لقد كانت هذه البلاد تعيش كقبائل متفرقة في مناطق واسعة من "اسمارا" و"اغليميم" في الشمال وقرى وادواب ومضارب تمتد من "اندر" و"ماتم "في السينغال إلى "خاي "و"انيور دى ساحل " إلى "تيمبكتو" في مالي في الجنوب وعندما فكر الفرنسيون في تكوين كيان إسمه موريتانيا على هذا الحيز الجغرافي المقطوع عن الصحراء الغربية في الشمال وعن أزواد في المشرق وعن مئات الكيلمترات في الجنوب بيننا والسينغال وبيننا ومالي كانت تعتقد أن موريتانيا بالاعتماد على مناجم الحديد في كدية جل في الزويرات وعلى منتوج الصمغ العربي الوفير قادرة على أن تكون (سويسرا المنطقة ) وقد بلغ اهتمام فرنسا بمناجم الحديد واهتمام قادتها بها أن قام الجنرال ديغول الزعيم الفرنسي الشهير بزيارة كدية جل التي فيها المنجم ا!!
لقد قضى الجفاف وسوء التصرف من طرفنا على غابات شجر الصمغ العربي عكس ما كان يرى الفرنسيون لكن المناجم تضاعف حجم المكتشف منها وزاد كمها وأصبح الحديد يتضاعف حجم احتياطاته و اكتشف بعد ذلك الذهب في مختلف مناطق البلد و يتوقع استغلا ل مناجم الماس و اكتشف النحاس واليرانيوم والفوسفات ومعادن أخرى بعضها نادر عالي الأثمان بسبب الحاجة لها لصناعات ذات أهمية خاصة !! وبالإضافة لكل ذلك تم اكتشاف البترول الذي يتوقع المتخصصون وجود كميات كبيرة منه إذا اكتشف وبدأ استغلاله وسيجعل البلد في مقدمة المنتجين العالميين للذهب الأسود حسب توقعهم ولا يحتاج الأمر إلا إلى سياسة تنقيبية مناسبة وتوجد الآن رخص تنقيب عنه عديدة لدى شركات عالمية، أما الغاز فقد بدأ العمل لاستخراجه بكميات معتبرة، وقد اتضح بعد الاستقلال عن فرنسا أن حجم الثروة السمكية يفوق في الأهمية مناجم الحديد وكميات الصمغ العربي الذين كانا معروفين في الفترة التي بدأ الأستعمار يحضر لإيجاد كيان موريتاني يعتمد على مناجم حديد غنية في كدية جل ستجعله حسب توقع الفرنسيين بلدا غنيا في هذه المنطقة بين شمال إفريقيا ( المغرب العربي) وإفريقيا الغربية!!
كل هذه الثروات مع ملايين رؤوس المواشي وأكثر من خمسة مئة ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة على ضفة النهر ومئات مناطق تجمع المياه والمناطق القابلة لبناء السدود في مناطق كثيرة من الوطن..
إن بلدا يملك كل هذه الثروات لا يمكن لرئيس يتمتع بمزايا مافتئ المتفائلون من مختلف الفئات والشرائح والطبقات يمنون أنفسهم بقدرته على بدئ سياسة جديدة تساعد في انتشال الوطن المخطوف من سفهاء منا أهلكوا الحرث والنسل وأوصلو الأمور لمستوى من التدهور تعتبر أي زيادة عليها خطرا وجوديا أكيدا لاشك فيه، لقد فاجأناوصدمن في الوقت عينه إعلان الرئيس في خطاب أمام جمهور في إسبانيا فقر البلد وضياعه ومعاناته من الجوع وافتقاره للمياه الشروب وللكهرباء التي لا وجود لها في الريف وفي المدن يكثر تقطعها ! ولم يتحدث سيادة الرئيس عن أمور كثيرة أخرى فضل عدم التحدث عنها كانعدام الطرق وتدني التعليم وتدهور حالة الصحة وتزوير الأدوية وتردي البنى التحتية والتدمير الفاضح للبيئة الذي أوصل بيئتنا لمستوى يصعب علاجه !!
