إن الأمور غير المستقيمة في الحياة أكثرها من تدخل الإنسان غير الموفق في نسق الحياة وتساوغ عناصر الطبيعة فالإنسان مع تميزه بالعقل والتذكر والتفكر وتمييز الأشياء وتحليل الأحداث والظواهر والمشاركة الفعالة أحيانا والتأثر والتأثير في تطور الحياة وتفاعل العناصر المكونة لتركيب عناصر الوجود الحية بشرية وحيوانية ونباتية، فالإنسان هذا الذي سخر له الله الكون و كرمه وحمله في البر و البحر ورزقه من الطيبات وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الإنسان الذي خصه الله بالتكريم نراه طورا يجسد عامل خدمة وتنمية للحياة والطبيعة و طورا عامل تخريب وتدمير كل ذلك طبقا للخطئ والصواب في القرارات التي يتخذها في تعامله ونشاطه في البيئة والمحيط .
فنشاط الإنسان كله يشكل جزئا من صراعه الأزلي في مواجهة الطبيعة، وحتى لو كانت المظاهر توحي بأن صراع الإنسان ضد الإنسان هو الطاغي في حياته ونشاطه واعتبار ذلك هو الأهم فإن ذلك ليس أكثر من تمظهر جزئي للصراع الأزلي الجاري بين الإنسان والطبيعة !!
فالإنسان هذا المخلوق العجيب الذي رغم ضعفه وهشاشة بنيته الفيسيلوجية تمكن باستعمال ذكائه الفطري وعقله وتجاربه التحكم في الطبيعة واستخدامها شتى الأستخدامات لصالحه وصالح الطبيعة أحيانا كثيرة وضد مصالحه ومصالح الطبيعة أحايين أخرى ، فقد شكل بناء الإنسان للسدود وشق القنوات وحفر الآبار عوامل إجابية ساهمت في توازن وتطور الطبيعة في كثير من الجوانب في الوقت الذي شكل قطع الأشجار وحرقها وتجريد التربة من النباتات وإبادة الحيوانات والطيور وغير ذلك من صنوف التخريب والتدمير والعبث بها أشكالا من سوء التصرف تسببت في تجريد الطبيعة من جوانب كثيرة من حيويتها و فائدتها، فنشاط الإنسان الذي ميزه الله منذ البدايات الأولى للوجود البشري بطبيعته الأجتماعية وجعل التجمع والتعاون شرط وجود واستمرار للحياة الإنسانية فلا يمكن تصور حياة بشرية غير اجتماعية فالإجتماع يوفر كل شروط الحياة من تعاون لاستخلاص متطلبات الحياة الضرورية من الطبيعة حيث السكن والغذاء والماء و وبالأجتماع تتم حماية الإنسان من عاديات الطبيعة، ويتم استمرار النوع عن طريق العمليات البيلوجية للانتشار والتكاثر ..
إن تطور الحياة عبر الزمن شكل فيها الصواب والخطأ الإنساني لب الصيرورة في قيام الدول والكيانات جميع المدنيات والحضارات كان نموها وتطورها وازدهارها وتدهورها وتأخرهاوانحلالها وزوالها كل ذلك عبر عاملي الصواب والخطأ بمشيئة من له الخلق والأمر تبارك ربي وتعالى ورغم وجود صدف في التاريخ بدت مثيرة ولاتفسير لها تطمئن له النفس وأحيانا تحدث تغيرات كالطفرات لاتنسجم و التوقعات ولا تقترن بأحداث تسلسلية منطقية تناسبها وتبررها، فكل ذلك لا يعد كونه نتائج لتفاعل عوامل أكتمل نضج تأثير عناصرها المختلفة المنصهرة داخلها والمتولدة والمتغيرة من اجتماع وتفاعل لعناصر يقتضي العلم ومبادئ تكون الأشياء تمظهر الأمور طبقا لحالتها الجديدة بغض النظر عن فهمنا أو عدم فهمنا للتغيرات التي نرى ولا نعلم سببها!!
فأغلب التطورات تقترن بأسباب ظاهرة جلية أو خفية غامضة وفي الحالين ترتبط بعلاقات قوية بنشاط الإنسان في البيئة والمحيط الاجتماعي والطبيعي المقصود أو غير المقصود فكل الأمم والشعوب في جميع نواح الأرض في الشرق والغرب والشمال والجنوب عرف التجمع الإنساني فيها التطور والتقهقر والصعود والهبوط طبقا لعوامل من أهمها نوع النظم والسلط التي عرفتها وخضعت لها ونوع الحكام والقادة و رجاحة عقولها وكاريزماها وأشكال سيطرتها ونشاطاتها.
لقد حاول الكثيرون مؤرخين وفلاسفة ومفكرين تفسير عوامل النشوء والأرتقاء الأجتماعي كيف يكون النمو والتدهور الصعود والهبوط للمدنيات والحضارات ، وأبدع المفكر العربي ابن خلدون في تصوير قيام وانهيار المدنيات وتحديد الأسباب والعوامل المؤثرة في قيام العمران وخرابه أعطى أمثلة و أوصاف شكلت نبراسا للأجتماعيين المعاصرين.
نماذج الصواب والخطا في التاريخ:
لقد كان من أوائل من عرف من القادة نبخذ نصر البابلي ١١٢٦- ١١٠٣ ق م، كان دقيق التخطيط واسع الحيلة ونجح نجاحات واسعة جعلته يبني إمبراطورية كبيرة وعرف عن الإنسكندر الأكبر( ذوالفرنين) المقدونى ٣٥٦- ٣٢٦ ق م، أنه استطاع فتح مناطق واسعة من أراضي آسيا وإفريقيا وكان يتمتع بصفات منها بعد النظر وقوة المراس ودقة التخطيط، هناك الكثير من القادة شاركوا في أحداث أقل أهمية من هذين القائدين ومن الأحداث التي شاركا وتسببا فيها فيما قبل الميلاد!!
وشكلت البعثة المحمدية وقيام دولة الإسلام طفرة وعلامة فارقة حيث ظهر من بعد النظر و من الحكمة في السلوك والعدالة في النظام ومن شمول النظرة لكل حاجات الإنسان المادية والروحية ومتطلبات وشروط حياته وبقائه واستمراره مالم يتوفر في جميع الأنظمة التي سبقت الإسلام، فقد بدت قوانين البابليين ونظم حكم الكيانات والمدن اليونانية ،ونظم السلط عند المصريين وعند الرومان و"قرطاجنة" ونظم "لابراهما" في الهند وسلالات الأسر المحاربة في الصين كل ذلك وغيره من تجارب سبقت الإسلام بدت متخلفة كثيرا وشوهاء وبدائية بالمقارنة بنظام الإسلام الذي اتسع لكل مناح الحياة وحدد ضوابط شاملة وكاملة للعلاقات بين الإنسان والإنسان وبين الإنسان والحيوان والنبات، و حدد الحريات ومفهوم الطاعة وماهية الولاء وحدد الإسلام لأول مرة في تاريخ الديانات أهمية الرأي فيما لم يأتي فيه وحي عندما أقر الرسول صل الله عليه وسلم للحباب ابن المنذر في موقعة بدر الكبرى صحة رأيه عندما قال له هذا المنزل ليس يناسب متطلبات المعركة وطبق الرأي الذي قدم الحباب رضي الله عنه وبعد ذلك اتبع رأي سلمان الفارسي في حفر خندق في وجه جيش الأحزاب الذي غزى المدينة، والأمثلة تطول في الدور الذي أعطى الإسلام للرأي .
لقد شكل الإسلام نظاما كاملا شاملا دقيقا استوعب كل متطلبات الحياة و أوجد حلولا لأكثر المشاكل الحياتية التي اعترضته و وضع قواعد للنظر والتفكير والبحث وفتح المجال واسعا للعقلاء للمشاركة والإدلاء بآرائهم مما سهل التطور الذي شهدته الدولة وسهل التطوير والنمو.
لقد تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع مشكلات استخدم فيها الرأي بشكل عبر عن مستوى عقلي جد راقي نورد ثلاث أمثلة فقط: المثال الأول عندما حاصرته قريش ومنعته من الحج وكان قادرا على القتال والدفاع عن حقه وكان بعض المسلمين يميل لهذا الموقف بما فيهم كبار الصحابة فكتم غيظه وسيطر على الموقف وقبل صلح الحديبية فتجنب المعركة قبل نضج الظروف وساعد الصلح على كسب الوقت للنصر المؤزر الذي أتى في وقته ..
