قد يفهم البعض من قضاة النيابة والقضاة الجالسين-هنا وهناك-أن دورهم يقتصر فقط على تطبيق النصوص القانونية المعهدة لهم بمقتضي الاختصاص.
ولكن الأمر يتعدى ذلك إلى ماهو أعمق و أدق؛ إلى البحث عن روح ومبادىء و قواعد القانون العامة.. وهو ما يطلق عليه في بعض الجوانب الممارسة القضائية بحياد القاضي الإيجابي…
وللمحاكم العليا متى كان الأمر مطروحا الدور الرقابي المحورى للتأكيد على هذه المبادئ المختلفة و المتشعبة و المتداخلة أحيانا؛ بصفتها أعلى هيئات قضائية مختصة لقول و تفسير القانون و تحديد الفرص و المعايير القانونية لتجاوز و التعامل مع إشكالات قانونية و قضائية مطروحة على القضاء في مختلف مستوياته وخاصة على كاهل رجاله -قضاة النيابة والقضاء الجالس-تفاديا لعدم احترام مبادئ وقواعد قانونية هي بالأساس مهمة؛ وتحديدا مبدأ “احترام عدم إنكار العدالة”، وهي قاعدة ملزمة و مقدسة في جميع أعمال القاضي.
ويتعين تحديد الكيفية والحدود المسموح بها في التعامل مع نازلات قضائية منشورة أمام القضاء لم يتم تقنينها وضبطها قانونا في ممارسات المنظومات القضائية المختلفة؛ ومع مراعاة احترام تكريس مبدأ “لاجريمة و لا عقوبة إلا بمقتضى نص قانوني” و ما قد ينجر عن هذا المبدأ في حالة تكريس احترامه من إمكانية حدوث كسل أو عزوف لدى قضاة أثناء تعاملهم مع بعض الملفات؛ بحجة مبرارات تتصل أساسا ب”عدم وجود نص قانوني مجرم للنازلة المنشورة أمامهم”..!