ان الرئيس السابق كان يتمتع بحريته كاملة وكان يمارس انشطته السياسية والشخصية بأريحية تامة؛ فقد عقد المؤتمرات الصحفية وظهر في بث مباشر علي صفحته الشخصية علي الفيسبوك وكان يتردد علي مزرعته في انشيري بين الفينة والاخرى رغم التهم الكبيرة التي وجهها له قطب التحقيق ، ولولا انه رفض التوقيع لدي المحكمة وخرق القانون بتوصيات من فريق دفاعه لبقي يمارس نشاطه كما هو حال بقية المتهمين الذين امتثلوا لأوامر القضاء.
-بعد دخوله للحبس الاحتياطي حظي بكل الحقوق القانونية التي يكفلها دستور وقانون هذا البلد، فزاره محاموه وأفراد أسرته لكن هيئة الدفاع الخاصة به أصدرت البيانات المتتالية التي تتهم السلطات العليا بتسيس الملف رغم انه قضائي بامتياز .
-قام الرئيس السابق بعدة خروقات قانونية وهو في الحبس الاحتياطي فتم تهريب هواتف نقالة وإجراء مكالمات مع جهات عدة ومع ذلك كان ظبط النفس سيد الموقف من الجهات القضائية ونبهت عدة مراتٍ لخطورة خرق القانون دون ان تتخذ اجراءات عقابية ضده حتي وصل الأمر لدرجة تستدعي التدخل فقامت بتشديد الرقابة الامنية عليه للحد من تلك الخروقات.
بعد تعرضه للوعكة الصحية الاخيرة بادرت السلطات الى تقديم الرعاية الطبية اللازمة فورًا ، حيث تم حجزه في الجناح الرئاسي في المستشفى العسكري وتم احضار فريق طبي متخصص و أطباء طلبهم هو نفسه بصفة شخصية وكان أدائهم قمة في الانضباط والاحترافية ليتم بتوصيات منهم نقله الي مستشفى القلب لإجراء العملية التي تكللت بالنجاح وتماثل الرئيس السابق للشفاء وعاد لمنزله تحت المراقبة القضائية المشددة.
ويمكن ان نقول ان أطرافا عدة تفاعلت مع مرض الرئيس وتباينت تصرفاتها ومواقفها كل حسب موقعه و موقفه من ملف الرجل
– السلطة التنفيذية ؛ تعاملت مع الموضوع من جانب انساني رغم الوضع القانوني الذي يحيط بالرئيس، فتركت الكلمة الأخيرة للأطباء لتقييم الوضع وماذا يجب القيام به ثم سخرت كل الإمكانات من أجل أن يحظى بكل مايحتاجه من رعاية صحية وراحة بدنية رغم التشكيك والتشويش الذي قام به البعض من أجل كسب نقاط دون مراعاة للحالة الصحية للرجل،
وظلت كل تصرفاتها رهن توصيات الأطباء حتي تم السماح له بمواصلة فترة العلاج في منزله نزولًا عند رغبة الأطباء، لكن هذه السلطة أوضحت بطريقة لاتدع مجالًا للشك ان الرجل لديه ملفًا قضائيًا ويجب ان يفهم الجميع ان الجهة الوحيدة التي يخول لها التعامل معه هو القضاء والقضاء فقط.
– كريمة الرئيس السابق؛ كانت السيدة الفاضلة اسماء بنت عبد العزيز علي قدر كبير من المسؤولية والاحترام وقد وضعت نصب عينها مرض والدها فقط لاغير والطريقة المثلى لعلاجه، فكانت تصريحاتها متزنة ورزينة بعيدة كل البعد عن التسيس والتشهير، فظهرت مختلفة تماما عن هيئة دفاع الرجل والتي كان شغلها الشاغل كسب نقاط عجزت عن كسبها في أروقة المحاكم ، لقد أظهر مرض الرئيس السابق الفرق الشاسع بين عاطفة الابنة البارة التي لا هم لها سوي صحة والدها وبين من له أجندات سياسية تخصه.
– الفريق الطبي؛ اتضح للشعب الموريتاني ان لديه اطباء أكفاء مخلصين في عملهم ومتفانين في خدمة مرضاهم مهما كانت الظروف التي تحيط بهم ، فمن يقرأ بياناتهم الواضحة والمقتضبة يدرك جليًا بأن من يحترم مهنته ويركز عليها سيكون دائما في القمة وسيحترمه الجميع، لذلك طبقت السلطات العليا توصياتهم دون تردد وعلي الفور.
– هيئة دفاع المتهم وبعض اقربائه ؛ حالوا من اليوم الاول تسيس القضية كما فعلوا من قبل والذهاب بها بعيدًا عن جوهرها وهو المرض ، فركزوا على قضية “محاولة الاغتيال” وتصفية الحسابات الخ… ماشكل صدمة للكثيرين ، ففي هكذا حالات انسانية ليس من المروءة محاولة تسجيل أهداف سياسية لايسمح بها الموقف، لقد خسرت هذه الجبهة الكثير وتحطمت كل محاولاتهم أمام صدق وشفافية كل من الاطباء المعالجين وحكمة و رزانة كريمة الرئيس و مسؤولية وانضباط السلطات العليا في البلد.
مما لشك فيه ان الملف القضائي للرئيس السابق لم ينته بعد وان مرضه هو مجرد محطة من محطات هذه القضية لكن الخلاصة التي خرجنا بها هي ان علي الرئيس السابق ان يتمسك برأي كريمته ويستمع لنصائحها جيدًا فهي الناصح الأمين،
وعليه ان يغير هيئة دفاعه التي اقنعته سابقًا بالتمسك بالمادة 93 ثم برفض التوقيع الذي قاده للحبس الاحتياطي ولو أنهم وجدوا الفرصة لطلبوا منه عدم التوقيع على اجراء العملية الجراحية!!نعم يجب ان يغيرهم عله يستطيع ان يجد طريقًا للخروج من هذا المأزق الكبير.
محمد لخليفة محمد لحمد / ناشط سياسي