المثال الثاني : عندما تعرض المسلمون لما تعرضوا له في موقعة مؤتة واستشهد ثلاثة من القادة وآلت القيادة لخالد ابن الوليد فعمل حيلة من حيل الحرب جنب المسلمين الإبادة حيث كان الروم متفوقين تفوقا ساحقا وكان محكم القرآن يمنع استدبار العدو إلا لمتحرف لفئة أو متحيزا إلى فئة وكان استقبال أهل المدينة لخالد وجيشه متسما بالفتور وإظهار عدم الرضا فلم يقبل صل الله عليه وسلم وأظهر تفهمه للحالة وحافظ على مكانة خالد رضي الله عنه الذي كان له أكبر دور في كل معارك الإسلام من حرب الردة القاسية حتى الفتحين الفارسي والرومي !!
المثال الثالث : لقد كان رد النبي صلى الله عليه وسلم على موقعة مؤتة بغزوة تبوك لقد كانت أصعب غزوة عرفتها حياة النبي صلى الله عليه وسلم بسبب حالة العسرة التي يعيشها المسلمون وبسبب زمانها في أشد فترة من فترات الحر وكانت الوسائل قليلة حتى سمي جيش العسرة فكان من أصعب ما جهز النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته من الغزوات ولم يفهم الكثيرون أبعاد تلك الغزوة المباركة حيث أنها بعد معركة مؤتة الدموية وتتوجه لمواجهة جيوش كثيرة العدد والمدد وشديدة التسليح فهذا من المواقف التاريخية المتميزة حيث لو لم يجهز صلى الله عليه وسلم للقاء الروم كثيري العدد والعدة لقاموا هم بغزو المدينة وعرضوا موقف المسلمين للخطر ولا يستبعد انضمام بعض المنافقين والكثيرين ممن ظهر ضعف ارتباطهم بالإسلام عندما ارتدوا بعد وفات الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا الموقف الصائب حمى الإسلام وترك خوفا لدى الروم استمر حتى حان الوقت لغزو الروم !!
وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم جاء القائد الفذ الذي أنقذ بعبقريته الإسلام من الاندثار إن موقف أبي بكر الصديق من مانعي الزكاة أنقذ الإسلام من التحلل والأندثار لقد كانت خلافة أبو بكر الصديق بعد النبي صلى الله عليه وسلم نفحة خير من الباري تعالى لهذه الأمة حفظ الله بها الإسلام لو لم يحارب أبي بكر مانعي الزكاة الذين تحولوا إلى مرتدين صريحين لكان الإسلام انتهى بعد الرسول لاقدر الله .
و لم يكن اختيار عمر للخلافة إلا من بركة عبقرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه إن اختيار عمر ابن الخطاب بكل الصفات التي يتصف بها عمر رضي الله عنه من سعة العقل والصرامة مع التزام الحق والعدل لقد كان اختيار عمر عملا عظيما ساهم في ترسيخ دولة الإسلام لقد كان لأبو بكر وعمر رضي الله عنهما دور المشاركة في التأسيس مع الرسول المعصوم وكانا خير خلف لخير سلف له صلى الله عليه وآله وعليهما معه.
و كانت فترة الخليفة ذو النورين جامع القرآن ومجهز جيش العسرة للرسول وصاحب المآثر الكبيرة مع كل ذلك كانت هناك أخطاء كثيرة في سير الأمور مما أوجد أسبابا للفتنة والقيل والقال وكان هناك تقصير كبير لكبار الصحابة عندما لم يجتمعوا للجم الفتنة وقد شاركوا بعد ذلك بشكل أو آخر عندما سالت دماء المسلمين أنهرا في معارك تسبب فيها الخطأ الذي ذكرنا لو اجتمع علي بن ابي طالب وسعد بن وقاص والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وعائشة وعشرات القادة رضي الله عنهم لاستطاعوا وقف الفتنة وإعطاء النصح اللازم للخليفة لإجراء إصلاح بعض الأمور التي أشعلت الفتنة، إن عدم منع قتل الخليفة كان خطأ واستمرت الأخطاء في تاريخ دولة الأسلام تكبر أحيانا وتصغر وفي كل الأحوال لم يستعد المسلمون ذلك الصفاء والنقاء الذي عرفته مرحلة المعصوم وصاحبيه.. لقد فتحت الفتن باب التفرق والتشتت مكونة طوائف ومذاهب كل همها تثبيط الهمم والتخلي عن كل أسباب الوحدة والقوة والمنعة والرشاد.!!
دخل المغول من الشرق بغداد وبعد إبادة قادة جيش الخليفة وكبار حاشيته وحرق آلاف المكتبات وإلغاؤها في نهردجلة ولما أخذوا يخرجون الحريم الجواري والمحظيات بدأ يظهر الألم ويطلب أن يتركوا له جارية معينة!! ففرضوا عليه إظهار كنوزه ولما دلهم على أطنان سبائك الذهب قال له هلاكو ساخرا لو أعطيت هذا المال لجندك وشعبك لمنعوك وقاتلوا دونك !! إنه كلام صحيح تفوه به هذا السفاح ،إن مدى خطئ هذا الخليفة وأسلافه بحجم ماتعرضوا له من إذلال وتقتيل!!
وفي الاندلس وبعد أن بلغ العلم شأوا غير مسبوق امتلأت المدن بالعلماء وطلاب العلم وازدهرت كل الفنون وتفتقت الذهنيات عن فكر ابن رشد وابن حزم والشاطبي وعشرات العباقرة فلم يمنع ذلك السياسيين من أن ينخرطوا في صراعات بين المدن والدويلات ويتنافسوا و يتطاولوا في البناء وفي اقتناء الجواري والمغنيات والتمتع بمباهج الحياة حتى دهمهم الأعداء وأيقظوهم من نومة طال استغراقهم فيها لقد كانت أخطاء أهل الاندلس جد كبيرة أيضا!!
دروس الإصابة والخطأ في التاريخ الحديث!!
ظل قيام الدول واختفاؤها وتوسع الإمبراطوريات وانكماشها خاضعا لسلسلة من النجاحات والإخفاقات التي تجسد الإصابة والخطئ في أعلى صورهما. . فقد أخطأ الشريف حسين عندما صدق ابريطانيا في وعدها له بإقامة مملكة عربية موحدة في المشرق إذا تعاون معها في طرد الأتراك العثمانيين لقد أعانهم لتحقيق مبتغاهم وحققوا وعدا قد وعدوا به اليهود بإقامة وطن لهم في فلسطين !! واستمر العرب في العصر الحديث في غيهم يعمهون يتنقلون من خطإ إلى خطئ أكبر من الأول حتى فشلوا وذهب ريحهم فقدوا سيادتهم ودورهم ومكانتهم وسلبوا ثرواتهم وما زالوا مستمرين من عثرة لعثرة ومن معضل لمشكل ومن مأزق لمأزق!!
استاطاعت الصين النهوض بعد المناورة الكبرى للزعيم الصيني ماوتسي كونغ الذي فوت على حكومة اتشاي كاي شيك خطتها لمحاصرته ثم إبادة قواته فقام بالمسيرة الكبرى من منطقة اجيانغستي قاطعا ٨٠٠٠ كيلومتر كانت خاتمتها نصرا مؤزرا عندما التف المزارعون حوله وأنهى سلطة الكومنتانغ وأقام الصين الكبرى في البر الصيني الذي بدأ رحلة التطور واسترداد المكانة العالمية للصين حتى أصبحت اليوم قاب قوسين أو أدنى من احتلال قمة التقدم العالمي في مختلف المجالات وأصبح الفقر المدقع الذي كان يجتاح أكثرية أقاليم الصين كأنه لم يكن!!! إنه النجاح المذهل!! واستطاعت فيتنام الأنتصار بجدارة عبر سلسلة معارك استمرت من أربعينيات القرن الماضي لقد استطاع هوتشي من المنحدر من أسرة فقيرة معدمة أن يقود مع رفاقه معارك ناجحة ضد الفرنسيين أولا الذين استسلمت قواتهم في اديان ابيان فو وضد الإمريكيين الذين استخدموا كل الوسائل لدحر قوات الفيتكونغ الثورية ولم يمنعهم ذلك من الهزيمة المذلة..
ونجحت في منطقتنا الثورة الجزائرية بعدما قدمت من التضحيات ما فاق التصور وطردوا الفرنسيون يجرون أذيال الهزيمة وكذلك في منطقتنا انتصر مناضلوا جنوب إفريقيا على الأقلية البيضاء والتمييز العنصري الذي كانت تمارس ضدهم واستطاع نيلسون مانديلا ورفاقه إقامة نظام شرعي دون أن يهتز الوضع الأمني في جنوب إفريقيا فحفظوا أمن الجميع واشترك الكل في البناء والعمل لتطوير بلدهم في مختلف الميادين ،
إنها نجاحات اقترنت بصوابية الرأي والسلوك مثلما اقترن الفشل الذي اشرنا إلى بعضه بسوء الرأي والسلوك.!!
لقد حدثت أخطاء جسيمة كانت نتائجها كارثية في آلمانيا النازية وفي اليابان لقد اقترب البلدان من النصر قبل أن تقوم آلمانيا بالهجوم على الأتحاد السوفياتي لقد كان هجوم آلمانيا على الأتحاد السوفياتي هو الخطأ الذي أنهى الوحش الألماني كما كان هجوم اليابان على ميناء بير ل هاربر الذي أدى إلى دخول إمريكا للحرب العالمية بمثابة الكارثة لقوات المحور إلمانيا وإطاليا واليابان!!!
في الحرب العالمية الثانية وقع مارشال فرنسا بتان في الخطأ عندما استسلم لآلمانيا لتجنيب قواته الإبادة كما زعم وتوفق جنرال صغير ذلك الوقت هو الجنارال ديغول فرفض الاستسلام ولجأ إلى ابريطانيا فصار بطلا لفرنسا بموقفه الصائب وتحول بطل فرنسا ومارشالها بموقفه الخاطئ إلى خائن!!!!
في هذه الصيرورة كيف كان حالنا؟
لقد اقترنت بدايات العمل لإقامة موريتانيا ككيان بغياب الوعي عند من لهم علاقات بالمستعمر وبمن يستطيعون تصور كيف يكون الكيان قابلا للحياة والتطور، لقد انفرد الأستعمار بوضع خريطة موريتانيا ولم يهتم بضمان توفير شروط الأنسجام والكمال الذي يسهل النجاح والتطور إن عدم اعتبار ( اندر) سينلوى الذي كانت تدار منه مناطقنا جزئا من موريتانيا وكان يجب أن يكون النهر من سنلوى إلى "ماتم" مقابل كيهدى كله في موريتانيا كان هذ الوضع سيجعل مكون إفلان في الجانبين من النهر في وطنهم موريتانيا معطين مستوى من المعقولية غير متوفر فيما جرى!! وكان شمال مالي من شمال كاي مرورا بالليوانة وانورو دي ساحل ثمانين كيلو متر من الاراضي التي قطعت لمالي كانت من حقنا بآدواب العرب السمر وقرى السونيكي وفلان ومن
غاوة ومرورا بتومبكتو حتي كدال في أقصى شرقى أزواد عدم جعل كل هذه المناطق من ضمن أراضي موريتانيا يدل على عدم الأهتمام بمستقبل المنطقة
إن العرب وإفلان والسونيكي عاشو قرونا وقرونا معا فوق هذه الأراضي في وحدة وانسجام ،وعدم اعتبار ذلك في تكوين الدولة وإنشاء الكيان من الأخطاء التي سيكون لها تأثيرها القوي على الاستقرار والتطور دائما
وكان المفروض طرح مشكلة سكان الصحراء الغربية عند قيام موريتانيا وجعل الاستقلال مشروطا بجعل مجتمع البيظان كمجتمع الفلان والسونكى كلهم جزءا اساسيا في تكوين هذ الكيان وكان بذلك سيمثل فضاء متكاملا ومنسجما يضمن قيام كيان قوي في دولة قادرة على خدمة شعبها وبلدها وإقليمها.
لقد كان لهذا التكوين الخاطئ للبلد أثره على قابلية البلد للنمو والتطور ولن يمكن استمرار الأمور دون تغيير إلا إذا كان لابد من استمرار مرافقة جسم مليء بالعلل لايعلم إلا الله كيف سيتم علاجه!!!
كلمة أخيرة!!
رغم النواقص التي رافقت البلد في تشكله وقيامه والذي يؤثر علينا وعلى جوارنا أشد تأثير في الصحراء الغربية ومشاكلها وفي شمال مالى وأزواد وفي علاقات جانبي النهر بيننا والشقيقة سينغال رغم كل ذلك نستطيع بتقوية وحدتنا وعلاج العلاقات الداخلية بين مختلف مكوناتنا وبترسيخ مبدئ المساوات والتشارك العادل يمكن تخفيف تأثير الأختلالات البنيوية وتوفير شروط الأستقراروالتطور وحفظ البلد من ارتداد الزلازل
التي تهز المنطقة نتيجة عيوب التشكل واللا توازن من حولنا!!!