لقد عاش الإنسان منذ وجد سلسلة من مراحل التطور في علاقاته بالبيئة والمحيط وبأخيه الإنسان وفي جميع النشاطات البشرية في مختلف بقاع وأصقاع العالم المختلفة من شرقها وغربها وشمالها وجنوبها يرى المتخصصون بالبحوث حول صيرورة الحياة الإنسانية والذين يفسرون التاريخ تفسيرا ماديا يرون أن النشاطات الإنسانية التي سلكتها التطورات ذات الطابع البشري مرت بمراحل في أكثر رحلة التطور بأشكال متشابهة في تدرجها من بدئ ممارسة الحياة وكسب التجارب التي مكنت من نمو العقل وتوسع المدارك انطلاقا من أشكال التعامل مع الطبيعة والمحيط مر الإنسان بمراحل تدرج شبه موحدة أو متشابهة على الأقل بدأت بالبحث عن الصيد ومايقتات به ويقيم لأود ويحافظ على النوع فعرف تجربة استعمال ما تنتجه الطبيعة من ثمار الشجر وأوراقه ولحم الحيوانات وبدأ بعد مرحلة الصيد وجمع مايحصل من الأشجار بالرعي وتدجين الحيوانات ثم الزراعة وبتطور ونمو التشكلات التجمعية وتطورها تم الترقي والتنوع في اختراع واستخدام الأدوات التي تناسب حاجات الإنسان لمختلف جوانب الحياة من أدوات للصيد إلى آلات للزراعة وأدواة الدفاع عن النفس عند الحاجة للحرب واستمر التوسع والتطور مرافقا ومطردا مع توسع التجمعات التي تحولت من الأسرة والقبيلة ومجموعة القبائل إلى الإمارة والمملكة .
فكانت مناطق المياه الأنهر والبحيرات السباقة لتشجيع التوسع البشري في التجمع والتطور ليصبح ممالك أو يتوسع ليكون إمبراطوريات .
لقد تكونت الحضارات الأولى المعروفة على ضفاف الأنهر دجلة والفرات في العراق وسوريا والنيل في مصر والسودان و في الصين والهند تكونت حضارات على ضفاف عشرات الأنهر في البلدين وهكذا في أوروبا وفي كل مناطق العالم كان للماء بحور وأنهر وبحيرات الدور الأكبر في دعم تكون التجمعات البشرية .
لقد عرفت التجمعات البشرية في رحلتها الطويلة وصيرورتها الممتدةلآلاف السنوات تطورا وترقيا في العقليات الفطرية والمكتسبة من التجربة والفلسفية وكان للتعاليم الدينية دورا رئيسيا في رقي الإنسان وترشيد سلوكه مع نفسه ومحيطه وكان للإسلام الدور الحاسم في عقلنة الإنسانية وتطوير وتصحيح سلوكها في ضبط العلاقات بن البشرية في مابينها و ضبط تفاعلها مع بيئتها وقد قام الإسلام أثناء انتشاره بصهر وصقل وتطوير جميع التجارب الإنسانية والفلسفات والعلوم المكتسبة من تجارب الأمم كلها من حضارة مابين النهرين ومصر والهند والصين وفلسفات اليونان، لقد كانت تعاليم الإسلام السمحة وتعاليمه السامية وعقول أهله النيرة سببا في فتح باب الرقي والتطور الذي مافتئ يتطور ويزداد مذ انتشر الإسلام في القارات القديمة وبدأ تطوير الوسائل والآلات الزراعية والحرف وآلات الحرب .
وقد بدأ التطور في الآلات يعرف طفرات غيرت وجه العالم ابتداء من القرنين ال١٦-١٧ الميلاديان وترافق ذلك مع اكتشاف العالم الجديد القارة الإمريكية، وكانت بداية مرحلة من الوحشية غير المسبوقة قام فيها الأوربيون بحملة لاختطاف مئات الألاف من مواطنينا الأفريقيين للاتجار بهم واسترقاقهم وبيعهم كعبيد للمهاجرين للعالم الجديد في إمربكا ليزرعوا لهم الأرض ويرعوا لهم الحيوانات ويبنوا لهم المساكن لقد استمرت عملية اختطاف مواطيننا وبيعهم كعبيد للعالم الجديد قرنين تقريبا ولقد تم اختطاف مجموعات من البدو الموريتانيين القريبين من الشاطئ في هذا التاريخ من طرف البرتغاليين وغيرهم وصاروا عبيدا للأوربيين .
وقد رافق هذا العمل الشنيع عملا أشنع منه وأكثر وحشية وهو إبادة سكان إمريكا الأصليين لقد أزاح الأوربيون الهنود الحمر وسكنوا بدلهم في أرضهم وأقاموا حضارتهم المزدهرة والراقية جدا عليها!!!
إن أوروبا هذه التي فعلت كل تلك الأفعال هي التي بعد تطور الآلات وانتفاء أو نقص الحاجة لليد العاملة قالت أنها تنهي عصر العبودية في القرن الثامن عشر، وبدأت بعد مرحلة إبادة السكان الأصليين للقارة الإمريكية واختطاف مئات الألاف من الإفريقيين الذين بيعوا وعبد منهم من وصل سالما ولم يمت في الرحلة وأهوال التعذيب من ساعة ما اختطفو ووضعت سلاسل الحديد في أعناقهم!!
وعند احتلالهم لبلادنا( موريتانيا) في بداية القرن العشرين وكانو قد أنهوا مرحلة الأسترقاق قبل ذلك بزمن طويل يرون العبيد يخدمونهم عند سادتهم ويمارسون عليهم أبشع المعاملات أمامهم ويستغلون كما تستغل الآلات وهم ينظرون بلا رد فعل مدعين أنهم سيحموهم عند هروبهم "كجانبور" وهو عمل قليل الحدوث ليس له تأثير يذكر على حجم العبودية السائدة الواسعة الانتشار.إنه النفاق وتعدد المعيير لذي طبع تصرفاتهم في كل الازمان..
لقد عرف التاريخ كله فظائع كثيرة في مختلف بقاع العالم وفي مختلف مراحل التاريخ لكن الذي قام به الغرب أوروبا وإمريكا من الجرائم والفظاعات لم يرتكبه سواهم ولم يشهد التاريخ جرائم يدعي أصحابها الإنسانية والسمو والريادة كما هو الحال في أوروبا والغرب لقد شوهد في التاريخ الكثير من الجرائم والمذابح عند بعض القبائل المتوحشة في الشرق وفي الغرب مثل التاتار ومحاربي لأسر من السلالات الملكية في الصين وعرف غزات برابرة هاجموا أوروبا لكننا لم نرى متوحشين يدعون الأنسانية والسمو قبل الغربيين .
عندما استولوا على الأندلس وكانت مصدر إشعاع أخرجتهم من وحشيتهم وعلمتهم المدنية لكنهم عند احتلالهم لها سلبواونهبوا واغتصبوا وفرضوا التنصير وقتلوا من لم يستجب لهم وفرضوا على الجميع البحث عن النجاة ولو بالغرق، وفي الحرب الصليبية لم تبقي فظاعة لم يرتكبوها قتلوا الحجاح وطلاب المدارس ورعاة الحيوانات .
