لقد شكلت خطابات الرئيس غزواني والرؤى التي تضمنتها تلك الخطابات وخصوصا ما تضمنه خطاب ذكرى الاستقلال ومهرجان وادان للمدن القديمة شكلت أساسا لإعلان سياسي جديد يستأهل برنامجا جديدا و خططا مفصلة لمسارات سياسية وتوجهات تناسب هذه الرؤى والمبادئ التي تضمنتها تلك الخطابات، إن تبني الرئيس لمحاربة الفساد شكل عند الكثيرين إعلانا جديدا وهاما لقرار خطير وتأييد الرئيس للمساواة بين المواطنين جميعا و تبنيه لإنهاء الرق ومخلفاته وتأثيراته من فقر وتهميش وعدم استواء في الفرص المتاحة للجميع دون تمييز لأمر بالغ الأهمية، وأن رفض الرئيس للتراتبية الأجتماعية السائدة و التي من نتائجها تلك النظرة الدونية لفئات مهمة في المجتمع واعتباره ذلك باطلا وبلا أساس ولا مبرر ولا معنى لأمر يؤشر لمرحلة جديدة كل الجدة!!
وإن معارضة الرئيس المطلقة للتهميش والإقصاء ..
وإعلانه مواقف واضحة وصريحة من جميع هذه الظواهر والمشكلات شكل موقفا ثوريا بالغ الأهمية والحيوية أحيا الأمل عندنا وعند الكثيرين في وقف التدهور السائد وخلق مجال حيوي للوحدة ورص الصفوف وتصحيح المسار وتوجيه البوصلة نحو عمل يحقق التقدم والازدهار والاستقرار والسلام.
لقد كانت الأمور التي عبر الرئيس عن رفضها واستهجانها ابتداء من عدم المساواة ومرورا بمفاعيل التراتبية والنظرة الدونية والتهميش والإقصاء معروفة ومعروف تأثيرها على سلامة الوطن وخطورتها عليه ولا عدالتها ولا إنسانيتها وكان الكثيرون يحاولون تجنيب الوطن بعض الكوارث التي تنتظره إذا لم يتم التقلب على مفاعيل هذه الأمراض، وكان الذي يعيق العمل على تصحيح الوضع عاملين :
أولهما جهل الكثيرين بمخاطر هذه الأمراض البنيوية المترسخة والتي تحول دون وحدة المجتمع ورقيه!!
وثانيهما عدم وجود وعي لدى أنظمة الحكم التي عرفها البلد تجعلهم يتعاملون مع المشكلة تعامل تسوية وعلاج، الأمر الذي جعل رؤية الرئيس لهذه المشكلات يعتبر أمرا بالغ الأهمية أحيا الأمل لدى الكثيرين وكنت منهم بانعطافة جديدة تتطلبها المصلحة الوطنية، و لم يكن يهمني التأخر كثيرا في إدراك المسؤولين في قيادة البلد للمشاكل الرئيسية التي يعاني منها الوطن وإنما الذي لم يكن مصدر سعادة وراحة بال لي هو عدم التحرك في الاتجاه الذي يناسب مواقف الرئيس التي أوضحت إدراكه للب المشاكل وعبر عنها بوضوح...
إن رؤى الرئيس صحيحة بكل تأكيد لكنها لاتتحقق بمجرد رؤيتها أو الحديث عنها، إنها تحتاج تحركا وتدابير وخططا حتى يمكن بدؤ علاج الأمور فلن يكون علاجها بسهولة رؤيتها التي لم تكن سهلة لكنها تظل أسهل كثيرا من الأفعال العلاجية والتدابير العملية وإننا لم نرى حتى الآن مايدل على بدئ علاج الفساد المستشري رغم صعوبة العلاج وتعقد الظروف فلا يمكن استمرار التهاون في اختيار المسؤولين، فاختيار المسؤولين يتبع نفس الصياغ والأسلوب ونفس النهج الذي ساد لدى أنظمة لم تهتم بتخفيف الفساد إلا لفظيا، فهذا نظام عقد الصفقات، وذاك اختيار المسؤولين عن الصفقات، ونشاط الإدارة، وذاك استمرار الوساطة والزبونية والرشوة والروتين.
إن حربنا ضد الفساد يشبه المثل القائل أننا نعطي شارة السير يمينا لكننا نتجه شمالا، إن الذي يجري هو الذي ندين ونحارب !!!
أما مسألة المساواة وإنهاء التهميش والإقصاء فلم نرى جهدا يناسب حاجة الواقع لسياسة في ذلك المجال تكون جدية واسعة عميقة يتم فيها تعبئة وسائل الدولة وحزبها وإداراتها وإعلامها ونفوذها في عمل لتغيير الواقع والعقلية والعلاقات، فما عملنا حتى الآن لايختلف عما كان يعمل قبل إعلاننا عن ضرورة تصحيح السياسات وعلاج الأختلالات ؟؟
لقد اعتبرت أقوال الرئيس تعبر عن قناعات لا يمكن تأخر العمل لتحقيقها و وضع سياسات تسترشد وتستلهم منطلقاتها من وحي تلك الرؤى والأفكار والتوجيهات والسياسات وتوقعنا بدئ وضع أسس سياسة جديدة تؤسس لمرحلة من ترشيد التسيير والتخطيط والبرمجة و وضع الأولويات لحاجات الوطن والمواطنين في بلد عليه التحرك في كل الاتجاهات لتوفير متطلبات الحياة الكريمة الآمنة لمواطن تحالف الجهل والمرض والفقر عليه!!
لكننا لم نرى علاقة بين ماكان مصدر لأمل لنا في سياسات صحيحة تتبناها الدولة وعلى الجميع دعمها وبين مايجري من سياسات طابعها التخبط والفوضى سلطات تتحدث في كل شيء ولا تنجز شيئا لا تميز نزيها عن مختلس ولا وطنيا عن مفسد تبحث عن المتملقين أو لا تجد سواهم وتتجاهل المخلصين أو لا تعرفهم تقصي الكثيرين من الأكفاء وتغدق المناصب والمهام الكبيرة على متوسطي المعرفة المستفيدين في أغلبيتهم من المكانة والوساطة والمتاجرة و.و.و.
إن مرحلة الخمس سنوات لرئاسة الرئيس غزواني بدأت تنذر بنهايتها و مايزال المؤملون لرؤية الجديد في رئاسة الرئيس غزواني ينتظرون وينتظرون يريدون تغييرا في التسيير لا يجدونه ويريدون حماية للبيئة فلا يرون إلا تدميرها يريدون جديدا في قطاع الزراعة واستصلاح الأراضي لا يجدون شيئا يريدون عملا في الطرق والبنى التحتية في الصحة والتعليم في سياسة المياه وحالة الأسعار في حالة الأمن لا جديد، إطلاقا لا جديد يذكر .
إذا لم يبدئ تجسيد فعلي لبعض آراء الرئيس التي أعلن عنها في أوقات ومناسبات مختلفة في وقت قريب و بشكل عاجل تطبعه الجدية والصرامة فإننا نستطيع أن نسترجع( نقول إنا لله وإنا إليه راجعون) لأمل أملناه ولفرصة ضاعت منا !!
لقد كان الرئيس غزواني متمتعا بما لم نراه في غيره كان يحب الخير بدليل ماقدم من اجراءات وقرارات ولفتات كثيرة تعبر كلها عن روحه وقربه من المستضعفين وكان يدرك مايحتاجه الواقع بما أعلن من آراء ومواقف دلت على إلمام كامل بالواقع أما كيف تكون تلك روحه وذلك إدراكه للواقع ثم لا يحقق من السياسات الكثيرة التي يحتاجها الواقع شيئا فذلك أمر لا ندري سببه؟ فقد كان يستطيع تدشين خط سياسي يمكنه من تخليد مأثرة كبيرة لن ينساها له الوطن يحقق منها الممكن ويترك لخلفه الإتمام وللأجيال القادمة أو تكون له فترة أخرى يكمل فيها مابدأ أما أن يرى الأمور بوضوح ولا يعمل فيها شيء فذلك أمر بالغ الغرابة ولا أعلم له مبررا أو تفسيرا...
على أية حال قال القائل: على المرء أن يسعى ويبذل جهده وليس عليه أن يساعده الدهر وكان الله في عون الجميع!!!