صراحة قائد إخلاص للوطن والمواطن / المختار محمد يحيى

يقول الدكتور إبراهيم الفقي: إن "العقول الصغيرة هي التي لا تستوعب الصراحة"، ويقول ليو تولستوي: "الصراحة مهما كانت قاسية تبدد السحب".

لا خلاف لدى البشرية جمعاء أن قول الحقيقة عمل خطير ولا يقدر عليه إلا شجاع، لأن الحقيقة مرة، وذات طنين مزعج في الأذنين، لأن الإنسان بطبعه جبل على تقبل الأخبار التي ينتظر سماعها، تلك الأمور الجميلة بالنسبة له، وهذا ما جعله يفضل في كثير من الأحيان أولئك الأشخاص الخبراء في المداراة وإخفاء الحقيقة.

لقد كان خطاب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني أمام الجالية الموريتانية ضمن فعاليات زيارة العمل والصداقة التي يؤديها إلى المملكة الإسبانية،  معبرا عن نهجه في المكاشفة والصراحة وتصوير الواقع كما هو خاصة بالنسبة للمواطنين المغتربين.

إن مدى الصدق الذي تحدث به فخامة رئيس الجمهورية جاء للتأكيد على عزم البلاد النهوض بسواعد أبنائها استعدادا لما ستحققه موريتانيا من استغلال الثروات المكتشفة باعتبارها آفاقا واعدة، وهو ما يعضد أن رئيس الجمهورية صاحب إرادة قوية وعزم صارم لا يلين لتحقيق أهداف الجمهورية.

لقد اختار رئيس الجمهورية أسلوبا خطابيا يستثير إحساس الوطنيين، كان أسلوب قائد حقيقي يدعوا إلى هبة جماهيرية لبناء الوطن، مستغلا حرارة وأصالة الدماء التي تجري في عروق كل مواطن، إنه التعبير عن روح المواطنة في أبهى تجلياته.

اهتم رئيس الجمهورية بزراعة الأمل واستنهاض الهمم، لحث جميع الموريتانيين على المشاركة في المجهود الوطني، (دولة وشعبا)، مؤكدا انتهاء عهد الظلام والطلاء على الزغب، إنه بكل تأكيد عهد جديد تصعد فيه البلاد مراتب عالية، وتؤسس لصرح الجمهورية الشامخ القوي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وتصنع مكانتها الدبلوماسية الرفيعة بين الأمم.

لم تعد موريتانيا تلك البقرة الحلوب، التي تستنزف خيراتها بلا هوادة من أبنائها الأقربين ناهيك عن الغرباء عليها، إنها مشروع وطني جدي لبلد طموح يستعد لتفجير طاقات شبابه ورجاله ونسائه قبل تفجير مكنوناته الدفينة ببحره وبره، من ثروات الغاز ومختلف المعادن، إنها الثروة البشرية التي تحتاجها موريتانيا لتخطو إلى الأمام بثقة، وذلك لن يتم إلا بتكاتف الجميع وتغليب الروح الوطنية والإخلاص لهذا البلد.

لقد عبر فخامته عن وعي دقيق بمشاكل البلد وعزم صادق على مواجهتها بكل شجاعة وسخاء وطول نفس، حتى نصل إلى الأهداف المرسومة.  لقد أكد خلال عامين ونصف عن انحيازه لمشاكل المواطنين في الداخل والخارج.

إن إحساسه الشخصي بحقيقة الواقع رغبة منه لتجاوزه إلى ظروف أحسن طريقا إلى الازدهار والرخاء، لذلك كان واضحا في طرحه بخلاف حكام آخرين كانوا غائبين عن واقع الشعب، جاهلين ومتجاهلين لظروفه، بينما يستمعون لكلام المقربين ويكتفون به، إننا اليوم نحظى برئيس ذو طموح عال ويشعر بعدم الرضا عن حجم ما أنجز مطالبا بالمزيد، متمتعا بكبرياء وطنية تحتاجها البلاد، وكانت تفتقدها طوال عقود خلت، حيث اكتفى الحكام بالسابق بالقليل ويرضون بأبسط الأعمال.

إن انطلاق رئيس الجمهورية من تشخيص حقيقي وصراحة محمودة ومكاشفة مع المواطنين كان صائبا، ونحن محتاجون إليه، لشحذ عزيمتننا على العمل، بلا كلل ولا ملل، كل من موقعه، كمواطنين وطنيين، لتحقيق ما نصبوا إليه من رفعة وتألق، لنتخطى بشكل حاسم ضعف البناء الوطني وهشاشته، للوصول إلى التقدم والازدهار لجميع الموريتانيين في كل مكان.

إن شجاعة رئيس الجمهورية اتضحت في مكاشفته للمواطنين  الذين ائتمنوه، فالتشخيص الصحيح ينم عن إرادة جادة لا غبار عليها في البناء على أسس صلبة ومتينة، فخدمة الوطن يجب أن تكون بإخلاص لأنه مقدس ومصون، فهو وديعة الأجداد والآباء وتركة للأبناء والأجيال القادمة.

21. مارس 2022 - 19:44

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا