تابعت كمهتم وباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بشكل عام وسياسة بلادنا الخارجية تجاه دول الاقليم بشكل خاص، زيارة فخامة رئيس الجمهورية الأخيرة للمملكة الاسبانية، والتي كانت مثمرة ومهمة وذات أولوية لبلادنا في سياق تفعيل وتطوير وتوطيد العلاقات بدول الجوار المباشرة، مثل المغرب والجزائر والسينغال ومالي، ودول الاقليم غير المباشرة والتي تعد إسبانيا من أقربها جغرافيا وأهمها استراتيجيا .
فجزر الكناري الإسبانية مثلا ، تقع قبالة الشواطئ الشمالية لموريتانيا، وتشكل بذلك وجهة تجارية وسياحية وصحية مفضلة لكثير من الموريتانيين بالنظر إلى قربها الجغرافي ومناخها، حتى أن بعض الدراسات قدرت توافد الموريتانيين والمقيمين إلى هذه الجزر خلال أشهر يونيو إلى أكتوبر من كل سنة بأكثر من خمسة آلاف ، أما الجالية الموريتانية في إسبانيا فلا شك أنها تناهز أضعاف ذلك مرات ، وهذه عوامل من بين أخرى اقتصادية واجتماعية وثقافية جعلت من موريتانيا في نفس الوقت بلد عبور نحو الشواطئ الاسبانية ومنها إلى بقية أوربا، مما يحتم على البلدين التعاون التنموي والأمني لمواجهة الهجرة غير الشرعية، مواجهة حسب رأيي ينبغي أن تكون تنموية واقتصادية، قبل أن تكون أمنية فحسب، وبتوازن كذلك ، وفي هذا الاطار وقع الطرفان سابقا عدة اتفاقيات في المجال أهمها اتفاقية مدريد بتاريخ 01/07/2003.
كما يجمعُ الطرفين كذلك عدة اتفاقيات ومسارات للتعاون الاقتصادي والتجاري في مجال الصيد بين موريتانيا وأروبا وغير ذلك من مسارات التعاون بين الجنوب والشمال في الاطار الأور متوسطي والشراكة ضمن الاطلسي والناتو و(5+5).....
وهذا ما يشير له بأمانة الاعلان الختامي المشترك للزيارة الطويل نسبيا (26 فقرة ) الذي يؤكد أن زيارة رئيس الجمهورية كانت مهمة ومثمرة وذات أولوية وستسهم لا محالة في وضع العلاقات الثنائية بين البلدين في مسارها الصحيح، تماما مثل العلاقات بدول الجوار، وذلك ضمن الرؤية الاستراتيجية والتنموية الثاقبة لفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في تحقيق التنمية والسهر الدؤوب على مصالح موريتانيا وإحياء علاقاتها التاريخية والاستراتيجية بدول الاقليم ، والانفتاح والشفافية التي طبعتها لقاءاته بالجاليات في الخارج.