أيتها “الديمقراطية المباشرة”.. لقد سقط القناع..!! / عزيز ولد الصوفي

ليس من طبعي سب الناس ولا التطاول عليهم؛ لكنني أرفض كل الرفض تزوير الحقائق وتشويه التاريخ؛ فالمتتبع لتاريخ الشقيقة ليبيا يجد أن العقيد القذافي حكم الشعب الليبي 42 سنة بالنار والحديد؛ فقد تميزت سنوات حكمه بالظلم والبطش والتنكيل…

كان يحكم البلاد بمفرده وحسب نزواته الشخصية في ظل غياب ابسط الحقوق الإنسانية، لم يسمح للشعب الليبي بالتعبير عن نفسه، ولا يستطيع أن يكون أحزابا. ولا يستطيع حتى أن ينشئ مؤسسات مدنية. فالقانون 19 مثلا جعل من تكوين المؤسسات المدنية في ليبيا قضية أمنية. والأجهزة القمعية للقذافي لن تمنحك الحق بإنشاء مؤسسة مدنية إذا لم تنتمي لثورة القذافي المزعومة. هذا بالإضافة إلى سوء توزيع الثروة، فقد ظل الشعب الليبي-طيلة حكم القذافي- يعيش في أغلبيته تحت خط الفقر، رغم أن ليبيا غنية بمواردها الطبيعية؛ في حين تجاوزت ثروة القذافي الشخصية 80 مليار دولار دون ثروة أبنائه وأسرته وأتباعه. وظلت الأوضاع المعيشية لليبيين في ترد نتيجة لجمود رواتب موظفي الدولة رغم تغير السوق والأسعار. وأي ليبي عبر عن رفض لهذا الواقع المزري يتم قتله أو سجنه؛ فلقد زج نظام القذافي بأكثر من 1200 شاب ليبي في السجون وقام رجاله بإطلاق النار عليهم، فيما يعرف بمجزرة ابوسليم في عام 1996.” إن ظلم ألقذافي وأعوانه هو الذي أدى إلى اندلاع ثورة 17 فبراير ضد القذافي والتي قادها أبناء ليبيا الشرفاء ممن يرفضون الظلم والاستكانة. لم ترهبهم الصواريخ والمدرعات والطائرات والقوة الهائلة التى واجهتهم بها كتائب القذافي الإجرامية والتي اعتمدت القتل والاغتصاب والنهب أسلوبا لها من أجل قمع الليبين؛ فقد تجاوز شهداء ثورة 25 فبراير 60 ألف شهيد؛ في حين تم اغتصاب آلاف النسوة. حسب آخر الإحصائيات في ليبيا.. لا أود الحديث عن أمور القذافي الشخصية وما نشر عن حياته الغريبة لأنه ذهب إلى ربه فهو وحده القادر جل وعلى على حساب القذافي وعقابه.. أيها الاخوة في “حركة الديمقراطية المباشرة” كان من الأجدر بكم أن تتواروا عن الأنظار وأنتم تدافعون عن نظام فاشي مجرم؛ نظام داس على الدين والأخلاق والقيم. فدفاعكم عنه اليوم بمثابة انتحار على أسوار قيم المجتمع الموريتاني النبيل الذي يرفض الظلم والحيف والجور. لاشك أنكم استفدتم كثيرا في الحقب الماضية إبان حكم القذافي من فتاة موائده وركعتم تحت قدميه واخترتموه عن وطنكم؛ لكن القذافي ذهب إلى مزبلة التاريخ ولذا كان من الأجدر بكم أن تلحقوا به أو على الأقل تعملوا بفحوى المثل العربي: “لو سكت لم يروك”. أما اتهاماتكم لحزب التكتل ولزعيمه أحمد ولد داداه فأنا لست ناطقا باسمه؛ لكن لا أعتقد أن هناك من يصدق تلك الاتهامات؛ لأنكم ببساطة مردتم على تلفيق الأكاذيب ونشر الشائعات ولذا لم يعد أحد يثق فيما تقولون وما تفعلون؛ كما أن تاريخ ولد داداه وماضيه النضالي الناصع لا يختلف عليه اثنان؛ حتى الموالاة تدرك جيدا أن أحمد ولد داداه شخصية نزيهة وشريفة ولن يرضى لنفسه بالهوان. والغريب في الأمر أنكم تتحدثون اليوم عن “الإخفاقات” متناسين أن حركتكم المزعومة عجزت عن ملا قاعة اجتماعات فكيف لها إذن أن تقيم الآخرين؛ ورغم ذلك فأنا أتحداكم إن استطعتم أن تظفروا بمقعد واحد في البرلمان لأنها –في الحقيقة- ورقة محروقة لفظها الشعب الموريتاني بسبب مواقفها الخارجة عن المأولوف؛ وهجوم قادتها اللاذع على العلماء وسبهم على رؤوس الأشهاد. كما أنه لا يخفى على أحد أنكم اليوم تسعون إلى التصفيق والتزمير للنظام القائم في موريتانيا تريدون استبداله بنظام القذافي؛ فمن شب على شيء شاب عليه؛ ومن دأب على بيع المواقف السياسية في المزاد العلني لن يستحي من التمادي في تلك الممارسات المشينة. لقد سقط قناع المبادئ والعروبة الذي كنتم تختفون وراءه وظهرتم على حقيقتكم كثلة من البشر همها الوحيد هو كسب المزيد من المال والشهرة على حساب الانتماء للوطن؛ وعلى حساب الأخلاق والمبادئ. ونصيحتى لكم الأخيرة أن تتوبوا إلى الله من جرم دعم الأنظمة الفاسدة والوقوف إلى جانب من قهروا شعوبهم وقتلوها وساموها صنوف العذاب؛ فلا أعتقد أن ذلك طريقا للمجد والشموخ؛ وإنما هو من بنيات الطريق التى تودي بصاحبها إلى الهلاك والدمار. إلى لقاء آخر…وإن عدتم عدنا مرارا وتكرارا.

19. فبراير 2013 - 23:30

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا