دعوة لحسن التعايش / زين العابدين ولد المنير

زين العابدين ولد المنيرترددت كثيرا قبل أن اكتب في هذا الموضوع الحساس لأني لا أؤمن بالتسميات العرقية "فالموريتاني" تدل على المواطن ببياضه وسواده لا فرق إنما هي ميزة في الخلقة فقط ولكني لما رأيت اقلاما تهدد وحدتنا وتظلم طيفا لصالح اشعال الحقد على آخر قررت ان اكتب علي أكشف اللبس عن عيون أغمضت عن الحقيقة الجلية،

 وأسد الباب أمام أقلام تعشق الشتات والنفاق فحرضت على بني جلدتها ووطنها ولو أنها قالت حقا لسكتنا ولكنها بالباطل تنعق وتسود الرقاع وتسكب الحبر المتاجر فيه وتكتب أسئلة الفتنة تتسائل لماذا يحتل البيض هنا أغلب المناصب ولماذا ولماذا ؟

وكأنها نسيت تاريخنا ومن كتبه فمنذ ما قبل نشأة الدولة كنا قبائل شتى لكل قبيلة مجدها وانجازها واهتماماتها التي تندرج في توسع النفوذ أولا وحماية المظلوم وإقراء الضيف أشياء من هذا القبيل مكارم أخلاق ورثناها من تاريخنا جبلنا عليها فكانت تجري في الوريد.

وفي مرحلة ما بعدما عتى الغزاة واستباحوا الأرض والإنسان توحدت بنادق الحق تحت رايات المقاومة فكان البيض هم رجال تلك المرحلة مع بعض إخوانهم من الزنوج رسموا بدمائهم حدود هذه الدولة موريتانيا تلك الارض النائية الواقعة في الركن الغربي من إفريقيا فكان لهم من إسمها الحظ الأوفر الاسم الذي اطلقه الغربيون الذين قدموا آنذاك اليها إبان فترة الاستعمار وهي تعني ارض "البيض " وأطلق عليها الاسم برضاء الجميع وكان ذالك عادلا عند الغربيين الذين يتشدقون المساواة لأنهم ببساطة ما عرفوا في مختلف الميادين سوى ذالك المجتمع سواء على مستوى المقاومة المسلحة او النضال السياسي والثقافي العلمي الذي عرفت به دولتنا فكانت منارة الرباط شعاع نور الاسلام الذي يسطع في مختلف بقاع افريقيا الى اليوم .

وتشكلت الحكومة التي تضم المتعلمين فقط أبعد منها الرعاة من أبائنا الذين لا يعرفون عن الدولة أدنى فكرة وحتى المشايخ ابعدوا لكل مجاله يرابط على ثغر معرفته فكان نصيب الأوفر للبيض لأنهم المتعلمون آنذاك ومعهم اخوتهم من الزنوج لا مكان الى للمتعلم وخصوصا من يجيد اللغة الفرنسية فناضلوا بمعرفتهم حتى اجتازوا بهذه الدولة الى بر الامان فصارت الدولة بمفهومها اليوم ولما علم الجميع أن لا مكان الى للمتعلم سعى العقلاء من كل أطياف مجتمعنا الغالي إلى طلب العلم فكان نتيجة ذالك هذا التلون المشرف المجتمع من "الحراطين"والبيظان"والزنوج" في حكومتنا وبرلماننا وجيشنا وأساتذتنا وكتابنا في مختلف القطاعات اليوم وان كانت هناك تفاضل فبالعلم والمجهود الذي سهرت الليالي في سبيله فالمجد لا يدرك بالخمول والتكاسل فمن "جد وجد" ومن طلب العلى سهر الليالي" لا تدرك المناصب بالتحريض وهجر المدارس وسب الدين والتطاول على العلماء الذين أمرنا الدين بتوقيرهم ولا التهجم على المنازل دون استئذان فكلنا ننكر استعباد البشر والنظرة العنصرية. فلقدﺨﻠﻕ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻜﻠﻬﻡ ﻤﻥ ﻨﻔﺱ ﻭﺍﺤﺩﺓ، ﻻ ﻴﻔﻀل ﺃﺤﺩﻫﻡ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺭﻩ ﻓﻲ ﺃﺼل ﺍﻟﺨﻠﻕ ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ،ﻭﻟﺤﻜﻤﺔ ﺃﺭﺍﺩﻫﺎ ﺠﻌﻠﻬﻡ ﻤﺨﺘﻠﻔﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻠﻭﻥ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻓﺭﺯﺕ ﺍﻟﺘﻤﺎﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺘﺒﻌﺎ ﻟﻠﻤﺅﺜﺭﺍﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﻜﻠﻬﺎ ﻋﺭﻀﻴﺔ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺒﺘﻔﻀﻴل ﻋﻨﺼﺭ ﻋﻠﻰﻏﻴﺭﻩ ﺃﻭ ﺠﻨﺱ ﻋﻠﻰ ﺁﺨﺭ، ﻭﻗﺩ ﻗﺭﺭ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺼﺭﻴﺤﺔ ﻓﻲ ﻤﺼﺎﺩﺭﻩ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻭﻁﺒﻘﻬﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ ﻓﺘﺠﻠﺕ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﺴﻤﻰ ﻤﻅﺎﻫﺭﻫﺎ ﻭﺃﻋﻅﻡ ﺼﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ ﻭﻓﻲ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﻤﺭﺍﺤل ﺍﻟﻤﻀﻴﺌﺔ ﻤﻥ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ، ﻭﻜﺎﻥ ﺫﻟك ﺃﻭﻀﺢ ﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭﻴﺔ. ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺴﻌﻭﺍ ﻟﺘﺭﺴﻴﺦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺘﻬﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺘﻘﻠل ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻪ ﻭﻻتعترف بالآخر.

ولكن الإسلام ايضا لم يظلم أهل الفضل الذين وصلوا الى مكانتهم بعلمهم وإقدامهم او انفاقهم فقال الرسول الكريم "انزلوا الناس منازلهم"ولكنه حث الناس أن تدركهم بالجهد في العمل لا النسب فقال صلى الله عليه وسلم "من أبطئ به عمله لم يسرع به نسبه"وعلى قدر الأعمال كان الأجر والجزاء فنال سلمان بعمله مرتبة "سلمان منا آل البيت" ومع انه كان يعاني من الرق فالرسول الكريم لم يحرضه ان يأبق بل أمره ان يكاتب سيده على حريته أي يشتري نفسه فاتفق معه على أربعين اوقية وأن يحيي له ثلاثمائة نخلة فحرر نفسه بعمله وعلى هذا التعايش السمح كان ديدن اهل المدينة فعاشوا في سلام ووئام أموا به العالم من مدينتهم .

إذا هو مثال السلام والتعايش السمح ولنا بهم أسوة حسنة علينا الاقتداء بها لقد تعايشنا على مر عقود في وطننا الغالي وشكلنا مثال الألفة والرحمة والوطن اليوم ينزف من شتاتنا وتنافرنا وهذا الطريق اليوم الذي يخوض فيه البعض انما هو طريق الفتن ،فلان يريد نصيب قومه وعلان همشت شريحته.

لن تتقدم بهذا دولتنا التي تسعنا جميعا وإن كنا نحن رجال المرحلة فعلينا ان نحث أبنائنا على نيل أحلامهم بحسن التعايش وطموحاتهم بطلب العلم لا بالسواعد الغاصبة وعيون الحسد قال تعالى:(ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى).

22. فبراير 2013 - 11:36

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا