بجمع علماء الاقتصاد والاجتماع والسياسة أنّ البلدان الغربية تدين بجزء كبير من استقرارها إلى نشاط الجمعيات الخيرية غير الحكوميّة وإلى العمل الجمعوي والتطوعي العاملة في المجال الإنساني والخيري، التي تقدّم خدماتها إلى طيف متزايد من فئة المحتاجين والفقراء ..
وثمة جملة من المؤشرات المعتمدة للقياس لا بد من التأكيد عليها هي أنّ :
أولا: كل المؤشّرات تدلّ أنّ نسبة الفقر لدينا في ارتفاع متزايد من شهر إلى آخر، بل من يوم إلى آخر.
ثانيا : عجز الدولة عن تقديم الحدّ الأدنى لإيقاف هذا الانهيار الذي ضرب الطبقة المتوسّطة وجعل قدرًا كبيرًا منها يلتحق بطبقة المعوزين.
ثالثا : حين نستثني العبارات الفضفاضة والنوايا الجياشة، لا اهتمام فعلي وفاعل من قبل الطبقة السياسيّة لارتفاع نسبة الفقر لدبنا.
و يبقى فعل الخير بجميع مستوياته أحد أهمّ الحلول الممكنة أو التي تمثّل حلاّ قد يكون الأخير ليس فقط لمساعدة هذه الفئات بل هنا يكمن الخطر لوقف انهيار الاستقرار الاجتماعي ببعديه الإنساني والأمني ودخول البلاد طور المجهول.
فلا يمكن إنكار أن التآزر الأسري يلعب دورًا هامّا في الحفاظ على القدرة الشرائيّة لفئات متزايدة من الشعب اجتازت خطّ الفقر إلى مستويات ادنى. ولكن هذه الخطوات الفرديّة العادية ليست كفيلة عاجزة كلّ العجز عن التحوّل إلى رافعة على المستوى الاجتماعي، تمكّن من التكفّل بأوسع قطاع ممكن من الفئات المحتاجة في البلاد.
نشير إلى أنه على المستوى الأخلاقي بصفة عامة لا معنى لأيّ ديمقراطيّة جميلة ورائعة في ذاتها، إن لم يصحبها نموّا اقتصاديّا قد يتحوّل إلى تنمية حقيقية تشمل الجميع أو على الأقلّ يمسّ أوسع قطاعات ممكنة من الشعب. اجل أن جائحة كورونا تلقي بظلالها علينا ولكنها لم تؤسّس الفقر الذي كان قائمًا قبلها، بل أنها عمّقته وجعلت أعدادا كبيرة جدا تصبح ضحية الفقر والجوع والمرض..
ومن المؤسف أنه لم تتأسّس بعد في بلادنا ثقافة التبرّع وذلك ليس لغياب الرغبة أو الوازع بل لمرد غياب الشبكة المجتمعيّة القادرة على ترسيخ الطمأنينة لدى المتبرّعين. فضلا أنه لا يملك الناشطون الجمعويون التجربة والقدرات على إيصال الأموال أو المساعدات الممنوحة وادراجها ضمن التنمية وإلى المحتاجين فعلا. فلا شك أنه لايمكن نفي ما تبذله عدد من الجمعيات من جهد، وما تقدمه من تبرعات نقدية وعينية، لكنّ الأمر لا يتعدّى حملات موسميّة إن على مستوى نشاطها الجهوي أو المناطقي