عرف الشناقطة بريادتهم المشهودة في الأدب العربي والفقه الإسلامي، و قد أعطى ذلك صيتا لأهل شنقيط في المشرق والمغرب الإسلاميين.
ومكنت الكفاءة العلمية بعضهم من تمثيل البلاد خير تمثيل، فنالوا الشرف والفضل، و تبوؤوا المنصب السامي ..
ساعدهم في ذلك أن الأمة العربية ظلت جسدا واحدا -تقريبا- حتى اتفاقية شايكس بيكو التي فرقت الوطن العربي طرائق قددا، و مزقته تمزيقا مخططا له.
وخلقت منه الدولة القطرية المنغلقة على شعب مظلوم في أغلبه، في حيز جغرافي محدود ملغوم بالمشاكل...
عملت هذه الدولة على تنمية الحس الوطني بمفهومه الأشبه بالتعصب القبلي على حساب الحس القومي الذي ينظر إلى الأمة العربية ككيان رحب تذوب فيه الانتماءات الضيقة من محيطه إلى خليجه.
هذا الكيان الرحب هو الوطن الطبيعي، الذي كان يراعي الكفاءة؛ والتي بفضلها تمكن ولد اتلاميد وولد ميابى والشيخ آب ولد اخطور و غيرهم من الوصول إلى مكان صنع القرار في مصر والأردن والسعودية ...
غير أن المبدأ الاستعماري "فرق تسد" عمل أساسا على بناء الحواحز بين أبناء الشعب الواحد، و زرع بذور الفرقة والشقاق لنحصد في زماننا هذا الواقع المؤلم الذي تعيشه الأمتان العربية والإسلامية، والذي أدى من بين أسباب أخرى إلى تراجع دبلوماسيتنا الثقافية نسبيا.
ورغم ذلك فإن السفارة الثقافية الشنقيطية -والحمد لله- ما انفكت حاضرة ، حيث لاتزال البلاد معطاء تقدم الجيل بعد الجيل من أصحاب الريادة الذين حازوا السبق في أكبر المحافل الثقافية العربية والإسلامية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه :
كيف لنا أن نستفيد من هذا العطاء الثقافي المشهود في المجال السياسي؛ فنطور علاقاتنا بإخواننا في المشرق والمغرب ؟
وكيف لنا أن نستفيد منه -أيضا- في المجال السياحي؛ فنتمكن من لفت الانتباه إلى البلاد مستغلين ما نملك من إرث ثقافي مادي ومعنوي..؟