فلسفة غزواني ( 1) : هكذا أدار الرئيس الأزمة / محمد أفو

خاطب الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز أحد عماله بالرسالة التالية :
  " لا بدَّ للرجل من المسلمين من مسكن يأوي إليه رأسه وخادم يكفيه مهنته، وفرس يجاهد عليه عدوه، وأثاث في بيته، فهو غارم فاقضوا عنه".

وفي عام الرمادة خاطب عمر الفاروق رضي الله عنه عماله على الأمصار بالرسالة التالية " واغوثاه واغوثاه"

ولا فضل للمغيث على المسغيث، لا فضلا ولا رشدا.

ففضل الفاروق مقدم على سميه وسبطه عمر بن العزيز، وإن اختلف الفعل نتيجة الفرق بين الرخاء والشدة لا الفرق بين نجاعة ولا حكمة ولا فضل الحاكم.

لو كان مدونونا وساستنا يعيشون في زمن بن الخطاب رضي الله عنه لوسعتهم اللغة لتحميله مسؤولية اسوداد وجه الأرض من القحط عام الرمادة.
لكن الزمن يبتلى بمزامنيه كما يبتلى الشجاع بالجشع.

سأتحدث عن هذا النظام الذي دعمته منتظرا أملا لا يقوم على معطيات استنكار ما سبقه ولا تبخيس أسلافه.
ففلسفتي تقوم على إصلاح العطب الحاصل بثقة الأمة بكيان الدولة.
لذلك كنت ولا زلت أتجنب تبخيس القادة ونقد تفاصيل التسيير، مكتفيا بمتابعة المسارات العامة لأي نظام ووضعها كمحصلة في ميزان التقييم الختامي، وتلك فلسفة اعتبرها مدينة للديمقراطية بحق المنتخبين في الوقوع بأخطائهم أثناء عملهم.

لذلك مثلني خطاب الأول من مارس في حيثية الإعتراف لكل قادة البلاد بالمعروف وتفهم دوافع التقصير.

عند انطلاق مأمورية الرئيس الحالي كنا جميعا ننتظر تنفيذ كامل برنامجه.
كانت المعطيات في تلك اللحظة مختلفة عنها الآن.

وكنت على علم بصعوبة تلك التحديات لكنني - وككل الداعمين لهذا النظام - أخذت التزاما من الرئيس بأن تكون التعهدات واقعية وقابلة للتنفيذ.

وهذا ما حصلنا عليه عند نشر برنامج تعهداتي الذي صرح المتعهد به أنه لن يكون افضل برنامج يعرض في الحملة الرئاسية لكنه فضل الالتزام بما يعلم يقينا أن بوسعه تنفيذه.

لم تتوقف المشاريع المبرمجة في العام الأول بالرغم من توقف التمويلات وتعثرها وتدني دخل الدولة من الضرائب والجمرك،نتيجة جائحة كورونا.
كما لم تتوقف أو تتأجل هذه المشاريع نتيجة التمويلات الضخمة المخصصة لمعالجة آثار كورونا.

لقد تحولت أنظارنا كداعمين لهذا النظام من انتظار ثورة في البنى التحتية والتوظيف والتشغيل والتنشيط الاقتصادي، إلى النظر في إدارة الأزمة الطارئة مستحضرين ما يستدعيه ذلك التحول من تحيين لبعض الأحلام والبرامج.

فالمستثمر وضع يده على جيبه، والممول أجل تمويله إلى إشعار آخر والدولة تنفق في برامج مستحدثة بعد برنامج تعهداتي.

لذلك وجدنا أنفسنا أمام تقييم إدارة الأزمة من ناحية وتقدم برنامج تعهداتي في نفس الوقت ووفق كل المعطيات الطارئة.

السياسة والحسابات الشخصية ستكتفي بنفخ كير التنمية والمشاريع الكبرى، بينما الواقعية ستعنى بمسار كامل من الأحداث وما يمكن أن يترتب عليه من نتائج.

1 - لم يسرح العمال في القطاع الخاص تسريحا جماعيا كما حصل لأكثر من نصف عمال العالم.

2- لم تتأخر رواتب العمال في القطاعين العام والخاص عن مواعيدها.

3 - تواصلت وتيرة التوظيف العام.
4 - تواصلت كل البرامج المقرة في ميزانية 2020.

5 - استحدثت برامج ضخمة لمعالجة آثار الأزمة ونفذت دون تعثر في المشاريع المبرمجة.

6- لم تفلس شركة واحدة في القطاعين العام والخاص، كما حدث في اغلب دول العالم.

7- لم تتأثر الاستثمارات الصغيرة وظلت حركة التجارة في الأسواق بنفس الوتيرة والجدوى.

8 - ارتفعت نسبة النجاح في البكلوريا إلى الضعف نتيجة جهود وبرامج الوزارة المعنية.

9 - ظل انتشار الجائحة في حدود ضعيفة مقارنة بالمحيط الإقليمي والدولي وظلت الأرقام منبئة عن نجاعة جهد كل القطاعات المعنية .

10 - نجاح مشهود في مسار المصالحة الوطنية على المستويين، الاجتماعي و السياسي. 

11 - نجاح مشهود في حلحلة المظالم العالقة ورد الاعتبار والحقوق للمظلومين .

والقائمة طويلة تفصليا وإيجابية في العموم.

يبقى أن أختم بأن التقييم والمحاسبة يقتضيان معايير عقلانية للتفريق  بين عام الرمادة حيث استغاث الفاروق وهو من هو كفاءة وصدقا واستقامة، وبين عام عمر بن العزيز حيث الرخاء. 

ولكل مجتهد نصيب من الإصابة والخطأ.

.. يتبع

8. يوليو 2021 - 1:17

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا