ملاحظات عابرة حول بعض نقاط المبادرة / محمد الامين ولد عبد الله

محمد الامين ولد عبد الله    لقد حاولت بكل تجرد أن أقرأ النص الكامل لمبادرة السيد الرئيس والمناضل الوطني الكبير مسعود ولد بلخير التي أعلن عنها مؤخرا بقصر المؤتمرات في نواكشوط.

تهدف المبادرة حسب تصوره إلى إيجاد أرضية صلبة يقف عليها جميع الفر قاء السياسيين في البلد، لإعادة جريان المياه من جديد، وبعث الأمل في قلوب القلقين على مستقبل موريتانيا ككيان، والخروج بها من حالة الجمود السياسي الراهنة، وهذا ما ينم عن وطنية الرجل فهو جهد محمود يضيفه إلى إنجازاته النضالية المشهودة.

شخصت المبادرة أسباب الأزمة السياسية  بل ووضعت الأصبع على الجرح النازف في البلد للأسف منذ فترة طويلة،  وهذا التشخيص برأيي دقيق لا خلاف فيه، وربما يكون هو الجانب الأهم في هذه المبادرة لأن التشخيص الدقيق بدون شك يساعد في الحصول على العلاج المناسب..

لكن عندما وصلت في قراءتي لنص المبادرة إلى الحلول المقترحة، لفت انتباهي بعض المقترحات التي صاغتها المبادرة كعلاج يساعد في الخروج من الأزمة الراهنة وهي: الحكومة الوطنية ذات التوافق العريض، وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية.

فقبل أن أخوض في هاتين النقطتين، يجب أن أنبه إلى أمر مهم للأسف لا تبدوا منتبهة له نخبنا السياسية وهي تصول وتجول في حواراتها، ومبادراتها، وحتى مظاهراتها، هذا الشيء المهم هو: "المواطن الموريتاني" المنهك، البريء، الذي عانى الأمرين بسبب الصراع المقيت على السلطة والعجز السياسي الذي طبع النخب السياسية في هذا البلد منذ الاستقلال وحتى اليوم

 فحال المواطن اليوم لم يعد يحتمل تجارب فاشلة أخرى أو حلول غير مدروسة وغير مضمونة النتائج فلابد من الحذر والانتباه عند اتخاذ أي قرار يمكن يجر مصالح المواطن الموريتاني للخطر

ومن هذا المنطلق أصوغ ملاحظاتي على نقطتي الحكومة التوافقية وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية الواردتين ضمن مبادرة الرئيس مسعود ولد بلخير

-النقطة الأولى:الحكومة ذات التوافق العريض

تجربتنا مع الحكومة التوافقية تجربة مريرة دفع فيها البلد الثمن غاليا، وليس اتفاق دكار منا ببعيد الذي شكلت على إثره حكومة توافقية أشرفت على الانتخابات الرئاسية وبالرغم من ذلك لم تساعد في تقليص الهوة بين الأغلبية والمعارضة، وأفسدت أكثر مما أصلحت، وإن كان يحسب لها بعض الإنجازات، فما يسمى الحكومة التوافقية هو مجرد نقل التجاذبات ولي الأذرع بين الأطراف السياسة إلى داخل حكومة كل وزير فيها يغني على ليلاه، وتتحول الحكومة من السهر على تنفيذ برنامج انتخابي واحد، وتسعى إلى استكمال مشاريعها التنموية التي تتحمل المسئولية الكاملة عن التقصير في تنفيذها، إلى حكومة مجزأة كل وزير فيها يرعى مصالح حزبه الضيقة، وعندها نقع في خطأ سياسي قد يدفع بالبلد إلى ما لا تحمد عقباه، فكما نبهت سابقا أن البلد لم يعد يحتمل المزيد من التجارب الفاشلة.

-النقطة الثانية هي: صلاحيات رئيس الجمهورية

أكثر شيء يستفزني شخصيا في الأنظمة ذات الطابع الرئاسي هي الصلاحيات الهائلة التي يتمتع  بها رئيس الجمهورية في الدول التي اختارت في دساتيرها النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي مثل بلادنا، لكن عندما ننظر إلى دول العالم الثالث ذات الديمقراطيات الناشئة والهشة نجد أن النظام الرئاسي هو الأكثر تلاؤما معها بالمقارنة مع أنظمة الحكم الأخرى، ويبقى التحدي الحقيقي -الذي يجب التركيز عليه- أمام الأنظمة الرئاسية هو قدرة الرئيس على إمساك العصا من الوسط، والابتعاد عن الدكتاتورية، وسعيه إلى تكريس مبدأ الفصل بين السلطات، والتعاطي بمسئولية، وبمسافة واحدة من الجميع، وبغض النظر عن هذا كله فإن الدستور الموريتاني وهو أسمى وثيقة قانونية في البلد يجب على الجميع الانقياد لها قد نص على صلاحيات رئيس الجمهورية، وبالتالي إذا فكرنا في تقليص صلاحياته يجب أن نفكر في تغيير الدستوري أولا

هذا لا يعني أبدا تخفيفا من أهمية المبادرة فهي في نظري جاءت في وقتها وتمتلك الكثير من مؤهلات النجاح، فما ذكرته مجرد ملاحظات عابرة يؤخذ منها ويرد.

محمد الامين ولد عبد الله

كاتب صحفي

[email protected]

22. فبراير 2013 - 11:30

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا