أولا ألخص مصائب موريتانيا من استقلالها حتى الآن فموريتانيا قد أصيبت بنكستين قاتلتين والأخيرة منهما ما زلنا في سكراتها الأولى حرب الصحراء والثانية محاولة جنود شريحة بولار الانقلاب على معاوية ولنعد إلى التفصيل فقبل الحرب أي ما بعد الاستقلال الذي قيض الله فيه لموريتانيا رجالا أكفاء أعفاء نزهاء على طول الخط وأنبتوها نباتا حسنا رغم جميع المعوقات : البداوة ،المغرب ، وعدم إرث أي مرافق من الاستعمار ولكن لطيب طوية رجالنا بجميع ألوانهم ولغاتهم آن ذاك صرنا وكأن دولتنا ولدت رجالا بالغين أشداء فبدأنا دولة نصلح بين الدول وتعتبرنا الدول أيما اعتبار الخ ما نعرف جميعا عنا آن ذاك حتى قضى الله بالكارثة الأولى وهي حرب الصحراء التي سببها أصلا فكرة وطنية نادرة الاستخراج .
الأمن فكر وطنى طاهر أعاد إلينا نصف أرضنا وشعبنا الشنقيطى بسلمية من دولة قوية كانت تدعى أننا جزء منها وكانت النظرة الباصرة أننا عند التلاحم في الصحراء سيسهل كل شيء من اللقاء المباشر وتلك حقيقة لا ينكرها إلا جهول حقود إلا أن الجزائر وحدها وقفت دون ذلك عن حقد طبيعى لا راد له عنها وإلى الأبد إلا الله وعندما وقع الآن الانقلاب وكان أحسن مخرج من قتال بين الإخوة والأهل وطبعا كان الانقلاب مأذونا فيه كما هو واضح وبدأنا في يد غير شرسة ولكن لا تعرف إلا اختصاصها فالعسكريون الأول هم كذلك نزهاء الفكر أعفاء اليد والجيب ولكن التفكير في أي تنمية وأي تنويع اقتصادى أو رجوع إلى ثقافة وطنية وكل هذا كان مبرمجا بحكمة وبصيرة فيعلم الجميع أننا قفزنا من دولة ينفق عليها المستعمر إلى دولة تخطط لاستقلال كامل الأركان فضاعفنا الأطر فأصبح مع كل وال إتحادي ومع كل حاكم رئيس مكتب حزب والشباب والنساء وكل براتبه وفى مجال الصناعة بدأ مشروع السكر وتأميم ميفرما والتنمية الفلاحية زراعة الأرز ومشروع بحيرة الاك وفى مجال الثقافة الوطنية إصلاح ٧٣ ومؤتمر لعيون إلى آخره.
ومع ذلك فكر نقي لا عنصرية فيه ولا ذكر للشرائح الجميع يمشى الهوينا مترابطا ومتضامنا اجتماعيا الخ ما كان يتحلى به الجميع وبعد أن دمرت الحرب هذا كله وذهب الرجال خلف من بعدهم خلف لا شك طيبي الأنفس ولكن لا يعرفون إلا مهنتهم كما أن الله ابتلاهم آن ذاك بحركات مدمرة تجوب العالم يسارية وقومية خاوية الوفاض لا تحسن إلا النفخ الصوتي بأفكارها وأصبح كل فكر القادة الجدد الطيبون ينحصر في محاولة
بقاء الموجود وخشية الانقلابات فكلنا يتذكر ما اكتشف من لابسى البذلات العسكرية وشبه العسكرية والمدنيين أصحاب الثقافة الموجة الكل يريد السلطة أولا وولاؤه خارج الوطن.
فنحن الآن جالسون في مكاننا سنة ٦٥ ناقص رجال أمل المستقبل لا فكرة في أي تنمية
من أي نوع مع أن عندنا خامها من كل صنف ولكن أين المفكرون والبناة المخلصون
فنحن فقراء في كل شيء ولكل شيء كما قال السيد الرئيس لأن خيرات أرضنا لم يستخرج منها إلا ما هو مطلوب للاستهلاك الوقتي فاكتفينا منه بما تتفضل علينا به الشرائك الأجنبية لتسيير حياة رأسماليينا والآخر تحوله الشرائك إلى أوطانها باستثناء بقشيش للمسؤول المباشر أو معه آخر.
وهذا الواقع دون ذكر سببه نسيانا أو تجاهلا يفسر خطاب مدريد للسيد الرئيس نعم فقراء للسبب أعلاه فالسماء لا تمطر ذهبا ولا رجالا منتجين أعفاء لا هم لهم إلا رفاهية الشعب ونموه ووطنيته فالرئيس لم يصرح إلا بالواقع الذي لم تغيره الأماني ولا كتابة الملاحظات المؤيدة أو المستنكرة بل يغيره فقط إحياء وبناء ما دمرته النكسة الأولى بالحرب و الثانية بديمقراطية زائفة فوضوية لا رجال فيها وانفلات إداري وحرية قاتلة وعلى العموم فوضوية تسيير أعمى يلعب ببناء الدول وأمنها بل وكيانها من أصلها الخ
ما جاء معناه في خطاب المدرسة الإدارية التي أصبحت هي الأخرى غزوا ثقافيا لا يلد إلا الجمرة فغالبيتهم متفرنسون عملا فاقدون للوطنية متربصون بنهب المستطاع خيانة وما كثرة عدد هذه الدفعة وتنوعها ذكورا وإناثا إلا مطر السوء على الدولة لفرنستهم فمن لم يسمع أبدا في تعليمه قوله تعالى :ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة لا يرجى من تسييره سلوك الطريق المستقيم دون أي انحراف فاستعمال الفرنسية والاستغناء بها عن العربية يقال له اشتراء الحياة الدنيا بالآخرة ومن يشك فى ذلك
فليذهب إلى متقاعديهم احدهم يتقن اجترار الماضي والآخر معه الوسيلة إلى ربه وهي الإيمان وحده المبني على الدليل النقلي والعقلي ولا عبرة باستثناء الآحاد وفى كلمة الإصلاح الموالية ان شاء الله سنبدأ بشرح هذه الفقرات الأخيرة ومبرراتها والتي بدأ فعلها من انقلاب معاوية على كيان الدولة برمته بعد أن خاف على نفسه من أوربا إثر الأحداث من مصير قادة العرب الذين وجدهم لا يملكون لأنفسهم حتى في الدنيا ضرا ولا نفعا كما قال الشاعر : وإنما يراد الفتى كما يضر وينفعا ومازالت آثار ذلك الانقلاب سارية المفعول وهو وحده الذي تعنى آثاره خطاب المدرسة الإدارية وإن كان الرئيس لم يبين أصل الكارثة المستمرة وحقيقتها فلنبدأ بذكر بداية أسبابها أصلا في آخر هذا المقال لنكمله إن شاء الله في المقال الثاني كما سبقت الإشارة إليه فبعد أن قام كثير من جنود الدول الإفريقية صغيري الرتب بانقلاباتهم ونجحوا فكر أمثالهم من شريحة شباب بولار خاصة في الانقلاب على معاوية بعد أن كان أفضل عسكري حضري متمدن حكم البلاد بحضارته وإرادته وعفته فخلق على الأقل تسييرا اقتصاديا علميا بحث عن أهله لكن هؤلاء الجنود خططوا للانقلاب عليه انقلابا عنصريا جهنميا لا يبقى ولا يذر وعندما سلم الله منه تحول الرئيس إلى هارون الرشيد وسمى بولار عسكريين ومدنيين بالبرامكة حتى فعل ما نعرف جميعا ولكن دون مشاركة أي مدني بل تأثر كثير من الجيران على جيرانهم وبادئ الأمر أراد معاوية أن يعود بموريتانيا إلى أصلها العربي فعرب وظيفتها ولغتها ومدرستها ولكن عند ما قامت السنغال بمد ذراعها بلونه الخاص به وساندتها فرنسا والتفت هو إلى العرب فوجدهم كلهم غثاء كغثاء السيل إلا المرحوم صدام حسين أحسن الله آخرته
أما الآخرون فكلامهم نفخة في فنجان فقام بانقلابه على الدولة انقلابا تدميريا ما زال هو
المعمول به وسيتضح كل ذلك بإذن الله في المقال الموالى الشارح لسبب خطاب الرئيس في المدرسة الإدارية.