لقد أبدل الأوروبيون عصر العبودية بعصر الأستعمار- وكان مثله أوقبح منه - فاحتلو البلدان الإفرقية وبدأو نهب الثروات وإبادة الحيوانات والطيور وقطع أشجارالغابات وصنعوا عبودية جديدة بأعمال السخرة التي أرغموا عليها الرجال لقطع الأشجار وإنشاء الطرقات وتوفير أسباب راحة المستعمرين وكانت فرنسا التي اعتبرت نفسها رائدة الحرية بصفتها صاحبة ثورة ١٧٨٩- ١٧٩٩ على الملكية والاستبداد كانت من أكثر المستعمرين سوءا ولم تبقي فظاعة لم يرتكبوها في المناطق التي ابتليت بهم فاستولوا على الجزائر مستخدمين حجة واهية سنة ١٨٣٠ وأرادت فرنستها لولا بطولة الجزائريين الأسطورية، ونهبت جميع البلدان الإفريقية هي وصويحباتها الأوروبيات وحولوا ثروات البلاد التي استعمروها إلى بلدانهم وعندما رحلوا وتركوهم في الفقر منعوا مواطني تلك البلاد من الوصول إليهم بحثا عن عمل يقيم أودهم و وصدوا الحدود وحرسوها ببواخرهم وبالبسطاء من حكام عندنا مازالوا يتبعون لهم.
هذا الغرب الذي منح لإسرائيل أرض الفلسطينيين ورآوهم يطردون من أراضيهم ويشردون في كل الجهات ويعيشون أسوا الظروف دون أي اهتمام إلا إذا كان بزيادة معاناتهم!! وهو الغرب الذي تعامل مع الأقلية العنصرية في جنوب إفريقيا دهرا طويلا يتعاملون معها بكل طبيعية وكأن نظامها شرعي حتى فرض نضال الأكثرية السوداء بقيادة مانديلا ورفاقه حقهم وأعادوا سيطرة الأكثرية هذا الغرب الذي لم نراه يوما يهتم لعذاباتنا وأكثرها منهم وبسببهم والذين يسدون في وجوهنا الأبواب إذا احتجناهم رأيناهم يتنادون يعتصرهم الألم لما يجري بين أوكرانيا وروسيا وكأنه لم يرى أحدا قبل ذلك يعتدي على أحد وكأنهم هم لم يعتدوعلى الكون كله !! ورأينا بلونيا التي كانت قبل أسابيع قليلة تسد أبوابها أمام عشرات السوريين والعراقيين وترسل قواتها لصدهم وهم ضحايا أفعال الغرب زملاؤهم نراهم بين ليلة وضحاها يفتحون تلك الحدود للملايين من الأوكرانيين وليس لمئات فقط ونرى كل الأوروبيين يفتحون الأبواب ويفتحون البنوك كأنهم ليسوا أولئك الأوروبيين الذين رأيناهم جميعا لايقبلون دخول أحد لبلدانهم ورأينا هؤلاء الدول يشتكون الظلم الذي تتعرض له أوكرانيا ويعبؤون إعلامهم ومحكمة العدل الدولية عندهم لمتابعة جرائم هذه الحرب قبل أن ترتكب!!
هذا الغرب وهذه أوروبا اللذين افتضحا وظهرا عاريين بعد أن سقطت آخر ورقة توت كانا يحاولان بها ستر سوأتهما تأكد للجميع أنهم لا يعتبرون غيرهم يستحق سيادة وسلامة وتوقيرا إنها فضيحتهم الواضحة المدوية إن الغرب كله إمريكا ابريطانيا فرنسا كندا استراليا كلهم لايقبلون التعدي والظلم للبشر وللدول المستقلة يفتحون خزائنهم وحدودهم ومجالس حقوق إنسانهم ومجلس أمنهم وأممهم المتحدة ويفتحون حدودهم لمن يريد الذهاب إليهم من المعتدى عليهم !!!
وإذا عرفنا السبب يبطل العجب نحن لسنا عندهم بشرا لايعتبروننا من النوع الذي ظلمه ظلم والتعدي عليه تعدي، نحن أهل أرض تحتوي الثروات وتجرب فيه الآلات وتدفن فيه النفايات وتنتهي منا الحاجة بانقضاء المهمات!!! سبحان رب الأرض والسماوات نسأله عوننا على هذه الحالات...