الماء الشروب في مقطع لحجار، من حلم بعيد المنال إلى إنجاز مشهود / أحمدو ولد النباش

altتعاقبت حكومات عديدة، وتناوبت أنظمة حكم متعددة على مدى تاريخ موريتانيا الذي تجاوز ـ بالكاد ـ عتبة الخمسين عاما..

خمسة عقود توالت على قيام الدولة الموريتانية، تحققت إنجازات في الأول منها، وأخرى في العقد الثانى؛ فيما كان تحقيق إنجازات أخرى من نصيب العقد الثالث، فالرابع.. وأخيرا الخامس..

إنجازات شملت قطاعات التعليم والصحة والطرق والمطارات والموانئ والمناجم والمصانع والمياه والزراعة والتنمية الحيوانية...إلخ.

غير أن هناك إنجازا أساسيا وجوهريا ظل معلقا من عقد إلى آخر، حتى انقضت العقود الخمسة دون أن يرى النور!

الأمر يتعلق بمياه الشرب في مقاطعة مقطع لحجار، والتي ظلت حلما كلما استبشر السكان خيرا بقرب تحقيقه، كلما تلاشى من جديد، دون أن يجدوا من يكلف نفسه عناء تقديم تفسيرات مقنعة وشفافة لتكرار تمديد أجل حلمهم المشروع؛ ليكتشفوا  مع بدايات العقد السادس (الأول بعد الخمسينية) أن هذا الحلم في طريقه ليصبح واقعا، بل أصبح واقعا بالفعل .

ظلت هذه المنطقة على مدى نصف القرن الذي مر على قيام الدولة الموريتانية، مضرب المثل في شح مياه الشرب وتدهور الأوضاع الصحية لسكانها، بفعل استمرار ارتفاع نسبة الملوحة من جهة، واعتماد الناس على الحواجز المائية التقليدية لحبس مياه الأمطار في كل موسم ما أمكنهم ذلك من جهة أخرى .

لكن سكان هذه المنطقة ضربوا ـ في المقابل ـ أمثالا أسطورية في الصبر وتحدي قساوة الطبيعة والتشبث بالأرض..

اليوم يودع سكان مقاطعة مقطع لحجار عهد قوافل الحمير والقرب والحاويات، ورحلة البحث المضني عن مياه "السد" التي لا تخلو من التلوث في أحسن حالاتها.. ودعوا زمن انتظار الوعود العرقوبية وألاعيب السياسيين المتجددة كل عام لكنها لا تحقق أبدا.

المياه الصالحة للشرب في مقاطعة مقطع لحجار إنجاز يعد في طليعة إنجازات الرئيس محمد ولد عبد العزيز، إن لم يكن من أهمها ، بالنظر إلى أن جميع من تعاقبوا على حكم البلاد قبله إما تجاهلوه أو عجزوا عن تحقيقه أو تعمدوا إطالة أمده لسبب ما.

إنجاز لم يفرح سكان المقاطعة بمثله عبر تاريخهم الطويل الحافل بالمعاناة والتهميش والحرمان حتى من الماء الشروب؛ فكانت سعادتهم وفرحتهم برؤيته يتجسد على أرض الواقع أشبه ما تكون بسعادة أعمى يفتح عينيه ليرى نور الحياة عيانا.. وهي سعادة لم ينقصها عن الاكتمال سوى عدم حضور من حقق لهم حلمهم التاريخي العظيم لمقاسمتهم إياها.. توقع السكان وامتلأت نفوسهم أملا  أن يحضر رئيس الجمهورية، محمد ولد عبد العزيز، ليشرف بنفسه على  تدشين أعظم وأهم إنجاز في حياتهم حتى يعبروا له ـ وجها لوجه، وعن بكرة ابيهم ـ عن خالص الشكر والامتنان، وعن دعمهم الكامل والصادق لبرنامجه السياسي والتنموي من أجل نمو ورفعة موريتانيا وسعادة كافة أفراد شعبها في أية بقعة من التراب الوطني.

لم يساورهم الشك في أن مشاغل الرئيس الجمة وانهماكه في تنفيذ التزاماته للموريتانيين هو ما يبرر عدم حضوره عرس مقاطعة مقطع لحجار، المتمثل في تدفق مياه الشرب أخيرا في حنفيات منازلهم؛ لكنهم لم يستوعبوا عدم إشراف الوزير الأول، على الأقل، على هذا الحدث التاريخي، خاصة وأنه في صميم أولايات برنامج الرئيس الذي عهد بتنفيذه لحكومة ولد محمد لغظف.

وأيا كانت التبريرات والدوافع وراء اقتصار تدشين مشروع بهذا المستوى من الأهمية على وزير المياه (وليس في ذلك أي تقليل من شأنه أو استنقاص من مكانته)، فإن ما لا يتسرب إليه الشك على  الإطلاق، هو إجماع سكان مقاطعة مقطع لحجار على دعم للرئيس محمد ولد عبد العزيز والوقوف معه بصدق وإصرار لقناعتهم بأن برنامجه يحمل مشروعا واعدا ببناء موريتانيا جديدة قوامها العدل المساواة والرخاء لجميع المواطنين في مختلف بقاع ولايات الوطن ، ثم لأنهم يعترفون بالجميل وليس من طبعهم اعتماد الازدواجية في المواقف بل الصدق والتمسك بقناعتهم وبذلك تميزوا بأن من يدعمونه لابد أن يحس بقوة هذا الدعم على كافة الأصعدة ومن يقفون ضده لابد أن يشعر بأنهم ضده علنا ودون لف أو دوران ، ذلك هو ديدن سكان مقاطعة مقطع لحجار قبل الماء وبعده.

[email protected]

17. فبراير 2013 - 20:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا