ولاية تكانت.. الواقع المزري والأمل المفقود..! / محمد حسن ولد أمحمد

سنوات عديدة متلاحقة محق الجفاف خلالها جزءا كبيرا من الثروة الحيوانية ودمر البيئة وساهم بشكل واسع في زحف الرمال والتصحر، ناهيك عن الخسائر التي خلفها الجفاف المتواصل منذ أعوام على المنتوج الزراعي وجفاف الآبار ومخازن المياه .
ظهر تأثير هذه الكارثة البيئية جليا في  ماشهدته ولاية تكانت خلال هذه الأعوام من هجرة كبيرة للسكان  الذين كانت حياتهم ومصادر رزقهم ترتبط بشكل كبير بالنشاطات الرعوية والزراعية وباتت تكانت الآن بيئة طاردة بالنسبة لهم ، وعلى مستوى الولاية لا توجد أرقام رسمية من الجهات الوطنية المختصة حول المساحة المزروعة في الولاية ، وحول انتاج الولاية من الحبوب مع الحاجة إليها ومع استمرار تراجع المنتوج المحلي من الحبوب والمواد المزروعة بشكل عام .
ومع تزايد حدة الجفاف وانتشار رقعة التصحر في الولاية تراجعت الثروة الحيوانية في الولاية كثيرا وبلغ عدد الأبقار في الولاية حسب المكتب الوطني للإحصاء سنة 2010 قرابة 35000 رأسا ، والضأن والماعز 400000 رأسا ، والإبل 70000 ألف ومن الجدير بالذكر أن الولاية لا تحصل إلا على جزء بسيط من الأعلاف سنويا لا يغطي نصف حاجتها مع تزايد رقعة التصحر وندرة الأمطار!
رغم أن عدد سكان الولاية لا يتجاوز حسب المركز الوطني للإحصاء سنة 2010 : 85819 نسمة إلا أن مشاكل سكان الولاية تزداد يوما بعد يوم في غياب أي مساعي حقيقية من السلطات المحلية لحلها ، يتوزع سكان الولاية بين 3 مقاطعات و10 بلديات  250 تجمع سكاني يعاني معظمها من العزلة الخانقة ولا تتوفر الولاية إلا على 216 كلم من الطريق المعبدة ومعظم قراها وتجمعاتها السكانية مهمشة وتقطع العزلة الخانقة أوصالها ، وما يزيد وضع هذه الولاية سوء ما تعانيه من ندرة الخدمات الصحية وانعدامها في معظم مناطق الولاية حيث لا يوجد فيها إلا مستشفى واحد فقط في تجكجة عاصمة الولاية وهو لا يكفي لاستيعاب المرضى داخل المدينة ولا يتسع للوافدين إليها من داخل الولاية !
كما أن ولاية تكانت تضم 3 مراكز صحية و18 نقطة صحية فقط على اتساع الولاية وتباعد المسافات بين قراها ومدنها حسب المركز الوطني للإحصاء 2010 ، يتوزع بين هذه المرافق الصحية 3 أطباء و133 عامل صحة فقط مما يوضح بجلاء العجز الكبير في الأطقم الصحية في الولاية .
وضع التعليم في الولاية ليس أحسن حالا للأسف ، بل يمكن اعتباره أيضا وضعا مزريا يهدد بهجرة متسارعة لسكان الولاية وتدل الأرقام الرسمية على هشاشة البنية التحتية للمؤسسات التعليمية في الولاية والنقص الحاد  في الكادر البشري لهذه المؤسسات ، فقد بلغ عدد المدارس التعليم الأساسي حسب الإحصاءات الرسمية سنة 2009-2010  : 203 مدرسة وعدد المدرسيين 530 مدرسا فقط وعدد تلاميذ التعليم الأساسي في الولاية 18443 !
بينما تتجلى مشاكل التعليم الثانوي في الولاية في توفرها حسب إحصاء 2010على 10 مؤسسات تعليم ثانوي فقط ل 1271 من التلاميذ وعدد المدرسين 133 مدرسا فقط !
مع كل عوائق التنمية التي تبدو جلية من خلال هذه البيانات المؤسفة حقا والتي تعبر بشكل واضح عن مدى سوء الوضع الذي وصلت إليه الأوضاع المعيشية في الولاية وتراجع القدرة الشرائية للسكان وانتشار البطالة وتفشي الفقر المدقع في صفوف المجتمع ، مازالت ولاية تكانت تنتظر على الهامش وعود السيد الرئيس وتعهداته لها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ،و يحدوهم الأمل في إصلاح جذري شامل يفك العزلة عن قراهم وتجمعاتهم السكنية ، ويوفر لهم مؤسسات وطواقم تعليم ملائمة ، يعيد الاعتبار إلى الثروة الزراعية ويدعم المنتوج المحلي من الحبوب والخضروات ، الإضافة إلى إنشاء وترميم السدود وتسييجها ودعم المناطق الزراعية ، ويعيد الحياة إلى الثروة الحيوانية بواسطة توفير الأعلاف والأدوية البيطرية وإيقاف موجة التصحر التي تهدد المساحات الخضراء والمراعي في الولاية .
كما توضح البيانات السابقة أن الولاية تعاني من وضع صحي بالغ الخطورة يقتضي التدخل السريع خاصة مع انتشار وباء كوفيد 19 والحاجة الماسة إلى أطقم صحية على قدر الحاجة الملحة لمواطني الولاية .
 

30. مارس 2022 - 18:53

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا