الحوار السياسي، مبررات التفاؤل / سيد أحمد ابوه

علمتنا تجارب المتابعة أن الإنسان السياسي الموريتاني لا يجيد غالبا فن الاستماع فهو يخطب ويطنب أكثر مما ينصت وهذا ما أثر ويؤثر على نتائج الحوارات. ربما أن لهذا علاقة ببيئتنا البدوية وبموروثنا السلوكي وشخصيتنا الثقافية التي تشكلت عبر كل تلك التفاعلات وهو أمر يظل مستغربا بالنظر للمكانة البارزة للشورى والتشاور في ديننا الحنيف وكيف أننا جانبنا تلك المكانة حين ولجنا للتعاطي السياسي.
يحتدم الجدل حاليا حول إشكالات بالغة الأهمية لارتباطها بهوية البلد ونجاعة منظومته التعليمية والإدارية وبالتالي التنموية وإذ أنأى بنفسي لحد الساعة عن هذا الجدل رغم جوهرية مواضيعه فإني مقتنع أن الحوار كأي أمر من أمور الحياة يحتاج ليترسخ كثقافة قدرا كبيرا من التمرين على قبول الاستماع للآراء المخالفة والتنازل عند الاقتضاء إنقاذا للتوافق وسعيا لإبقاء نوافذ مفتوحة لطَرْق ما لم يتم التوافق بشأنه ولو في مرحلة قادمة دون أن يُعطّل ذلك مسار تنفيذ ما تم حسم الخلاف بشأنه.
سيُفرغ بعض أطراف الحوار شحنات غضبه في وجه محاوريه والذين يفترض منهم في تلك اللحظة  إبداء مرونة كبرى والتحلي بسعة باع وماهي إلا ساعات أو أيام وسيكتشف كل طرف أن الطرف الآخر حول طاولة الحوار ليس عدوًا يجب التخلص منه بل هو شريك وإن اختلفت الرؤى وستقتنع جل الأطراف أن ما يجمعها من مشتركات أكثر مما يفرقها من خصوصيات وأن الحوار متى ما خلصت النوايا هو تماما كالوطن يسع الجميع ويتسع لكل التباينات وهو السبيل الأمثل إن لم يكن الأوحد لسبك حلول توافقية ومستدامة لمعضلات الوطن، وما أكثرها.
لم تكن الحوارات الماضية كلها فشلًا كما لم تكن كلها نجاحات وعلى ذلك يمكن قياس سقوف التوقعات الواقعية من الحوار القادم. نعم الحوار يحقق هدفه الأول بمجرد أن ينعقد، ثم يحقق أهدافا أخرى بمجرد الوصول إلى توافقات وأخيرا يحقق مكاسب للوطن حين يتم تنفيذ الخلاصات.
نعم لنا الحق أن نتفاءل بالحوار المنتظر.
وفق الله الجميع لما فيه مصلحة موريتانيا.

29. أكتوبر 2021 - 22:26

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا