أعلن صندوق النقد الدولي استعداده لتوفير 11 مليار دولار ل 32 بلدًا إفريقيا جنوب الصحراء ممن أودعوا طلباتهم ضمن آلية المساعدة الطارئة للتصدي لآثار كورونا وقد استفادت لحد الآن تسعة بلدان من بينها أربعة ضمن حيزنا الجغرافي( السينغال، النيجر، بوركينافاسو واتشاد) وقد صادقت مجموعة العشرين ونادي باريس للدائنين الثنائيين العموميين (وهو نادي من ٢٢ بلدًا كأعضاء دائمين تأسس سنة 1956 للتشاور حول آليات منسقة لمعالجة إشكالية مديونية البلدان الفقيرة) والصين يوم 15 ابريل 2020 على تعليق سداد خدمة الدين ل 12 شهر بالنسبة ل 77 بلدًا من الدول منخفضة الدخل في العالم منها أربعين بلدا في إفريقيا ليست بلادنا من ضمنها وذلك بسبب تصنيفنا في العتبة الدنيا للبلدان متوسطة الدخل وهو تصنيف يعود لبدء استغلال الموارد النفطية قبل عقد من الزمن ولطفرة المداخيل إثر الإرتفاع الكبير لأسعار الحديد خلال الفترة 2010- 2014 فحصة الموريتاني السنوية من الناتج الداخلي الخام تقدر حاليا ب 1300 دولار أمريكي أي 300 دولار فوق عتبة البلدان منخفضة الدخل ( للتقريب هذا المعدل في النيجر مثلا يساوي 413 دولار) .
لقد حررت مبادرة العشرين حوالي 14 مليار دولار للبلدان المستفيدة بغية توجيهها للصحة والمساعدة الاجتماعية ولكنها لم تشمل الدائنين الخصوصيين ولهؤلاء محفظة ديون وافرة مستحقة على البلدان الفقيرة.
تثير هذه الإجراءات اليوم جدلا واسعا بين الاقتصاديين حول جدوائيتها وعدالة معاييرها فالناتج الداخلي الخام للفرد لا يعدو كونه معيارًا تقريبيا لقياس الثروة دون إعطاء اهتمام لتوزيعها وبالتالي للفوارق التي تلاحظ داخل المكونات الاجتماعية لكل بلد والحال أن الأسلم والأكثر إنصافا كان لو تم الاحتكام لمعايير التنمية البشرية ومستوى التجهيزات العمومية والتغطية الصحية والمدرسية.
على العموم لا يتعلق الأمر إلا ببداية طريق طويل فلا خيار للبلدان الغنية إلا محو الجزء الأكبر من مديونية البلدان الفقيرة التي تصارع اليوم من أجل البقاء وسط أزمة جائحة كورونا فلن يكون هناك مستثمر من البلدان الغنية معني بالاستثمار بين الأنقاض والحاجة لإنقاذ البلدان الفقيرة هي بذلك حاجة للاقتصاد في البلدان الغنية.
ستستفيد موريتانيا ضمن الجهد القادم لتخفيف المديونية ولا شيء يمنعها أيضا من الاستفادة من آلية التمويل الطارئة لصندوق النقد الدولي حين تقدم طلبها فقد أعلن صندوق النقد الدولي أنه حتى بعد تعليق سداد الدين الذي قررته مجموعة العشرين تظل إفريقيا تحتاج 44 مليار دولار على وجه الاستعجال لسد فجوة التمويلات. لكن من المهم جدا بالنسبة لموريتانيا أن تُكثف الإنفاق العام في الصحة والتغطية الاجتماعية وشبكات الأمان ومن المهم جدا عدم مراعاة هدف التوازن الميزانوي فالحالة استثنائية بكل المقاييس ويمكن توظيفها للحد من الآثار الآنية أولا ولانتشال أكبر عدد من المعدمين الرازحين تحت الفقر ثانيا. بإمكاننا توظيف حضورنا في آلية مجموعة الخمس للساحل للحصول على التمويلات فالمعركة ضارية حول قصعة الموارد. يتواصل