وكان الرئيس قادرا على ذكر عجزنا عن علاج تام وكامل لبقايا الرق ومخلفاته من الفقر والتهميش وانعدام المساواة وتساوي الفرص، وكذلك يمكنه ذكر معايشتنا الفاضحة لتراتبية لا يقرها شرع ولاخلق نقبلها ونقبل ترفع جزء من مواطنينا من شريحتنا وشريحة الرئيس عن العمل وقبولنا لهم ذلك والذي يعبر عن تمسكنا بعقلية عبودية متخلفة لا يوجد مثلها في هذا الكون إلا عندنا تمنع وحدتنا وتضر بإنتاجيتنا وتحرم جزئا كبيرا من قوتنا القادرة على العمل عن المشاركة في العمل والإنتاج!!!
لم يشأ الرئيس ذكر أكثر مما ذكرواستشهد بوضع الأمم المتحدة لبلدنا ضمن البلدان الفقيرة كما لم نكن نعرف حالنا ونجهل مانحن عليه!!! .
وكنا نحب أن يتناول الرئيس بعض أسباب هذا الوضع البائس لهذا الوطن الذي يتشرف بتسلم الرئيس لأموره في هذه المرحلة من تاريخنا، أيمكن أن يكون مابناهو قضاء وقدرا لا دخل لأحد ولا دور له فيه؟ أم هو بسبب إنساننا غير السوي الذي لا يدرك معنى علاقة الإنسان بأخيه الإنسان ولامغزى وضرورات التجمع البشري و لا يستطيع استجلاب خير أو دفع ضر !؟ أو هو بسبب سوء الحكامة وسوء التسيير اللتين رافقتانا منذ تسلمنا سلطة كانت منحة من فرنسا فرضها ظرف تصفية الاستعمار في إفريقيا التي كانت أقطارها متفاوتة في النضج والاستعداد للمسؤوليات الجديدة ولم نكن نحن تهيأنا لأخذ السلطة عن طريق التكوين الذي يتأتى من التعليم والتجربة وقد سبب كل ذلك عبئا لجيل الرواد المختار بن داداه غفر الله له ورفاقه الكرام ورغم ما بذلوا من جهد فاق التصور لم يستطيعوا تكوين إدارة مكتملة قادرة على البرمجة والتخطيط وقبل أن تتم شروط ومتطلبات قيام أدوات حكم مقبولة في أواسط السبعينات وقعت حرب الصحراء التي أفضت إلى قلب نظام الحكم المدني الذي كان يحاول ترسيخ قواعد للعمل الأجتماعي لمجتمع مدني قابل للبناء والتطور..
إن قلب نظام الحكم أوقف ماانجز من "مدينة" النظام التي كانت جارية وتضمنت تخفيف تحكم القبيلة ودور الشيوخ وتعميق العلاقات بين مكوني العرب والزنوج، لقد شكل تغيير النظام انعطافة حادة نحو الاستخفاف بالنظم وضعف تجنب الأستلاء على المال العام فتفشت الرشوة والمحسوبية والوساطة وبدأت عقلية( تبتيب) تتولد من نوع العلاقات وتبادل كل الأشياء وتنمو وتسود في مجتمع طري لين لم يكن لديه حصافة وحصانة مستوحات من مفاهيم وأخلاق دينية فاضلة مستفادة من ماض السلف الصالح ولم يكن لديها من النضج ورسوخ التقاليد المدنية ومن احترام القوانين والنظم المتعارف عليها مايحدمن الفوضى ومما بدأ يجتاح المجتمع من عقلية بدائية لاتقيم للحق والعدل وزنا ولاتهتم بالأمانة والاستقامة والنزاهة، لقد بدأ شعبنا وإدارتنا وسلطتنا تسلك طريقا لاتفضي لخير !!
إن كل مابنا ليس سببه الفقر وإنما نتيجة فوضى سادت في مرحلة الأحكام العسكرية التي صارت في جميع فتراتها تعتبر المحافظة على الأمن فيها أولوية أكثر من أي شيء آخر كان ذلك حال كل النظم التي تناوبت على السلطة وساد كل الحكومات سوء التسيير وانعدام الإخلاص وتفشي السرقة والتهاون في المهام والتلاعب بالمقدرات بكل أشكال التلاعب وأمام كل هذه الموبقات والعيوب كان الجدير بمن يتقدم للسلطة في هذا البلد أن يكون لديه أحد هدفين :
أولا: أن يكون يرى سوء الواقع ويتمتع بالوعي ويمتلك العزم والحزم لتصليح مافسد وعلاج ماختل وتجنيب بلده المأزق الذي هو فيه، وإننا نتوقع أن يكون الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني عندما تقدم للحكم والسلطة يفكر في حل المشكلات وعلاج الأمراض و لم يكن ليتقدم للمسؤولية لو لم يكن يملك الرؤية والعزم لتصليح بعض الفاسد وعلاج بعض المعتل وهنا ليس عليه نقد الواقع لأن ذلك تحصيل الحاصل وإنما الذي ينتظر منه ويجب أن يرى له أثر واضح هو علاج الوضع وتصحيح المسار !!
ثانيا: أن يكون القادم للسلطة لايريد إلا الاستفادة في المغانم والمشاركة في النهب بشكل أكبر وأكثر فعالية ومع أننا رأينا أنواعا من الذين يدعون البحث عن الإصلاح ويبالغون في الجمع والنهب فإننا لانقبل أن يدور في خلدنا أن يكون الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني يريد غير الإصلاح وتحقيق الممكن.
لكننا نتساءل عماذا حقق الرئيس في مهمة إصلاح الفاسد وتخفيف سوء الأحوال وتوقيف بعض العبث؟ ولايمكننا أن نقبل ولا أن نرى مناسبا أن يقوم الرئيس الذي انتخب قبل سنتين ودرس كل الملفات و اطلع على كل جوانب الحياة وتناول بنفسه تشخيص الأمراض والاختلالات وأنشأ ورسم وقرر في كل المجالات أن يكون دوره اليوم ونحن ننتظر منه قرارات حاسمة ضد الفساد الذي تسبب في الفقر ولم يتسبب فيه نقص الموارد ولايمكن أن يكون دوره الآن توضيح فقر البلد وضياعه وسوء حاله ،ماذا يحول بين الرئيس وفعل شيء مما يجب فعله ولو كنا نعتبره خطوة في رحلة الألف ميل؟
إن ماتحقق على يد الرئيس حتى الآن لايمكن أن يعتبر بداية حقيقية لوقف الفساد و وقف تدهور الأوضاع وتدمير البيئة وتصحيح المسار كله وكما قال الرئيس نفسه في حديثه في إسبانيا أنه انتخب ليخدم البلد فهل يكفي الرئيس من الخدمة تبيان مابنا ومانعاني ؟
إن المطلوب من الرئيس ليس توصيف الواقع وإنما التدخل والتصليح والتصحيح وإعطاء المثل في موالات الصالحين وابعاد الطالحين على الرئيس البحث عن الجدية والجدوائية في من توضع فيهم الثقة ويسلموا المهام ونبذ التملق والنفاق حتى يكون ذلك تشجيعا على الاستقامة والحد من الوضاعة إن الوطنيين يتمنون أن يبدأ الرئيس الحد من الفساد والتخفيف من حالة الضياع ويجعل وقته مهما قصر أو طال يمثل حالة من التحرك وبذل الجهد في الاتجاه الصحيح!!!
فهل يرى الرئيس أنه عمل مابوسعه لخدمة هذا الوطن المبتلى بسيطرة المفسدين من أعدائه وسفهاء قومه ؟؟!!
آنه سؤال سيسأل ويتكرر ترجيعه حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر الذي ننتظر دون ملل!!!