يجمع معظم الباحثين ممن ربطوا مفهوم السياسة بعملية التدبير و الإصلاح على تعريفها بأنها هي فن الحكم و صناعة تدبير شؤون الدولة.
و قد أشار المفكر ابن خلدون إلي عدة أنواع من السياسات وفقا لمفاهيم عصره.
فمنها ما سماه بالسياسة العقلية وهي التي تجري على آداب خلقية وقوانين في الاجتماع
طبيعية و هي ذات إتجاهين متناقضين:
– أولًا: إما أن تقوم على قاعدة التوازن بحيث يؤخذ بها برعاية المصالح العمومية و مصالح السلطة الحاكمة على السواء،
– ثانيا: أو إما أن يقتصر الأمر فيها علي مراعاة مصلحة صاحب السلطان وحده ليستقيم له الأمر و لو بالقهر والغلبة .
– ثالثا: شدد ابن خلدون على أهمية العصبية و الشوكة ( أي القوة العسكرية) في قيام الدول
و إستقرار سياسة الحكم فيها مهما كان نوع تلك السياسة.
و إذا ما سلمنا جدلا بأهمية هذا الطرح في وقتنا الحاضر و ملائمته من الناحية الواقعية
و البراغماتية، فإن رئيس الجمهورية السيد محمد
ولد الشيخ الغزواني قد أختار في إطار مشروعه المجتمعي الذي قدمه للشعب ، تبني خيار الحكامة السياسية الجيدة لما يترتب عليها من تكامل في الأدوار بين القطاع العام و الخاص و مؤسسات المجتمع المدني.
و قد عبر سيادته في مناسبات عديدة عن إيمانه الراسخ بأن تحسين علاقة الإدارة الحكومية مع المواطنين تكون عبر اعادة
الثقة بين هذه الإدارة و المواطن ،و بالرفع من مستوي الإنتاجية و الأداء العام و تحسين جودة الخدمات التي تقدمها للمستفيدين
و إنتهاج أنظمة جديدة قائمة على أسس دولة الحقوق و الإلتزام بالقانون لأن ذلك هو السبيل الأوحد لتحقيق التطوير و التنمية المنشودة.
و بالرغم من أهمية هذه المقاربة في حل الإشكال التنموي
في موريتانيا و النهوض بإقتصادها الذي يواجه تحديات بنيوية منذ عقود فإنه يتعين علينا جميعًا الانخراط في
جهد وطني يستهدف
تقويم كل الإختلالات الناجمة عن
ضعف التسيير و التخطيط والعمل على تعزيز التشارك
و حسن التنظيم في جميع القطاعات الإنتاجية و الخدمية و إضفاء الشفافية في منح الصفقات و أحترام آجال تنفيذها بالنسبة لكل المرافق العمومية للدولة و مشاريعها التنموية.
في هذا السياق، فقد أعطي رئيس الجمهورية مؤشرات
قوية مؤكدا على تنفيذ تعهداته في أجالها المحددة.
فهل نغتنم هذه الفرصة قبل
فوات الآوان…؟!!ا