يعتبر معدن الذهب أحد أهم الثروات الطبيعية ذات الطبيعة الاستخراجية، وتم اكتشاف الذهب في موريتانيا بالألفية الجديدة بوصفه ثروة قابلة للإنتاج، أي أن مشروع التنقيب عنه واستخراجه وكل التكلفة الناجمة عنه، يمكن استردادها بعد الحصول عليه وبيعه، وبقاء هامش ربحي مريح.
ورغم أن الدولة الموريتانية عقدت اتفاقية مع الشركة الكندية كينروس لاستخراج هذا المعدن النفيس مقابل نسبة من المداخيل، فإنها رخصت في ما بعد للمواطنين بالتنقيب عن الذهب السطحي بشكل فردي أو جماعي، وذلك في مناطق محددة في ولايتي اينشيري وتيرس الزمور، لكن ظروف الإنتاج ونوعيته مختلفة بشكل كبير بين قدرات شركة عملاقة تعمل باحتراف وبشكل علمي وبواسطة معدات وآليات عملاقة، والتنقيب التقليدي ذو الوسائل المحدودة والبدائية.
أخطار متعددة
ونظرا لخطورة العمل في هذا المجال خصوصا للمواطنين البسطاء كان لزاما أن يتم تشخيص المخاطر الدائرة بهذه المهنة وتحديد حلول استراتيجية تحفظ الأرواح والممتلكات، هذا وينقسم الخطر إلى قسمين هما:
1 - خطر على الاستثمارات التي يتكبدها هؤلاء وإمكانية الخسارة الكبيرة التي تضر برأس المال، فبدلا من أن يكون العمل مساعدا على تغيير واقع المستثمر يكون سببا في خسارته وضياع أمواله.
2 - خطر فقدان الأشخاص لحياتهم وهم ينقبون عن الذهب في أعماق المناجم الهشة والضعيفة أمام الانهيار، والتي لا تعتمد أدنى مستويات الأمان.
محاولات سابقة
ولعل إنشاء شركة معادن موريتانيا كان إيجابيا في محاولة جادة لتنظيم قطاع التنقيب التقليدي عن الذهب وتمهينه، بحيث تصنف المهنة، ويتم إدخال عائداته في الدورة الاقتصادية، نظرا لحجم الدخل الاقتصادي الكبير من عائدات هذه الصناعة البدائية.
لكن هذه الشركة تقف عاجزة عن منع وقوع الحوادث التي يتعرض لها المنقبون التقليديون عن الذهب، وكان آخرها فقدان ثمانية أشخاص بعد انهيار بئر تنقيب عليهم في منطقة "اصبيبيرات" بين ولايتي داخلة نواذيبو واينشيري، وهو ما يؤكد خطورة هذه المهنة وقلة الإمكانات المادية لحماية أرواح ممارسيها.
الحل..
ولعل الحل الوحيد الذي بإمكانه الوقوف أمام المخاطر المحدقة بالمواطنين الممارسين للتنقيب التقليدي سواء من ناحية المخاطر على فقدان الحياة أو من ناحية المخاطر على ضياع رؤوس الأموال والاستثمارات، يكمن في تبني الدولة بشكل كامل لمشروع الشركة الموريتانية لمناجم الذهب، بحيث توقف جميع أعمال التنقيب التقليدي عن الذهب باعتبارها، أعمال فوضى تنطوي على مخاطر كبيرة، وبالإمكان التعويض عن التراخيص التي منحتها وما تزال سارية المفعول، وتقوم باحتكار المجال على أن يفتح المجال للمواطنين في المساهمة بالشركة من خلال شراء أسهم، وتقوم الشركة باقتناء الآلات المطلوبة واكتتاب الكفاءات من مهندسين وعمال مناجم، ولا بأس إن تم تكوين المكتتبين مهنيا على مجال المناجم.
ويقع على عاتق هذه الشركة الجديدة فتح مناجم في المناطق التي تحتوي على المعدن الأصفر، تكون مراعية لشروط الأمان فنيا ونوعيا، ويمكن أن تفتتح أكثر من منجم في عدة مناطق، وتقوم بإغلاق وردم كل منجم نفد مخزونه، والانتقال إلى مناطق جديدة.
المزايا والفوائد
إن أهم فوائد هذا المشروع ستكون منع المواطنين من الرمي بأنفسهم إلى التهلكة، كما أن أموالهم سوف تحفظ لهم، بالإضافة إلى اكتساب الخبرة اللازمة، لميراث شركة كينروس حين ينتهي الاتفاق معها، بالإضافة إلى امتصاص الآلاف من الشباب العاطلين عن العمل، من خلال توفير مهن آمنة ودائمة، مباشرة وغير مباشرة.
إن من أهم نقاط قوة المشروع هو تحويل المنقبين من أشخاص مجازفين بحياتهم إلى مساهمين مستفيدين من الأرباح، حيث يجب أن تقسم الأسهم المعروضة للبيع إلى ثلاث فئات، وهي:
1 - أسهم صغيرة للمواطنين العاديين، وتصل نسبها 50 %.
2 - أسهم متوسطة للمستثمرين الوطنيين تصل نسبتها 20%.
3 - أسهم كبيرة للشركات والمؤسسات والبنوك تصل نسبتها 30%.
إن من مزايا هذا الحل أيضا إشراف الدولة الموريتانية على المحافظة على البيئة والبنية الجغرافية لمناطق التنقيب، بحيث يتم إعادة الأرض إلى سابق عهدها بعد الانتهاء من المنجم.
كذلك من الفوائد الحفاظ على الكنوز الثقافية والأثرية التاريخية التي تعود لحضارات قديمة، غالبا ما يعثر عليها المنقبون التقليديون عن الذهب ويتم الاتجار بها بشكل غير مشروع للأجانب وإخراجها من البلد.