ثمة من سيقرأ هذه الأفكار في سياق صراع المسارات الوظيفية ، واحتدام التلاسن الأيديولوجي العتيق والمتجاوز ..وهناك من سيضعهاببساطة في خانة "ثرثرة "من ألفوا ظلال "الموالاة"، ومنعتهم الأقدار -منحة أو محنة-من خوض تجربة الرفض و"المعارضة"..
لا بأس ؛ففي مادة النقد إجماع على أن النص حين يوضع بين يدي القارئ ،يولد من جديد ،بل يصبح مادة مغايرة ومختلفة ،لا صلة لها ، أحيانا بمسعى وغايات الكاتب ..
من هذا المنطلق ، فُتحت أبواب التفسير و "التأويل" والتحريف…
والتأويل في اللغة يعني العودة من الجذورإلى الجذوع وتجاوز الظاهر إلى الباطن والانتقال من المكان إلى الزمان ومن الحقيقة إلى المجاز … أما في الشرع ،فالمبحث طويل وعريض ومثار أخذ ورد،لا أرى مسوَّغا لبسطه وتبيانه في هذا المقام..إنما القصد موافقتكم على استخدام مثل هذه المصلحات بتصرف في حقل الاتصال الدخيل على معارفنا ذات الأصول المحظرية في جل الأحيان
سبق أن نشرتُ خاطرة ، عنونتُها ب"نيران الإعلام البديل "،سعيتُ من خلالها إلى تبيان فتور وتراجع تأثير الوسائط الإعلامية التقليدية في الرأي العام، جراء ضعفها وعجزها عن فهم واستكناه الضوابط والأدوات الجديدة ذات التأثير القوي والبصمة الواضحة في محاصرة بل مَحْوِ خلاصات ونظريات بِرُمتها..
لم يترك الإعلام البديل مكاناولا متنفسا للهرمنيوطيقا المعتمدة على التفسير ،وبات نشازا إعداد افتتاحية بأسلوب وخط تحرير" برافدا" لقطع الطريق أمام انتشار وتمكين خطاب الخصم السياسي .. لكن الوافد المهيمن على الفضاء الأزرق ، يقتضي تطويعُه معرفة مفرداته وإتقان ضوابطه،والسمو عن غَثَّه وأصدافه ،والحزم المهني الكفيل بتطويق التحريف ووأد الأخبار الكاذبة (fake news) والصوتيات المزيفة المنتشرة كالنار في الهشيم ..
يتطلب الأمر وضع استراتيجية إعلامية واضحة الملامح ،بيَّنة الأهداف ،متعددة الوسائط ،طاردة للأساليب "الصفراء"، قادرة على الإقناع .
علينا في المنظومة الإعلاميةالعمومية أن نرد على السؤال : من المسؤول عن التحريف الذي تعرض له حديث فخامة الرئيس أمام أعضاء جاليتنا في إسبانيا ؟ ذلكم أنه لامعنى لنشر مقاطع صوتية مبتورة عن قصد ،ومنزوعة من سياقها ، لولاوجود خلل في تحقيق السبق وإعطاء الحقيقة ووضع الأفكار في سياقها، قبل عبث العابثين ومنح الوقت اللازم لمحترفي السياسة المُجيدين لتقاسم الأدوار من خلال الانشطار في وضح النهار ، والانصهار في جنح الظلام..
كل مافي الأمر - شئتم أم أبيتم -أن فخامة الرئيس استمع بروية وصدر رحب إلى آمال وآلام أعضاء الجالية ، وجاء الرد صريحا خاليا من المزايدات رافضا الهروب إلى الأمام من خلال الفهم الثاقب للواقع وتحدياته والسعي الواثق إلى استشراف المستقبل الواعد-بإذن الله-