في خطابه بمناسبة تخرج دفعة من التلاميذ الموظفين خريجي المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء، كان فخامة رئيس الجمهورية واضحا وصريحا، عبر بلغة يفهمها جميع المواطنين - على اختلاف مستوياتهم ومداركهم – عن عدم رضاه عن أداء الإدارة، وأبدى للمواطنين أنه على اطلاع ودراية بهمومهم ومشاكلهم، ولديه تفاصيل التفاصيل بكل ما يتعرضون له داخل الإدارة والمرافق العمومية؛
ومنذ 24 مارس والمتابعون للشأن العام يترقبون تبعات ما جاء في الخطاب من مضامين توحي بتغيير قادم وشامل في الجهاز الحكومي والمؤسسات العمومية والإدارات المركزية، وقد تجسدت أولى تجليات هذا التغيير في تقديم معالي الوزير الأول محمد ولد بلال لاستقالة الحكومة، وتكليفه من جديد بتشكيل حكومة جديدة هدفها الأول القرب من المواطن والسعي لخدمته، فقد دخل 15 وزيرا أغلبهم رجال إدارة عرفوها وعملوا بها لعقود، وآخرون رجال سياسة خبروا دهاليز مراكز صنع القرار، وآليات التأثير في الجماهير، وخاضوا غمار العواصف السياسية، وعواقب الخرجات الإعلامية، وسيكونون - جميعا - إضافة نوعية للجهاز الحكومي تدفع به إلى الأمام لتجسيد تعهدات فخامة رئيس الجمهورية على أرض الواقع، وتسلط الأضواء على ما تم إنجازه خلال المأمورية من خدمات اجتماعية وبنى تحتية، وإصلاح للإدارة ورفع للظلم وبسط للأمن، وتعامل مع الكوارث العالمية التي أثرت على عجلة الاقتصاد، والنزاعات الاقليمية التي قد تمس الأمن الوطني.
وبالمجمل فقد كانت حكومة معالي الوزير الأول محمد ولد بلال مسعود حكومة خالية من رجال الفساد وما يسميه البعض بعقدة التدوير، وتجسدت فيها معالم التغيير في ظل الاستقرار، تغيير لم يستهدف حزبا سياسيا ولا جهة ولا إيديولوجيا، بل يتضح أنه تغيير يسعى صاحب الفخامة من خلاله إلى تقريب الإدارة من المواطن وإكرامه وتأدية واجباته، دون ضجيج ولا ثرثرة، وهي سمة اتصف بها فخامة رئيس الجمهورية منذ إعلان ترشحه وزكى المواطنون برنامجه الانتخابي على أساسها، فالتغيير في ظل الاستقرار أعلى شأنا وأكثر قيمة ونفعا للمواطن من الاصطدام والفجور.