انقلاب وشيك / عبد الفتاح ولد اعبيدن

فشل النظام القبلي العسكري في حفظ أهم مكوناته المدنية، ذات الطابع الأسري الحساس، فهؤلاء المتصارعون المتباغضون -ولو ظاهريا-من مشرب أسري واحد، ويأكلون من مائدة عمومية حرام أو مشبوهة -على الأقل-واحدة، واثنين منهم من المؤسسة العسكرية..

اشتركوا في الانقلاب على ولي نعمتهم معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع، وبوعماتو، لم يستطع استيعاب الكم الهائل من النجاح المادي، ذي المصدر الواضح الغامض، فهو تاجر "جنمبو" في شركة "كوبرال" الذي كان يخدم الملازم البحري المعروف "جوب مصطفى" أيام كان وزيرا للتجارة في زمن ولد هيداله، ليحصل على رخصة "مؤسسات لحلاو وجنمبو" ومن قدر الله وبتدبير عسكري قوي، معاوية ولد سيد أحمد الطايع، حول إلى مصاف أكبر تجار غرب افريقيا في وقت وجيز وبأسلوب مثير، فأكل 18 مليار من البنك المركزي، بشهادة عزيز، وأخفى وثائقها بالتعاون مع "بن حد" وغيره من أطر البنك المركزي، ليكون الضحية حلماء "اسماسيد"، اشريف ولد عبد الله، عبدو محم ومحمد ولد نويكظ، ويخرج ولد بون مختار وإسلم ولد تاج الدين من النافذة المكشوفة.

ويأتي موضوع الغاز وضمانات الطاقة واستغلال سوماغاز وسوملك وغيرها من مؤسسات الدولة، بصورة ربوية شنيعة بشعة، وموضوع 40 مليار "صكوك الخزانة العامة"، وتسديد سبع مليارات أوقية في زمن إعل، لصالح بوعماتو GBM، رغم قول اعل ان الدولة وقتها "بقالة خاوية على عروشها".

وفي المقابل يصدر أوامره لولد الشيخ سيديا، وزير المالية، ليسدد بسخاء للمتنفذ العتيد المدلل بوعماتو سبع مليارات، على مرأى ومسمع من الجميع مع مبالغ رمزية بسيطة لبعض المصارف للتغطية على الموضوع، ويغوص بعدها في الاسمنت مع النصارى الفرنسيين، ويتطور موضوع تبييض الأموال، فيتابع الفرنسي الهارب بالمعلومات الخطيرة إلى السفارة الفرنسية، ويسدل الستار على "العملية المثيرة"، لأنه كان يستغل معاوية وشقيقه أحمد، بصورة مقززة ومثيرة للشفقة.

وأكل من خيرات البر والجو والبحر، وجاء إلى شخص ليس من طبيعته الصبر طويلا على الإهانة، رغم سلبيات كثيرة معروفة في طبعه "اللوكي" نسبة إلى اللوك بالسنغال.

فأوقفه عند حده، وخرج مغاضبا إلى مراكش بالمغرب، دون عودة وإلى اليوم، ولا أحسبه يرجع أبدا إلى هذا البلد إن شاء الله، وأقول بصراحة الحمد لله على الخلاص من هذا الظالم، عدو الكلمة الإعلامية الحرة، ألم يكن من الأسلم محاكمتي على ضوء قانون الصحافة غير النموذجي، بدل القانون الجنائي والانتربول والتغريم 300 مليون أوقية، إثر مقال صحفي مشروط، مكتوب في مدخله، "معلومات غير مؤكدة وفي المقابل لا يمكن نفيها"، وقبل ذلك محاولة الإغتيال بالسجن المركزي المجاور لقصر العدالة، الأحد 27 مايو2007، وقبل أيام قليلة التهديد المباشر على يد "ب،ص"، من هاتفه الشخصي، وقد أبلغت ذلك دون شكوى لدى الشرطة، استعدادا لملف محاولة الاغتيال، الذي طلبت التحقيق بمدى صلته بما حدث يومها.

على كل حال العاصفة هبت، ودفع الثلاثة الثمن، وسيظل الخاسر الأكبر الوطن واستقراره ومشروع التنموي الهش، وإن فشلوا في التصالح وتحاشي مزيد من التوتر والتصعيد الشيطاني، فإن النظام-أي نظامهم القبلي العسكري الاستبدادي- سيسقط كما -سقط نظام اصنادره واسماسيد وسائر المطبلين من الموريتانيين أيام معاوية- وسيسقط النظام الانقلابي برمته، مهما ادعو من مرحلة انتقالية جديدة بعد ذهاب ولد عبد العزيز عن دفة الحكم، على يد شخص مرتقب، معروف أو غير معروف، من المنطقة الشرقية، التي صامت وقتا غير قليل، عن تولي الكرسي  بصورة مباشرة، ولن يعدم السخاء وسوء التسيير، وبصورة خيالية، أيام الرئيس المنتظر.

 وأما ما يشاع عن "صهرنا" الذي لا يقدر حقوق المصاهرة المقدسة من أمر المخدرات، إن كانت صلة بوعماتو قد فرضتها عليه، إلا أن صاحب التهمة في المقام الرئيسي، يعرف نفسه قبل غيره، وإن أوحى إلى بعض جماعة افريقيا فرنسا، بمحاولة توريط ولد عبد العزيز بموضوع المخدرات في البرلمان أو الإعلام الفرنسي، فهذا أسلوب مكشوف المقاصد في هذه الفترة، وسياق الحملة الحالية، التي لا أستبعد أن يتم التغلب عليها نهائيا، ولو في وقت متأخر نسبيا، وإلا فهو انقلاب وشيك في الأفق، سيدفع ثمنه الوطن، قبل الثئران الثلاثة المتصارعين، على مسرح السرك المعقد الفهم والتحليل والشرح.

اللهم سلمنا، ولا تفتنا بهم ولا بغيرهم، وأحفظ بلدنا واهدي الجميع للصلح وتجنب الفتن والعواصف الهوجاء، الممزقة لكل استقرار أو أمل في الاستقرار على الأصح.

بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر لصحيفة الأقصى

19. فبراير 2013 - 21:22

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا