ماذا بعد اعتراف الرئيس بالواقع المؤلم؟! / محفوظ الحنفي

لا مشكلة في الاعتراف بالحقيقة مهما كانت مرارتها..
وكيف ننكر المشاكل؛ ثم نطمع في معالجتها؟؟!!

أوافق من يعتبر صراحة الرئيس في الاعتراف بحقيقة واقعنا؛ دليل شجاعة سياسية، وعلى يقظة ضمير وطني حي وحيي..

المهم الآن هو أن نعرف ماذا يترتب على هذا الاعتراف بالصوت العالي ومن المسؤول الأعلى؟

لقد أبان الرئيس عن وعي بعمق المشاكل التي يعانيها البلد، وبتعدد أوجهها ومظاهرها وأسباباها..
وكان من أفحش تلك الأسباب: الفساد المستشري، والمفسدين المنتشرين؟؟
لكن ذلك لم يعد يخيفنا كثيرا، لأنه أصبح واقعا مكشوفا وواضحا لنا ولقيادتنا الوطنية..
لقد صار من حقنا؛ إذن؛ أن نستبشر وأن نطمئن على مستقبلنا؛ لأن كلمة رئيس الجمهورية أمام مغتربينا في إسبانيا؛ تعني (من ضمن ما تعنيه) أنْ:

"أبشروا؛ فالأيام والشهور القادمة؛ هي ساعات معارك طاحنة مع الفساد..
ولأن الفساد ليس كائنا مجسما، ولأنه لا فساد بدون مفسدين؛ فإن هذه الحرب الطاحنة هي بالأساس حرب على المفسدين بأسمائهم، وفي مواقعهم، وعلى أموالهم غير المشروعة، وعلى مؤسساتهم غير المنتجة، وعلى مسؤولياتهم غير المستحقة".

نتوقع أن لا نسمع بعد الآن حديثا عن الفساد؛ إلا مقرونا بالحديث عن صناع ذلك الفساد وعن حماته ودعاته والمستفيدين منه، وعن المتغولين باستحواذهم على الامتيازات والعائدات، وعلى الثروات المنهوبة من خزائن شعب مفقر في بلد غير فقير!!

نتوقع قريبا أن نسمع عن اعتقال المفسدين، وعن اقتيادهم لمخافر الشرطة ودهاليز العدالة؛ أكثر مما نسمع، عن اعتقال "الغلابة" في "نقطة ساخة"، وفي أسواق العاصمة وشوارعها وأحيائها الهشة..

نتوقع من الآن فصاعدا، أن نسمع في بيانات مجلس الوزراء من أخبار الإقالات والتجريدات والإعفاءات، عدد ما نسمعه فيها من أخبار التعيينات والترقيات.. إن لم يكن أكثر... 

نتوقع أن نسمع ونقرأ في وسائل التواصل الاجتماعي من رسائل الدعم والمساندة للرئيس والحكومة، وأن نرى في ساحات العاصمة ومختلف الولايات من وقفات الدعم والإشادة بالنظام وحكومته وحزبه؛ أضعاف كل ما سمعناه أو رأيناه من آيات النقد والشكوى والتبرم منذ تأسيس الدولة الموريتانية؛ وحتى الآن..

هذا ما أعتقد أنه سيشكل أولى تداعيات تلك المصارحة، وأولى النتائج الحتمية لإعلان رئيس الجمهورية تشخيصه الصريح لواقع بلدنا؛ وإلا فإن هذا التشخيص لن تكون له من نتيجة سوى زيادة هذا الشعب مرارة على مرارة، وإحباطا على إحباط، ويأسا على يأس...
 كيف لا وقد قدر عليه أن يعرف أن الفساد هو سبب كل أو جل مشاكله؛ ثم علم يقينا أن أبواب مواجهة ذلك الفساد ونوافذ التخلص من صناعه، ستظل؛ كما كانت؛ موصدة في وجهه، وإلى الأبد!!
الله يحول
وليحفظنا الله جميعا، وليلهمنا وولاة أمرنا سبيل الرشاد

21. مارس 2022 - 20:43

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا