حزب الإتحاد من أجل الجمهورية لايتردد في إعلان مواقفه المتعنتة والرافضة - في أغلب الأحيان - للمبادرات والحلول التوافقية التي تتقدم بها الأطراف السياسية وآخرها مبادرة رئيس البرلمان الموريتاني مسعود ولد بولخير لكنه يلتزم الصمت الرهيب في عندما يتعلق الأمر بالمصالح الوطنية كارتفاع أسعار المحروقات وغلاء المعيشة واستشراء الفساد
واتهام رئيس الدولة برعاية وحماية تجارة المخدرات ومضايقة رجال الأعمال وغيرها كثير .فمتى يرفع نواب الحزب أياديهم ويطلق ساستة حناجرهم وتنطلق البيانات من ماكنة حزبهم؟ متي يحدث ذلك كله؟ أفي الصالح العام؟ أم لأجل المصالح الخاصة جدا؟ إن المراقب يدرك منذ الوهلة الأولي لتأسيس الحزب السياسي أهدافه وطموحاته ويرصد في مواقف ذلك الحزب مدي التناقض أو التوافق بين الأهداف والسياسات ولكن ظاهرة حزب الإتحاد من أجل "الجمهورية" عصية علي الفهم والتقويم وفق المعاييرالتي تقوم عليها الأحزاب السياسية ، فهذا الحزب جمع بين ظهرانيه رجال العسكر والأعمال والمال والسياسة والفن وكل المشارب والتيارات وهو الحزب الوحيد الذي تجمعت خيوط نشأته إبان انقلاب علي الدستور وشاركت كتائبه العسكرية والمدنية ضمن مخطط "أكراب3"
- إذا جاز لنا أن نستعير هذا المصلح من قاموس ولد الطايع- واستجلبت لبنائه وترسيخه خبرات محلية وأخري عالمية ساهم رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو في استجلابها من فرنسا(وهو الآن نادم علي ذلك طبعا) وخاض الحزب غمار معركة دكار الشهيرة واتضح حينها أن فريق ولد عبد العزيز في المفاوضات لايحرص علي شيء كحرصه علي قبول المعارضة بقائد الإنقلاب علي الشرعية مرشحا للإنتخابات الرآسية ومقابل ذلك تنازلوا عن الوزارات السيادية وكل ماطلب منهم التنازل عنه لقد كانت لحظة فارغة في مسار مجموعة ولد عبد العزيز التي فرحت بكونها حققت لأنفسها ما تنال به رضي الرجل ثم أعلن عن فوز ولد عبد العزيز في الإنتخابات المزورة وقتها بكل أشكال التزوير. وأنتهي دكار في عرف حزب الإتحاد من أجل الجمهورية لأنه لم يكن في حقيقة سعيهم سوي مسرحية لإنتزاع شرعية الإنتخاب لفارسهم ومحقق مصالحهم أما الوفاء للمبادئ السياسية التي توجب علي الأحزاب الإلتزام لشركائها بما تتفق عليه فلا حرج لدي الحزب في انتهاكه الصارخ ومع بداية حكم ولد عبد العزيز توزع الحزب علي الأدوار التي شاهدها الجميع وتناقلتها وسائل الإعلام . فريق في البرلمان لم يسجل يوما أن أياديه "البيضاء" رفعت ضد مشروع ينتهك مقدرات وخيرات هذا المجتمع من السمك أو الذهب أو النفط أو أي مورد جري انتهاكه في صفقات الحكومة الحالية . فريق آخر عهد إليه بتظيم حفلات استقبال الرئيس في حله وترحاله وتمجيده وشكر "انجازاته" وتعظيمها في أعين الشعب مهما كانت هزيلة وضعيفة. وأما فريق القادة السياسيين فقد وقع في فخ التناقض المكشوف فالتعبيرات السياسية مرتبكة وعاجزة عن مواكبة الشأن الوطني فقد تجدها في لحظة نشوة عابرة عندما يخرج الرئيس من مأزق أدخل فيه نفسه ( كالشفاء من الرصاصات ) وفجأة تدخل "السباع" في جحورها وتلتزم صمتها الغريب فتداس الحرمات (حرق الكتب الإسلامية ) وتنتهك الأعراض( الحراك الطلابي في المعهد العالي والجامعة) وترتفع الأسعار (20 مرة للمحروقات ) وعدد غير محصور للسلع الأخري ويطلق الرصاص علي الرئيس ويتهم بالإتجار في المخدرات ويهاجم رجال الأعمال ومن بينهم من كان يوما وراء تجميع هذا الشتات داخل الحزب (ولد بوعماتو) ومن تبرع ب500مليون دفعة علنية واحدة في حملة الحزب ( وماخفي كان أعظم ) كل هذا ولا ينطلق قادة حزب الإتحاد من أجل ا"لجمهورية" ببنت شفة سلبا أو إيجابا رفضا أو قبولا فأين الحفاظ علي الجمهورية حين تطالب التهم المغلظة رئيسها ورئيس الحزب؟ وحين تدار الصفقات المخالفة للقوانين في الظلام ويجرد مسؤول من منصبه لتلك الأسباب ثم يعاد وزيرا وحين تصفي الحسابات الشخصية للرئيس مع رجال أعمال وطنيين تسقط إثرها مؤسسات الوطن مفلسة؟ هل في ذلك حفاظ علي الجمهورية؟ وأخيرا هاهو رئيس البرلمان الزعيم مسعود ولد بولخير وهو المعارض البارز الذي جلس مع الموالاة علي مائدة حوار لم تستوفي شروطه من أجل الوطن ثم تقدم بمبادرة هي أيضا من أجل الجمهورية والوطن فإذا بالقادة في حزب الإتحاد من أجل الجمهورية يخرجون عن صمتهم ويسارعون قبل أن ينتهي الحفل المقام للمبادرة ليقول الرجل الثاني في الحزب ( والأول في داكار) إن المبادرة تشمل نقطة ليست مقبولة لدينا وهي الحكومة الموسعة وهي النقطة المحورية والجوهرية في المبادرة كلها .
ألا يعني هذا التسرع في رفض المبادرة تناقضا مع قيم الجمهورية ؟ لقد صدق أحد هؤلاء القادة المورطون في حزب الإتحاد من "أجل الجمهورية" حين أعتذر عن حضور برنامج إعلامي كان سيناقش أزمة سجن مدير أعمال ولد بوعماتو والإحتجاجات عليها قائلا : (ليس لدي ما أدافع به عن الرئيس) هكذا تبين أن الحزب يعمل لتحقيق هدفين غير معلنين الأول: هو الدفاع عن محمد ولد عبد العزيز أما الثاني فليس شيئا آخر غير الدفاع عن المصالح الفردية
الحاج ولد المصطفي
نائب رئيس اللجنة الإعلامية لمنسقية المعارضة الديمقراطية